اقرأ في هذا المقال
- لمحة عن المجتمع متعدد الأطياف
- المجتمع متعدد الأطياف والنظام الديمقراطي
- الديمقراطية التشاركية وقطاعات المجتمع متعدد الأطياف
- نقد المجتمع متعدد الأطياف
وفقاً لتعريف فريدريك بارث فهو مجتمع يجمع بين صور متناقضة عرقية مختلفة، ويتميز بما يلي: الترابط الاقتصادي لهذه المجموعات والتخصص البيئي؛ أي استخدام الموارد البيئية المختلفة من قبل كل مجموعة عرقية.
لمحة عن المجتمع متعدد الأطياف:
قد يكون الترابط البيئي أو عدم وجود منافسة بين المجموعات العرقية ناتجاً عن أنشطة مختلفة في نفس المنطقة أو الاحتلال طويل الأمد لمناطق مختلفة في نفس البلد، أما من وجهة نظر بارث تكون الحدود العرقية أكثر ثباتاً واستقراراً، عندما تحتل المجموعات مواقع بيئية مختلفة هذا ببساطة؛ لأنهم في هذه الحالة يتبعون أنماط حياة مختلفة ولا يتنافسون.
لكن عندما تحتل مجموعات عرقية مختلفة نفس الموقع البيئي، فإن المجموعة الأقوى عسكرياً ستحل بطبيعة الحال محل الأضعف، ولكن إذا تمكنت المجموعة الأضعف من استغلال البيئات الهامشية، فإن المجموعتين ستتعايشان بسلام، بحيث يمكن الحفاظ على الحدود والاختلافات والترابط بين المجموعات العرقية إذا كان هناك تخصص بيئي، وإذا كانت بعض السمات الثقافية المحددة لكل مجموعة قد تخضع للتغيير.
يُعرِف (John Sydenham Furnivale) المجتمع متعدد الطيف بأنه مزيج من الشعوب الأوروبية والصينية والهندية والمحلية الذين يجتمعون معاً، ولكن دون اختلاط، وتلتزم كل مجموعة بدينها وثقافتها ولغتها وأفكارها وأساليبها، حيث يجتمع أعضاؤها، لكن هذه اللقاءات تقتصر على الأسواق أثناء البيع والشراء، وهناك مجتمعات متعددة الأطياف تعيش فيها شرائح مختلفة من المجتمع بجانب بعضها البعض في نفس الوحدة السياسية.
المجتمع متعدد الأطياف والنظام الديمقراطي:
أثناء بحثه حول المجتمعات متعددة الطوائف قدم عاصم إعجاز طالب ماجستير في العلوم السياسية بالجماعة الإسلامية في بهاولبور باكستان ملخصه التحليلي لكتاب أرند ليبارت “الديمقراطية في المجتمعات التعددية”، حيث من الصعب جداً تحقيق هذه الديمقراطية والحكومة الديمقراطية المستقرة في هذا النوع من المجتمعات متعددة الأطياف، وكما يقول أرسطو عن نظام الحكم المستقر: تهدف الدولة إلى الاستمرارية قدر الإمكان، ويتحقق ذلك عندما يتكون المجتمع من أفراد وأقران متساوين.
من أجل تحقيق الاستقرار في الأنظمة الديمقراطية يجب أن يكون هناك تجانس اجتماعي وتناغم سياسي بين الانقسامات الاجتماعية العميقة، ويجب أن تكون هناك نهاية للخلافات السياسية، حيث تساهم هذه العوامل في عدم استقرار الأنظمة الديمقراطية وانهيارها، لذلك اقترح (Arend Liebart) نوعاً معيناً من الديمقراطية “الديمقراطية التشاركية” التي قد تكون صعبة من وجهة نظره ولكنها ليست مستحيلة، حيث يمكن من خلالها تحقيق حكومة ديمقراطية مستقرة والحفاظ عليها في مجتمعات متعددة الطيف.
في البلدان غير الغربية تشير (Arend Liebart) إلى وجود انقسامات حادة متعددة، وبالنظر إلى تعددية المجتمعات في العالم الثالث فإن الديمقراطية التشاركية الضرورية لتأسيس ديمقراطيات ناجحة ترتكز على النموذج المعياري، حيث يتسم المجتمع متعدد الأطياف بالانقسامات بين القطاعات المختلفة بينما يتميز الاستقرار السياسي بالإصلاح المنهجي والشرعية والنظام المدني والفعالية.
لذلك لا يمكن أن يوجد الاستقرار السياسي في غياب هذه العناصر المترابطة الأربعة، ووفقاً لغابرييل ألموند هناك أربعة أنواع من الأنظمة السياسية وهي: النظام السياسي الأنجلوأمريكي، النظام السياسي القاري الأوروبي، النظام السياسي قبل الصناعي، النظام السياسي الاستبدادي.
الديمقراطية التشاركية وقطاعات المجتمع متعدد الأطياف:
تشير (Arend Liebart) إلى أن هناك أصلاً دستورياً للمجالات الموجودة في المجتمع متعدد الأطياف، والحل الأمثل لذلك هو نظام ديمقراطي تشاركي أو شبه تشاركي، حيث يضمن هذا النظام حق الاعتراض المتبادل في عملية اتخاذ القرار حول قضايا محددة داخل الدولة لجميع قطاعات المجتمع مع المساواة فيما بينها، كما يستشهد ليبار بماليزيا ولبنان كمثالين نموذجيين ففي لبنان ينتمي الشيعة والسنة إلى الوسط الإسلامي، بينما يشكل المسيحيون أقلية وفي ماليزيا أيضاً يوجد صينيون إلى جانب المجتمعات المحلية.
نقد المجتمع متعدد الأطياف:
لم تذكر أرند ليبارت الدول الشيوعية في قائمة الديمقراطيات التشاركية وشبه المشاركة فيما يتعلق بالمجتمعات متعددة الأطياف، حيث أنه وفي أثناء تحليل آراء هذا المفكر بشكل نقدي ذكر عاصم إعجاز أنه على الرغم من نظام الحزب الواحد ظل المجتمع مقسماً إلى قطاعات مختلفة، لذلك لا أحد يستطيع منع القطاعات المختلفة ذات المصالح المختلفة من الانضمام إلى هذا الحزب الواحد، كما هو الحال في الحزب الشيوعي الصيني في الصين والحزب الشيوعي الكوبي في كوبا.
يمكن لقطاعات المجتمعات متعددة الأطياف تمثيل نفسها داخل هذا الحزب السياسي الواحد، وبالتالي التأثير على عملية صنع القرار بما يتماشى مع مصالحها أو لصالح هذا القطاع، بعد الحصول على نصيبها المستحق في ذلك الحزب السياسي.