التطور الجنيني المبكر ومنشأ الأعضاء في النباتات

اقرأ في هذا المقال


في النباتات الوعائية عادة ما يحدث تكوين الجنين أو التطور الجنيني في غضون ساعات قليلة بعد الإخصاب مع أول انقسام للخلية يشق البيضة الملقحة أو البويضة المخصبة إلى خليتين ابنتيتين، وبعد ذلك يوفر الانقسام الخلوي السريع اللبنات الأساسية للأعضاء الأولية للطور البوغي للجنين وهما: الجذر الأول والأوراق الأولى وقمة النبتة، يمكون أيضًا إنتاج هياكل مؤقتة معنية بتغذية الأجنة حيث المعلق والقدم، كما تنشأ هذه الأعضاء من استقطاب نشأ في وقت انقسام الزيجوت اي اللاقحة، ولكن تفاصيل تطورها تختلف اختلافًا كبيرًا بين المجموعات المختلفة.

التطور الجنيني المبكر في الطحالب

في الطحالب ينقسم الزيجوت في مستوى بزاوية قائمة على محور الرحم البدائي للنبات، وتشكل الخلية البنت في اتجاه العنق خيطًا قصيرًا من الخلايا حيث المعلق، كما تؤدي الخلية الداخلية إلى ظهور الأعضاء الأخرى للجنين وهي الجذع والجذر والقدم، ويميل محور الجنين إلى محور الأرحم البدائي وقد يكون تقريبًا في زوايا قائمة، وهذا على النقيض من سلوك الطحالب الحقيقية حيث يتم توجيه الجنين على طول الرحم البدائي.

ومع توجيه القدم إلى الداخل والهياكل التي تعادل التبرعم أي كبسولة البوغ وساقها موجهة نحو الرقبة، وتظهر قطبية مثل تلك الموجودة في الطحالب في ذيل الحصان حيث تنقسم البيضة الملقحة بجدران عرضية وطولية لتشكيل مجموعة من أربع خلايا، ومن بين هاتين الخليتين المتجهتين إلى العنق نشأت نظام قمة التبرعم الداخليان اللذان ينتجان القدم والجذر.

التطور الجنيني المبكر في عاريات البذور

تختلف تفاصيل التطور الجنيني المبكر في عاريات البذور اختلافًا كبيرًا، ففي نباتات السيكاسيات والجنك يؤسس الانقسام الأولي قطبية معاكسة لتلك الموجودة في ذيل الحصان، والخلية الداخلية التي تؤدي إلى قمة التبرعم والجزء الخارجي ينتج الجذر، والعديد من الصنوبريات فريدة من نوعها من حيث أنّ الزيجوت يمر بفترة من الانقسام النووي الحر دون تكوين خلية، مما ينتج عادة أربع أو ثماني نوى والتي تنتقل إلى نهاية الزيجوت بعيدًا عن خلايا العنق حيث يبدأ الانقسام.

في أشجار الصنوبر يعطي التقسيم الإضافي أربع طبقات من أربع خلايا، وتمتد الطبقات المتوسطة بشكل كبير لتشكيل معلق، بحيث قد تعمل كل خلية من الخلايا الأربع الموجودة في القطب السفلي كخلية أصلية للجنين وهي حالة يشار إليها أحيانًا باسم تعدد الأجنة.

التطور الجنيني المبكر في كاسيات البذور

في المقابل لا توجد مرحلة خالية من النووية في تكوين كاسيات البذور، وينشق الزيجوت بجدار بزوايا قائمة تقريبًا على محور كيس الجنين، وتنتج الخلية الوليدة بجوار البويب (الخلية القاعدية) معلقًا وتساهم في الجذر حيث تؤدي الخلية الداخلية (الطرفية) إلى ظهور نظام التبرعم، وعلى الرغم من الاختلاف في المجموعات المختلفة فإنّ نمط التطور الذي تم تحديده في انشقاقات الخلايا المبكرة ثابت، ويجب بالضرورة أن يتم فرض الاستقطاب الأولي للبيضة الملقحة بواسطة الأنسجة المجاورة للنبات البوغي، ولكن بعد ذلك يعتمد مصير الخلايا الوليدة على التحكم المؤسس داخل النبات البوغي الصغير نفسه.

على الرغم من أنّه من الممكن في كثير من الأحيان تحديد أصل سلالات الخلايا التي تساهم في مختلف الأعضاء وطبقات الأنسجة، إلّا أنّه يتم الحفاظ على الانتظام الهندسي في انقسام الخلايا بشكل عام من خلال دورات الانقسام القليلة الأولى فقط في الجنين، وبالتالي لا يتم تحديد الشكل النهائي للجنين من خلال تحديد مخطط دقيق لتقسيم الخلايا كما هو الحال في تطور الطحالب الاستعمارية ولكن من خلال التحكم الشامل الذي تلعب فيه تفاعلات الخلايا والأنسجة دورًا مهمًا.

منشأ الأعضاء الأولية

يمكن وصف التكوُّن الجنيني في كاسيات البذور بمصطلح نبات مزهر تمت دراسته كثيرًا يُدعى نبات كيس الراعي (Capsella bursa-pastoris)، وتنقسم البيضة الملقحة إلى خليتين وهما الخلية الطرفية والخلية القاعدية، حيث تنقسم الخلية الطرفية بواسطة جدار يتكون بزوايا قائمة لجدار الانقسام الأول ثم مرة أخرى بواسطة جدار مكون بزوايا قائمة على هذا وهكذا يتم تشكيل ربع من الخلايا، وينتج عن تقسيم الخلايا الرباعية في مستوى عرضي مرحلة ثماني، ومن خلال التقسيمات المستعرضة تشكل الخلية القاعدية خيطًا معلقًا يصل إلى عشر خلايا، وتتضخم الخلية الطرفية منها لتشكل عضوًا ماصًا، وتجاور خلية التعلق أو الغدة النخامية لإحداثية الأوكتانت المشتقة من الخلية الطرفية.

في هذا الوقت يمكن تحديد المستقبل المرتقب لكل منطقة من مناطق الجنين، وأربع خلايا من المجموعة الثماني ستنتج في النهاية أوراق البذور (الفلقات) وقمة النبتة حيث الأربعة الآخرون سيشكلون سويقة تحت فلقية وهو جزء من الجنين بين الفلقات والجذر الأساسي (الجذر)، وسوف يؤدي الغدة النخامية إلى ظهور الجذور وغطاء الجذر أو ما تعرف بالقلنسوة وسوف تتدهور خلايا المعلق مع نضوج الجنين.

يتم إنشاء مناطق الجنين المقدر لتشكيل الأعضاء الرئيسية من خلال هذا التسلسل الأول من الانقسامات ويتم تحديد طبقات الأنسجة خلال التقسيمات التالية، وتنقسم الخلايا الثمانية بجدران منحنية موازية للسطح حيث وبهذه الطريقة يتم تحديد الطبقة الخارجية المسئولة عن إنتاج البشرة لنظام التبرعم، وتحدد التقسيمات ذات الطبيعة غير المنتظمة في المنطقة الداخلية في النهاية الأنسجة التي ستتطور منها الأسطوانة المركزية والنواة الوعائية للمحور الرئيسي للتبرعم، وفي الوقت نفسه تشكل الغدة النخامية مجموعة من ثماني خلايا من خلال ثلاثة أقسام متتالية وتكون مستوياتها متبادلة في زوايا قائمة، ومن هذه الخلايا الثمانية تنتج الخلايا الأربع الخارجية غطاء الجذر والبشرة حيث الأربعة الداخلية تساهم في الجذور.

التكوُّن الجنيني في النباتات ذوات الفلقتين

يكون الجنين في البداية كرويًا ولكنه سرعان ما يصبح على شكل قلب من خلال مجموعة من الانقسامات الخلوية العديدة والتضخم في منطقتين من نصف الكرة الخارجي وبهذه الطريقة تتكون فلقتين، وحجم الأنسجة بين النبتات هو قمة التبرعم المحتملة، ولا يتم إنشاء الشكل المميز للقمة إلّا بعد الإنبات، وعندما تتمدد الفلقات ينحني الجنين بسبب القيود الجسدية ليتوافق مع تجويف كيس الجنين، ومن المرحلة على شكل قلب فصاعدًا يظهر قلب سويقة تحت فلقية والجذر على شكل أسطوانة من الخلايا الضيقة والمطولة، وهذا هو النسيج الأم للنظام الوعائي للشتلة، ويساهم النسيج المحيط في طبقة القشرة من الجذع والجذر.

يوضح التطور الجنيني لنبات كيس الراعي نمطًا واحدًا فقط من عدة أنماط موجودة بين النباتات المزهرة، ومن بين ذوات الفلقتين تقدم مستويات انقسام الخلية الطرفية وشكل المعلق والمساهمة التي تقدمها الخلية القاعدية للجنين أدلة مستخدمة في تحديد الخطة الجنينية.

التكوُّن الجنيني في النباتات ذوات الفلقة الواحدة

النباتات أحادية الفلقة للنباتات المزهرة تحتوي بذورها على فلقة واحدة فقط وتشترك مع ذوات الفلقتين مثل نبات كيس الراعي في السمات الرئيسية للتكون الجنيني المبكر، بما في ذلك امتلاك مادة معلقة وفي معظم الحالات تقدم منتظم إلى حد ما لانقسامات الخلية إلى مرحلة الثماني، وبعد ذلك يُفقد نمط النمو المتماثل من خلال تطور الفلقة الواحدة، ففي عائلة الزنبق (Liliaceae) المقبولة عمومًا كعائلة بدائية من أحادية الفلقة تشتق النبتة من مجموعة ثمانية من الخلايا تنشأ من الخلية الطرفية.

تشتق السويقة تحت فلقية والقمة الجذعية من الخلية القريبة من خيوط قصيرة تكونت من الخلية القاعدية والجذر يأتي من زوج من الخلايا المجاورة لها، ويتكون المعلق من الخلية البعيدة أو خلايا الشعيرة، وفي العائلات الأكثر تقدمًا من النباتات أحادية الفلقة بما في ذلك الأعشاب (Poaceae) وبساتين الفاكهة (Orchidaceae) يكون التطور الجنيني أقل انتظامًا، فيمتلك جنين الحشائش تركيبات لا توجد في أي نباتات مزهرة أخرى، وبالتحديد الدرقة الصغيرة وهو عضو يهتم بتغذية الشتلات وغمد البرعم الأولي (coleoptile) وغمد الجذير (coleorhiza) وأغلفة واقية من النبتة الصغيرة والجذر.

كما ينشأ كيس الصفن من الخلايا الثمانية والتي تساهم أيضًا في النبتة، وتشكل الخلية القاعدية جزءًا من زهرة الخنفساء وتؤدي أيضًا إلى ظهور قمة النبتة وأنسجة الجذر وغمد الجذير، ويكون الجنين غير متماثل حيث تقع قمة النبتة على جانب واحد في شق ومغلف بغطاء الجلفنة.

في تناقض ملحوظ يكون التطور الجنيني لبساتين الفاكهة أبسط، ماعدا عندما يتم تشكيل المعلق فإنّ الانقسامات المبكرة لا تتبع خطة محددة جيدًا والمنتج عبارة عن كتلة بيضاوية من الأنسجة تسمى الجنين الأولي (proembryo)، ولم يتم تنظيم أي فلقة أو قمة جذعية أو قمة جذر في هذه الفترة المبكرة حيث لا تظهر هذه الأعضاء إلّا بعد حدوث الإنبات.


شارك المقالة: