تعد دراسة وبحث التركيب الداخلي للنباتات والذي يعرف بعلم تشريح النبات أو عملية التشريح النباتي، وهو علم حديث ظهر في القرن العشرين واعتبر ضمن مجال منفصل في علم النبات حيث يختص بالبنى التركيبية الداخلية للنبات، وغالبًا ما يتم دراسة النبات من خلال النظام الخلوي للنبات، وقد أدخل هذا العلم تقدمًا في عدد من جوانب النواحي العلمية والمهنية مثل تطبيق علم التشريح مع علم الحفريات وكذلك من الناحية المهنية قد ساعد في مجال الطب الشرعي، حيث يساعد هذا العلم خصائص ورموز النبات التي تربط بالعلوم الأخرى.
علم تشريح النبات وخصائصها
تم بنجاح استخدام الخصائص التشريحية للأجزاء النباتية والزهرية للنباتات المزهرة لحل مشاكل التصنيف ولتوضيح العلاقات النشوء والتطور، وكان هذا القسم من العلم هو الذي استخدم لأول مرة الرموز والصفات والخصائص التشريحية في تصنيف النباتات لترسيم حدود الأصناف من مختلف المستويات داخل عائلة (Bignoniaceae)، ويعد أوغست ماتيو (Auguste Mathiew) هو أحد علماء التصنيف الرواد الذين استخدموا ميزات تشريح الخشب في وصف نباتات الغابات في (Florae forestiere).
بعد اكتشاف المجهر الإلكتروني أحدث ثورة في جميع المجالات البيولوجية وكذلك في مجال التصنيف، فأثبتت الدراسات المجهرية للنبات بمساعدة المجهر الإلكتروني الماسح (scanning electron microscope – SEM) المجهر الإلكتروني أو المجهر الإلكتروني للإرسال (Transmission electron microscopy – TEM) بمساعدة تقنيات المبضع الفائق أنّها أداة قوية في دراسة الجوانب التشريحية المختلفة ذات الأهمية التصنيفية.
ومع ذلك حتى الآن لم يتم استغلال سوى عدد قليل من الخصائص الهيكلية الفائقة وتطبيقها في تصنيف النبات، وأثناء دراسة البيانات التشريحية يُنصح بدراسة نطاقات التباين في هذه الصفات داخل نفس الفرد وبين أفراد مختلفين من نفس النوع وعدم الاعتماد على بيانات من عينة واحدة من عضو أو نسيج، لأنّ أوجه التشابه في التنظيم الهيكلي قد لا تعكس بالضرورة علاقة وثيقة ولكنها قد تكون نتيجة تطور متوازي ومتقارب.
تطبيقات تشريح النبات
أهم التطبيقات والمجالات في علم تشريح النبات وتساعد في تقدمها والتي يمكن أن يستفاد منها عن طريق غلم تشريح النبات هي:
1- تمكن من تحديد المواد النباتية المجزأة.
2- تمكن من كشف العقاقير الخام.
3- تمكن من تحديد الخشب.
4- تمكن من التعرف على بقايا النباتات الأثرية.
5- الجوانب التطبيقية لثقافة النسيج الإنشائي.
6- يقدم الأدلة في تحقيق الطب الشرعي.
7- يوفر سمات الأهمية التصنيفية.
1- تمكن من تحديد المواد النباتية المجزأة
منذ زمن لينيوس قدمت الأزهار والفواكه رموز وخصائص التعريف، ففي بعض الأحيان ينشأ الموقف حيث لا تتوفر شظايا من عينات الأعشاب والأوراق والنباتات الطبية المجففة والمسحوقة وما إلى ذلك، والشرط الأساسي لأي بحث نباتي هو التحديد الصحيح للعينة، ويجب على أي شخص يتعامل مع نباتات للأغذية والأثاث ومواد البناء والأدوية وما إلى ذلك أن يكون لدى مربي النباتات وعلماء الوراثة وعلماء الخلايا خصائص تحديد مناسبة لموادهم المصدر.
ستحدد هذه الأحرف والخصائص عينات متوازية إذا لزم الأمر، وسيكونون في وضع يسمح لهم بالتحقق مما إذا كانت العينة الموازية من نفس النوع من مادة المصدر، وتعتبر الخصائص التي تميز نوعًا ما عن الأنواع الأخرى ذات أهمية تصنيفية، وبصرف النظر عن الأعضاء الخضرية والتناسلية يوفر تشريح النبات سمات ذات أهمية تصنيفية، فيوفر تشريح ترايخومات (Trichome) وتشريح الخشب والأوراق وبشرة الأوراق والبشرة وما إلى ذلك سمات قيمة في التمايز بين الأنواع.
فعلى سبيل المثال يمكن التمييز بين الأنواع المختلفة من رودودندرون (Rhododendron) وهو نوع من أنواع الأشجار الخشبية وقد تكون شجرة دائمة الخضرة أو نفضية، واللبخ (Ficus) وهو نوع وجنس من أنواع الأشجار ومن الأمثلة عليه شجرة التين عن طريق الأحرف ثلاثية الألوان، فكلاهما من الأشجار الخسبية ويتشابهان كثيرًا بحيث يصعب التمييز بينهما ولكن بواسطة التشريح النباتي يمكن الحد والفصل بينمها.
2- تمكن من اكتشاف العقاقير الخام
توفر النباتات الطبية الدواء الخام ويمكن الحصول على الدواء من جميع أجزاء النبات من مثل سويرتيا تشيراتا (Swertia chirata) والأوراق على سبيل المثال أدادوتا فازيكا (Adhatoda vasica) وأندروغرافيس بانيكولاتا (Andrographis paniculata) وما إلى ذلك، والجذور مثل سيفيليس إيبيكاكوانها (Cephaelis ipecacuanha)، أو القشرة أو اللحاء ألستونيا سكولاريس (Alstonia scholaris).
كما يتم استيراد الأدوية الخام في صورة جافة وفي بعض الحالات في صورة مسحوق جاف، وفي هذه الحالة يصبح من الصعب التعرف على المواد من خلال المظهر العياني فقط، ولهذا السبب يتم دراسة الخصائص المورفولوجية للمواد الدوائية المجهريّة، ويتم وصفها ونشرها في دستور الأدوية، وقد تكون دساتير الأدوية من المنشورات الرسمية.
ومن الأمثلة على ذلك أنّه يتم إثبات صحتها من خلال المقارنة مع الأوصاف المنشورة في دستور الأدوية، حيث يمكن أيضًا التعرف على عقار خام من خلال كيميائيته، ولكن التعرف على دراسة الفحص المجهري أسهل بكثير وأسرع من التحليل الكيميائي، فيمكن الإشارة إلى عدد قليل من نباتات الأدوية باستخداماتها والمواد الغشائية التي يمكن اكتشافها مجهريًا، (Swertia chirata) من عائلة (Gentianaceae) المعروف باسم شيراتا وهو عقار محلي في الهند، ويتم استخدامه كمنشط مرير للمعدة وطارد للديدان والأمراض الجلدية.
3- تمكن من التعرف على الخشب
يكشف تشريح عينة الخشب عن العديد من الخصائص التي تساعد في تحديد النبات الذي يأتي منه الخشب، ففي الهند لا يزيد عدد الأخشاب المتوفرة بكميات كبيرة عن ستين على سبيل المثال.
4- تمكن من التعرف على بقايا النباتات الأثرية
يوفر تشريح الخشب لنبات اليوم صفات وخصائص لتحديد الخشب المتشظي، وتمكن هذه الشخصيات أيضًا من التعرف على الخشب والفحم المحفوظ في مواقع من العصور القديمة، ويتم جمع عينة من الخشب أو الفحم المحروق من موقع التنقيب، ويتم تحضير الشرائح المجهرية وفحصها بدقة، وتظهر الملاحظة أنّ السمات الدقيقة للغاية مثل لوحة التثقيب وحفر الجدار الجانبي لا تزال محتفظ بها.
5- الجوانب التطبيقية لثقافة النسيج الإنشائي
قد يكون للنسيج الإنشائي قمة ويتم استغلال كل من النسيج الإنشائي في تحسين النباتات فالقمة النامية التي تحدث الأنفاق القمية عند أطراف الجذر والأوراق والبراعم، وتُستخدم الأنفاق القمية بشكل خاص في الثقافة، ففي طريقة الاستزراع يتم استئصال النسيج القمي للنبتة ووضعها في وعاء زجاجي يحتوي على مادة مغذية، وبالمعنى النباتي الصارم تشكل الخلايا الموجودة في القبة القمية من قمة الحقن للنسيج الإنشائي.
6- يقدم أدلة في تحقيق الطب الشرعي
تطبيق علم الطب الشرعي لا غنى عنه في التحقيق في الجريمة، وعلم الطب الشرعي له العديد من التخصصات وعلم النبات الشرعي هو أحدها، ويشمل علم النبات الشرعي العديد من التخصصات الفرعية والتي تشمل تشريح النبات ونظام النبات (التصنيف وتحديد الأنواع) وعلم الحفريات (دراسة الجراثيم وحبوب اللقاح) وما إلى ذلك، ويشيرون إلى استخدام المواد النباتية في حل الجرائم أو حل المشكلات القانونية الأخرى.
بقايا النباتات موجودة في كل مكان في مسرح الجريمة قد تحدث على شكل قطع مجهرية (مثل الخشب والأغصان والأوراق، والزهور والفواكه والبذور وما إلى ذلك) أو الأشكال المجهرية (مثل حبوب اللقاح والجراثيم والأشكال ثلاثية الألوان وجدران الخلايا في محتويات المعدة وما إلى ذلك)، فقد تساعد المواد النباتية التي تم تحديدها المحققين في القضايا الجنائية على تحديد ما إذا كان المشتبه به موجودًا في مسرح الجريمة، وفي أي موسم وقعت الجريمة ومدة دفن الجثة وما إذا كان قد تم نقل الجثة وما إلى ذلك.
7- يقدم سمات ذات دلالة تصنيفية
من الأهمية بمكان معرفة الأنواع التي تنتمي إليها عينة النبات بالضبط وهذا ضروري لتصنيف طبيعي وموثوق، ويتم تصنيف معظم النباتات وفقًا لخصائصها الشكلية الكبيرة، ولكن ينتج تصنيف دقيق عندما يتم استخدام المعلومات من مصادر متنوعة، وقد تكون المصادر من السمات التشريحية وعلم الحفريات والكيمياء الحيوية وعلم الأجنة وعلم الوراثة الخلوية والجغرافيا النباتية وعلم وظائف الأعضاء وما إلى ذلك، ومن المعروف الآن أنّ تصنيف ألفا يمكن أن يشكل تصنيفًا طبيعيًا ودقيقًا وموثوقًا.
