مؤتمر سان ريمو

اقرأ في هذا المقال


في عام 1920، تمّ توقيع مُعاهدة سان ريمو التي حَدَّدت مناطق النُّفوذ البريطانيّة والفرنسيّة في منطقة المشرق العَربي. نتيجة لِموقف إنجلترا وفَرنسا مِن مُقرَّرات المُؤتمر السوريّ العام الذي انعَقد في 1920 فقد انعقد المَجلس الأعلى لِلحلفاء، الذي يعدّ امتِداداً لِمؤتمر لندن الذي انعقد في فبراير 1920 في مدينةِ سان ريمو الإيطاليّة، في المُدة ما بين التاسِع عشر والخامِس والعشرين من نيسان ( إبريل ) 1920، لِلبحث في شُروط الحُلفاء للصلحِ مع تركيا طِبقاً لمعاهدةِ سيفر، المُصادقة عليها بعدِ إعلانِ سوريا استِقلالها ومناداتها بِالأميرِ فيصل ملِكاً عليها، في المؤتمر السوريّ العام في الثامِن من آذار ( مارس ) عام 1920.

مفهوم مؤتمر سان ريمو:

إنَّ اتفاقيّة سان ريمو هي عبارة عن اتفاقيّة عُقِدت في مَدينة سان ريمو الإِيطاليّة في التاسِع عشر من نيسان من عام 1920، حيث عَقدها المجلِس الأعلى لِلحلفاء، حيث تمّ في تِلك الاتفاقيّة مباحَثة شُروط الصُّلح مع تُركيا، بالإضافةِ أيضاً إلى وضعِ ترتيباتِ الانتداب في المَناطق العَربيّة، حيث رسم مُستقبل المنطِقة العربيّة المبنيّ على التَّجزئة والانتداب.
قد انتهت تِلك الاتفاقيّة في الخامِس والعشرين من نيسان من العَام نفسه، الذي قد نتَج عنها مُعاهدة سيفرالتي لم يُعرَف ما هو مُحتواها حتى الخامِس عشر من شهرِ أيّار من عام 1920، قد كَانت قَراراتها مُجحِفةً وأيضاً ظالمةً بِحقّ العرب، وكانت ذاتِ شروطٍ قاسية على تُركيا. 

سبب عقد اتفاقيّة سان ريمو:

لقد عُقِدت اتفاقيّة سان ريمو بِسبب عقدِ المؤتمر السوريّ في دِمشق في شهر آذار من عامِ 1920، حيثُ حَضر ذلك المُؤتمر عدد من مُمثّلي المُدنِ المُجاورة مثل: القُدس، حيفا، يافا، الخليل، أنطاكيا، إدلب، اللاذقيّة، دمشق، حلب، حماة، أيضاً بعض المُدن الأُخرى، فقد كَان المُؤتمر بمثابةِ برلمان عن جَميع تِلك المَناطق، فقد أُعلِنت بِه بَعض النتائِج التي تتمثّل في استقلالِ سوريا وَالمناطق الموجودة فيها التي كانت تحتِ الحكمِ التُّركيّ، بِالإضافة إلى( لِبنان ،فلسطين ،الأردن )، والقيام على جَمعها كاملةً تحتِ مسمَّى المَملكة السوريّة العَربيّة، كَما نودِي بأن يَكون المَلك هو فَيصل بِن الحُسين، الذي نادى ودعا إلى الوحدة العربيّة بشكلٍ عامّ ووحدةِ سوريّا والعِراق بشكلٍ خَاص، فبعد أن سمِع الحُلفاء عن هذا المُؤتمر لقد أحسّوا بالخطر، فكانت ردّ فِعلهم هو عَقد اتفاقيّة سان ريمو.

المباحثات التي دارت في المؤتمر:

إنَّ مُعاهدة سيفر التي رَسمت مُستقبل المَنطقة العربيّة التي تَضم ( العِراق وسوريّا بما فِيها لِبنان والأُردن وفلسطين). فالتقسيمات والانتداباتِ حسب مَصالح دُول الحُلفاء، حيثِ تقسَّم سوريا الكُبرى إلى أربعةِ أقسام: سوريا، لبنان، الأُردن، فِلسطين. حيث تكون سوريا وَلبنان تحتِ الانتدابِ الفرنسيّ، أما فِلسطين وَالأردن تحتِ الانتدابِ البريطانيّ بِالإضافةِ إلى العراق. فقد تسبب وضعَ فلسطين تحت الانتدابِ البريطانيّ في اندلاعِ وقيام صِدامات وخلافات ٍ واسِعة بين اليَهود والعَرب في مدينةِ القُدس.

قَرارات اتفاقيّة سان ريمو:

لقد بَرزت عِدّة نتائِج بعد عَقد اتفاقيّة سان ريمو التي حَضرها رؤَساءِ وُزراء عددٍ من البُلدان وهي: بريطانيا وإيطاليا وفرنسا، كَما حضرهَا مُمثّلون عَن كلّ من بَلجيكا، اليابان واليونان، مِن أهمّ القَرارات التي اتُّخِذت كانت ما يأتي:

  • إلغاءِ مُعاهدة سيفرالإمبراطُوريّة العُثمانيّة، مع إِلزامُها بالتَّخلي عنِ البُلدان العَربيّة التي تَقع في آسيا وشمالِ إفريقيا.
  • القيام على عقدِ مُعاهدة سلامٍ مع تُركيا في العاشِر من آب من عامِ 1920.
  • استقلال كردستان وأرمينيا.
  • الوجُود اليونانيّ في منطقةِ شرقِ تراقيا، أيضاً منطقة السَّاحل الغَربيّ لِلأناضول.
  • العمل على استعمارِ اليُونان لجزرِ إيجة، التي تَقود بِدورها مَنطقة الدَردنيل.
  • وَضع كلِّ من سوريا وَلبنان تحتِ الانتدابِ الفَرنسيّ.
  • وضع كلّ من فِلسطين والعِراق تحتِ الانتداب البريطَانيّ.
  • وَضع بَاقي الدَّول المُستقلة تحتِ السُّلطة الإِلزاميّة، إلى أَن تَصل إلى مَرحلة النُّضج السياسيّ.
  • عَقد اتفاقيّة أنجلو لِلنفط، حيثُ نصّت على تزويدِ فَرنسا بِنسبة 25% من حصَص النّفط العراقيّ، فقد نصَّت الشروط على إعادةِ إِدراج المُوصل مع الولاياتِ التي تَقع تحتِ الانتدابِ البِريطانيّ.
  • رَفض السَّماح لأَلمانيا بِزيادة حَجم جَيشها، فإن السببَ في ذلك يَعود إلى التَّوتر القائِم بينَ فَرنسا وألمانيا بِسبب أَحكام مُعاهدة فِرساي.
  • الالتزامِ بوعدِ بلفور، حَيث تمَّ رسمَ حدودٍ بينَ سوريّا والعِراق، مَع ضمّ مَدينة المُوصل إلى العِراق بَعد أَن كَانت جُزءاً مِن سوريّا، حَسب مَا ورد في اتِفاقيّة سايكس بيكو.
  • القِام على فرضِ الانتداب البريطانيّ على فِلسطين من قِبَل دُول التَّحالف، فالسّبب في ذلك هُو تَسهيل هِجرة اليَهود إلى فِلسطين، ذلك من أَجل إنشاءِ وطنٍ قوميّ لَهم مع ضمانِ حُقوقهم في الدُّول الأُخرى.

ردود فعل الدّول على المؤتمر:

إن قَرار المُؤتمركانت ضَربة شَديدة لآمالِ الشَّعب في استقلالِ سوريّا ووحدتُها، فَقامت المُظاهرات والاحتجاجات حيث اشتَعلت النُّفوس بِالثورة، فأجمع الناس على رفضِ ما جَاء بِالمؤتمر مِن قَرارات، حيث كثرت الاجتماعات بين زُعماء الأُمة والمَلك فيصل، حيث أَبلغوه تَصميم الشَّعب على مقاومةِ كلِّ اعتداءٍ على حُدود البِلاد واستقلالها.

وأيضاً جاءت قرارات مؤتمر السلم المُنعقد في “سان ريمو” الإيطالية في (25 إبريل 1920) مخيّبة لآمال العرب، فلم يَكن قَرار الانتداب في سان ريمو إلا تطبيقاً لاتفاقيّة سايكس بيكو المَشهورة، وإصراراً قوياً من فَرنسا على احتلالِ سوريا.


شارك المقالة: