ما هي الديدان المفلطحة؟
تُعتبر الديدان المفلطحة أكثر الشعب بدائية مقارنة بجميع الديدان الأخرى التي تشمل المملكة الحيوانية، وتتميز بظهور طبقات عضلية متخصصة وذلك في أيّ منطقة من النسيج الحشوي الميزانشيم بدلاً من قصرها على طبقتي الإكتوديرم والتماثل الجانبي أكثر ملائمة للحركة النشطة إذا قورن بالتماثل الشعاعي، كما أن الحركة النشطة أو السباحة تكون حافزاً لنشوء أعضاء حسية أفضل، وتحكم وتآزر عصبي أقوى.
تكون الديدان المفلطحة حرة المعيشة أو متطفلة، إذ إن التطفل من الأمور الشائعة في المفلطحات، ويصاحب ذلك ميلاً لفقد بعض التراكيب التي توجد في الحيونات الحرة لتلائم حياة التطفل، كما ارتفعت القدرة التكاثرية لتلائم حياة الطفيلي وتضمن استمراريته، وتأقلم الكثير من الطفيليات المعيشة في أكثر من عائل.
مميزات الديدان المفلطحة:
جميع الديدان المفلطحة يطلق عليها اسم مفلطحة من أعلى والأسفل وتتميز بالتالي:
- يتكون الجسم من ثلاثة طبقات إكتوديرم خارجي، إندوديرم داخلي وبينهما طبقة ميزودرمية خلوية، ولكن لا يوجد تجويف جسمي مثل السيلوميات الكذبة والسيلوميسات.
- ذات تماثل جانبي، مع وجود نهاية أمامية وأخرى خلفية وسطح ظهري وآخر بطني.
- الجسم مبطط من أعلى لأسفل ومن ذلك اشتق اسمها.
- الجهاز الهضمي بدائي له فتحة واحدة للخارج هي فتحة الفم ولا توجد فتحة أست (فتحة الشرج).
- الجهاز العضلي جيد التكوين وهو عبارة عن غلاف ينشأ أصلاً من طبقة الميزودرم ويكون طبقات عضلية دائرية وطولية تحت طبقة البشرة إضافة إلى الألياف الميزانشيمية العضلية، ويسمح ترتيب العضلات للديدان المفلطحة أن تغير شكلها باللتواء أو التفلطح ثم تعكس ذلك بدرجة لا يمكن أن تقوم بها اللاسعات.
- يتكون الجهاز العصبي من زوج من العقد العصبية الأمامية والأحبال العصبية الطولية المتصلة بعضها ببعض بأعصاب عرضية توجد في النسيج الحشوي.
- يتركب الجهاز الإخراجي من قناتين جانبتين مع مجموعة غريزة من الأفرع التي تنتهي بالخلايا اللهبية.
- لا يوجد جهاز هيكلي أو تنفسي أو دوري.
- أعضاء الحس بسيطة، وقد توجد بقع عينية في بعضها، أما في الأنواع المتطفلة فتختزل أعضاء الحس.
التركيب العام للديدان المفلطحة:
1- جدار الجسم:
يختلف تركيب جدار الجسم في كل من الديدان المفلطحة حرة المعيشة والمتطفلة، ففي ديدان البلاناريا الحرة المعيشة تتكون البشرة من طبقة واحدة من خلايا مكعبة يليها غشاء قاعدي وتكون خلايا البشرة على السطح البطني مهدبة وتحتوي على أجسام شبيهة بالقضبان، ويطلق عليها العصى رابيدوس، والتي عند انطلاقها في الماء تنتفح وتكون غلافاً جيلاتينياً واقياً حول الجسم، إضافة إلى ذلك توجد خلايا مخاطية بين خلايا البشرة، أو توجد تحتها وتفتح للخارج، ويلي البشرة طبقة من الألياف العضلية مرتبة في ثلاث طبقات دائرية ومائلة وطولية، وتملأ الفجوات حول الأعضاء المختلفة شبكة من خلايا برانشيمية، أما في الأنواع المتطفلة مثل الفاشيولا والتينيا، فيتميز جدار الجسم بخلوه من الأهداب ووجود طبقة أهداب سميكة.
وتوضح الدراسة بالمجهر بأن الجُليد يتركب من مادة بروتوبلازمية حية على هيئة مدمج خلوي تحتوي على حبيبات إفرازية وميتوكوندريا والتي تمثل امتداداً لطبقات أكثر عمقاً من خلايا ذات أنوية وهي خلايا التي يفرزها الجُليد كالدودة الكبدية تكون طبقة الجُليد الخارجية ملساء ومزودة بشوكيات صغيرة حادة تتجه للخلف وتعمل على تثبيت الدودة في الأنسجة داخل العائل، أما الديدان الشريطية كالتينيا فتحتوي الطبقة الخارجية على حميلات دقيقة تعمل على زيادة سطح الامتصاص ويحتوي الجُليد على أكياس ارتشاف وشبكة سيتوبلازمية، أما في الطبقة الداخلية فتوجد المايتوكوندريا ويرتكز الجُليد على غشاء قاعدي تليه طبقة العضلات الدائرية ثم الطولية وقد تكون هناك طبقة من العضلات المائلة وتوجد في الطبقة المتوسطة عضلات ظهرية بطنية تصل السطح الظهري بالبطني؛ وذلك لتساعد في بقاء شكل جسم الدودة المبطط ثابتاً وتقع الخلايا الميزنشيمية تحت الطبقة العضلية وتتركب من خلايا كبيرة متفرعة بها شبكة من الألياف، وبها فجوات مملوءة بالسوائل، ويملأ النسيج الحشوي الفراغات بين الأعضاء المختلفة وجدار الجسم ويعمل النسيج الميزنشيمي كهيكل هيدروستياكي لا يمكن تغير شكله بسهولة مقارنة بالسوائل التي تملأ الفجوات.
2- الجهاز الهضمي:
يتركب الجهاز الهضمي في الديدان المفلطحة الحرة كالدوجيزيا، من فم يؤدي إلى بلعوم قد يكون عضلياً ويمكن قلبة للخارج، ويعمل كأمعاء أمامية ويؤدي البلعوم إلى مريء قصير يتصل بالأمعاء التي قد يكون لها فرعان أو ثلاثة فروع أعورية، ويتركب كل أعور من عدد كبير من الجيوب الأعورية لزيادة سطح الهضم والامتصاص ويبطن جدار الأمعاء أو التجويف المعدي خلايا إندودرمية عمادية كبيرة تنتشر بها الخلايا غدية وتحيط بها طبقة رقيقة من العضلات.
3- الجهاز العصبي:
الجهاز العصبي في الديدان المفلطحة الطفيلية فقد اضمحلت الأعضاء الحسية أو أختفت تماما حييث؛ إنها تعيش في الطور اليافع على وجه الخصوص في بيئه ثابته ومحمية من المؤثرات الخارجية، أما الأطوار التي تعيش معيشة حرة فهي مجهزة بأعضاء حسية.
4- التنفس:
لا توجد أعضاء متحصصة للتنفس، إذ يتم التنفس وتبادل الغازات التنفسية من خلال سطح الجسم إلى الماء المحيط ويتم ذلك في ديدان البلاناريا حرة المعيشة، وممّا يساعد على الانتشار هو جدار الجسم رقيق، أما في الديدان المتطفلة كالفاشيولا والبلهارسيا فإنها تمتص الأكسجين من الدم والأنسجة المجاورة، وتعيش دودة الفاشيولا تحت ظروف لاهوائية نسبياً حيث لا يكون الأكسجين في الكبد عالي التركيز، وفي هذه الحالة تتم عملية التنفس لا هوائي حيث يمر الجليكوجين بعملية تحلل يتبعها أكسدة لاهوائية ويتكون حمض البيروفيك.
تتم إزالة الكربون من حمض البيروفيك ليكون ثاني أكسيد الكربونومجموعة أستيلية، وتتحد الأخيرة مع مساعد الإنزايم ليكون الأستيل مساعد الإنزيم، الذي يتكثف ويكون أحماضاً دهنية وبذلك يكون نتيجة التنفس ثاني أكسيد الكربون والأحماض الدهنية التي يتم إخراجها؛ حيث إنها تذوب وأقل تفاعلاً من حامض اللبنيك؛ وتكُّون الناتج النهائي الذي يقوم جهاز الإخراج بالتخلّص منه.
5- التجدد:
إن عملية التجدد من أهم العمليات الحيوية في الكائنات الحيوية في الكائنات الحية، والتي تكون من مميزات الحيوانات الدنيا، أما في الحيوانات الراقية فعملية التجديد محدودة؛ لذلك فأن لدراسة هذه الظاهرة يلجأ العلماء لاستخدام الحيوانات لفهم ميكانيكية هذه العملية، ولقد سجل العلماء قدرة التربلاريا مثل دودة دوجيزيا على التجديد فأيّ جزء من الحيوانات يمكنه أن يجدد الأجزاء المفقودة وينمو إلى حيوان كامل وقد يحدث ذلك في الحياة الطبيعية، إذ إن حلال حركة الدودة قد تقطع أجزاء منها إذا قابلها عائق، وتكون النتيجة أن جزء مقطوع يجدد الجزء الذي فقده.
كما يمكن دفع الدوجيزيا للتجديد تجريبياً فإذا شق الحيوان إلى اثنين في الجزء الأمامي ويترك ليختفي فتكون النتيجة تكوين حيوان ذي رأسين بنفس الطريقة يمكن الحصول على دودة ذات 3 رؤوس إذ شق جزؤها الأمامي إلى 3 أجزاء وقد وجد أن القدرة على التجديد تغزى إلى خلايا معينة في البرانشيمية تُسمّى النيوبلاستات والتي تحتفظ بقدرتها الجنينية، ويمكن أن تتكاثر لتعوض الأجزاء المفقودة ولقد وجد أنه إذا قطعت دودة الدوجيزيا إلى أجزاء تهاجر خلايا النيويبلاست إلى الجزء المقطوع لتكون ما يعرف بالبلاستيما التي تنمو بدلا من الجزء المفقود وإذ تم تدمير خلايا النيوبلاست باستحدام الأشعة السينية تفقد الدودة قدرتها غلى التجدد، ومن المُرجّح أن خلايا النيوبلاست تنجذب إلى الجزء المقطوع بفعل مادة كيمائية والتي لا يتم تكوينها بعد تكوين البلاستيما.
ولقد استحدم العالم تشايلد التجديد في البلاناريا ليثبت نظرية التدرج المحوري وطبقا لهذه النظرية يوجد تدرج أمامي خلفي ذات طبيعة فسيولوجية؛ حيث تكون عمليات الأيض أعلى ما يمكن عند الطرف الأمامي ثم تقل ناحية النهاية الخلفية ففي أيّ جزء مقطوع تتكون الرأس عادة في الجزء الأمامي ذات المعدل الأيضي العالي، أما مؤخرة الحيوان فتتكون في الجزء الخلفي ذات المعدل الأيض المنخفض ومن الطريف وجد أنه إذا قطع جزء ضيق من إحدى ديدان البلاناريا بعد الرأس مباشرة فتتكون دودة ذات رأسين على كل سطح حيث إن لهما نفس معدل