مصطلح يشير إلى الإيديولوجية السياسية وأسلوب الحكم أو الحركة السياسية أو مجموعة من الآليات؛ لاكتساب السلطة والاحتفاظ بها، والمرتبطة بدونالد ترامب الرئيس الخامس والأربعين للولايات المتحدة وقاعدته السياسية، حيث إنها نسخة سياسية أمريكية من اليمين إلى أقصى اليمين، والمشاعر القومية الشعبوية التي شوهدت في دول متعددة حول العالم، بالإضافة إلى ذلك فهي تحمل بعض جوانب الديمقراطية غير الليبرالية.
إيدولوجية الترامبية:
بدأت الترامبية تطورها في الغالب في حملة دونالد ترامب الرئاسية لسنة 2016، فهو يشير إلى أسلوب سياسي شعبوي يقترح إجابات قومية للمشاكل السياسية والاقتصادية والاجتماعية المعقدة، كطريقة سياسية الشعبوية ليست مدفوعة بإيديولوجية معينة، حيث صرح مستشار الأمن القومي السابق والمستشار السابق المقرب لترامب جون بولتون أن هذا صحيح فيما يتعلق بترامب متشككاً، وذلك في أن الترامبية موجودة حتى بأي معنى فلسفي، قهي ذو معنى مؤكداً أن الرجل ليس لديه فلسفة، حيث يمكن للناس وإن حاولوا رسم خطوطاً بين نقاط قراراته فإنها ستفشل.
في دليل روتليدج حول الشعبوية العالمية سنة 2019 لاحظ العديد من المؤلفين المشاركين أن القادة الشعبويين هم بدلاً من ذلك براجماتيون وانتهازيون، فيما يتعلق بالمواضيع والأفكار والمعتقدات التي يتردد صداها بقوة لدى أتباعهم، حيث تشير بيانات استطلاعات الرأي عند الخروج إلى أن الحملة كانت ناجحة في حشد المحرومين البيض والأمريكيين الأوروبيين الأقل من الطبقة العاملة الذين يعانون من عدم المساواة الاجتماعية المتزايدة، والذين أبدوا غالباً معارضتهم للمؤسسة السياسية الأمريكية، أما من الناحية الأيديولوجية تتمتع الترامبية بلكنة يمينية شعبوية.
تختلف الترامبية عن الحركة الجمهورية الكلاسيكية لأبراهام لنكولن في نواح عديدة؛ وذلك فيما يتعلق بالتجارة الحرة والهجرة والمساواة والضوابط والتوازنات في الحكومة الفيدرالية وفصل الكنيسة عن الدولة، حيث يعتقد بيتر ج.كاتزنشتاين من مركز العلوم الاجتماعية (WZB Berlin) أن الترامبية تقوم على ثلاث ركائز وهي: القومية والدين والعرق.
خلفية الترامبية:
يمكن إرجاع جذور الترامبية في الولايات المتحدة إلى عصر جاكسون، وفقاً للباحثين والتر راسل ميد وبيتر كاتزنشتاين وإدوين كينت موريس، حيث يعترف ميد وهو مؤرخ بارز وزميل بارز في معهد هدسون ذي التوجه المحافظ بأن الجاكسونيين كانوا في الغالب حركة سياسية للبيض فقط معادية للأجانب.
شعر أتباع أندرو جاكسون أنه واحد منهم، حيث دعم بحماس تحديه للمعايير الصحيحة سياسياً للقرن التاسع عشر وحتى القانون الدستوري، وذلك عندما وقفوا في طريق السياسة العامة الشعبية بين أتباعه، حيث تجاهل جاكسون حكم المحكمة العليا الأمريكية في قضية وورسيستر ضد جورجيا وشرع في إبعاد الشيروكي القسري من أراضيهم المحمية بموجب المعاهدة لصالح السكان المحليين البيض بتكلفة ما بين 2000 و 6000 قتيل من الرجال والنساء والأطفال الشيروكي.
على الرغم من مثل هذه الحالات الوحشية لجاكسون فإن وجهة نظر ميد هي: أن الجاكسونية توفر سابقة تاريخية تشرح حركة أتباع ترامب والزواج من ازدراء القاعدة الشعبية للنخب، والشك العميق في التشابكات الخارجية والهوس بالسلطة والسيادة الأمريكية، حيث يعتقد ميد أن هذا الجوع في أمريكا لشخصية جاكسون يدفع المتابعين إلى ترامب لكنه يحذر من أنه تاريخياً ليس المجيء الثاني لأندرو جاكسون، مشيراً إلى أن مقترحاته تميل إلى أن تكون غامضة إلى حد ما، وغالباً ما تكون متناقضة وضعف القادة الشعبويين المنتخبين حديثاً، وعلق في وقت مبكر من رئاسته أنه يواجه الآن صعوبة.
يتفق موريس الباحث في العلوم السياسية مع ميد في تحديد جذور الترامبية في حقبة جاكسون من 1828 إلى 1848، تحت رئاسة جاكسون ومارتن فان بورين وجيمس ك.بولك، ومن وجهة نظر موريس، فإن الترامبية تشترك أيضاً في أوجه التشابه مع فصيل ما بعد الحرب العالمية الأولى للحركة التقدمية التي عالجت ارتداداً شعبوياً محافظاً عن الأخلاق المتساهلة في المدن العالمية والبشرة العرقية المتغيرة لأمريكا، أما في كتابه عصر الإصلاح 1955 حدد المؤرخ ريتشارد هوفستاتر ظهور هذا الفصيل، وذلك عندما تعكر جزء كبير من التقليد التقدمي الشعبوي وأصبح غير ليبرالي وسوء المزاج.
قبل الحرب العالمية الثانية تم التعبير عن المصالح المحافظة للترامبية في حركة أمريكا، أولاً في أوائل القرن العشرين وبعد الحرب العالمية الثانية، حيث نسبت إلى فصيل الحزب الجمهوري المعروف باسم اليمين القديم، إذ أنه وبحلول التسعينيات أصبح يشار إليها باسم حركة المحافظين القديمة والتي وفقاً لموريس تم تغيير علامتها التجارية الآن إلى ترمب.
لخص كتاب (Leo Löwenthal) أنبياء الخداع 1949 الروايات المشتركة التي تم التعبير عنها في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية من هذا الهامش الشعبوي، وبالتحديد فحص الديماغوجيين الأمريكيين في الفترة التي زودت فيها وسائل الإعلام الحديثة بنفس الأسلوب المدمر للسياسة، والذي استخدمه المؤرخ تشارلز كلافي، حيث يعتقد أن ترمب يمثل ووفقاً لـ (Clavey) فإن كتاب (Löwenthal) يشرح بشكل أفضل الجاذبية الدائمة للترامب، ويقدم الرؤى التاريخية الأكثر لفتاً للنظر في الحركة.
استقبال الترامبية:
يطرح المؤرخ الأمريكي روبرت باكستون السؤال عما إذا كانت الترامبية فاشية أم لا، وبدلاً من ذلك تعتقد باكستون أنها تحمل تشابهاً أكبر مع الأثرياء، وهي حكومة تسيطر عليها النخبة الثرية، حيث يسمي أستاذ علم الاجتماع ديلان جون رايلي ترمب الميراث البونابارتي الجديد، أيضاً يعتبر المؤرخ البريطاني روجر جريفين أن تعريف الفاشية لم يتحق؛ لأن ترامب لا يشكك في سياسات الولايات المتحدة، كما أنه لا يريد إلغاء مؤسساتها الديمقراطية تماماً.
يعتقد المؤرخ الأرجنتيني فيديريكو فينشلشتاين أن هناك تقاطعات مهمة بين البيرونية والترمبية؛ لأن تجاهلهما المتبادل للنظام السياسي المعاصر في مجال السياسة الداخلية والخارجية واضح، حيث يعتبر المؤرخ الأمريكي كريستوفر براوننج أن العواقب طويلة المدى لسياسات ترامب والدعم الذي يتلقاه لها من الحزب الجمهوري، أنها تشكل خطراً محتملاً على الديمقراطية.
أما في الجدل الناطق باللغة الألمانية ظهر المصطلح حتى الآن بشكل متقطع، في الغالب فيما يتعلق بأزمة الثقة في السياسة والإعلام، ثم يصف استراتيجية الفاعلين السياسيين اليمينيين الذين يرغبون في إثارة هذه الأزمة للاستفادة منها، بالإضافة إلى ذلك أطلق قاموس كولينز البريطاني للغة الإنجليزية على ترمبسم على اسم خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي إحدى كلمات سنة 2016، كما يشير المصطلح في تعريفهم إلى إيديولوجية ترامب وطريقته المميزة في التحدث.
في كتابه كيف تخسر بلداً، الخطوات السبع من الديمقراطية إلى الدكتاتورية يصف المؤلف التركي إيس تميلكوران الترامبية بأنها تردد عدداً من الآراء والتكتيكات، والتي عبر عنها واستخدمها السياسي التركي رجب طيب أردوغان أثناء صعوده إلى السلطة، حيث إن بعض هذه التكتيكات والآراء هي شعبوية يمينية، وشيطنة الصحافة في تخريب الحقائق الراسخة والمثبتة التاريخية والعلمية، وتفكيك الآليات القضائية والسياسية وتصوير القضايا المنهجية مثل: التحيز الجنسي أو العنصرية على أنها حوادث معزولة وصياغة مواطن مثالي.
يعتقد العالم السياسي مارك بليث وزميله جوناثان هوبكين أن هناك أوجه تشابه قوية بين الترامبية والحركات المماثلة تجاه الديمقراطيات غير الليبرالية في جميع أنحاء العالم، لكنهم لا يؤمنون بأن الترامبية هي حركة مدفوعة بالاشمئزاز والخسارة والعنصرية، حيث يجادل هوبكين وبليث بأن الاقتصاد العالمي على كل من اليمين واليسار يقود نمو التحالفات القومية الجديدة، والتي تجد أتباعاً يريدون التحرر من القيود التي تفرضها عليهم النخب المؤسسة التي يدافع أعضاؤها عن الاقتصاد النيوليبرالي و العولمة.
يؤكد آخرون على عدم الاهتمام بإيجاد حلول حقيقية للضيق الاجتماعي الذي تم تحديده، ويعتقدون أيضاً أن هؤلاء الأفراد والجماعات الذين ينفذون السياسة يتبعون في الواقع نمطاً حدده باحثو علم الاجتماع مثل: (Leo Löwenthal و Norbert Guterman) كما نشأت في أعمال ما بعد الحرب العالمية الثانية لمدرسة فرانكفورت للنظرية الاجتماعية، لذلك بناء على هذا المنظور تقدم كتب مثل: (Löwenthal و Guterman’s Prophets of Deceit) أفضل الأفكار حول كيفية خداع حركات مثل: (Trumpism) لأتباعها من خلال إدامة بؤسهم وإعدادهم للمضي قدماً نحو شكل غير ليبرالي من الحكم.
البلاغة الترامبية:
وفقاً لمحامي الحقوق المدنية بيرت نيوبورن والمنظر السياسي ويليام إي كونولي فإن الخطاب الترامبي يستخدم استعارات مشابهة لتلك التي يستخدمها الفاشيون في ألمانيا؛ لإقناع المواطنين أقلية في البداية بالتخلي عن الديمقراطية، وذلك من خلال استخدام وابل من الأكاذيب، أنصاف الحقائق، الذم الشخصي، التهديدات، كراهية الأجانب، مخاوف الأمن القومي، التعصب الديني، العنصرية البيضاء، استغلال انعدام الأمن الاقتصادي والبحث الذي لا ينتهي عن كبش فداء.
يقدم كونولي قائمة مماثلة في كتابه الفاشية الطموحة سنة 2017 مضيفاً مقارنات بين دمج المسرحيات والمشاركة الجماهيرية مع الخطاب بما في ذلك: الإيماءات الجسدية الضخمة، التهميش، التهم الهستيرية، التكرار الدرامي لأكاذيب الواقع البديل، التأكيدات الشمولية المدمجة في التوقيع، العبارات التي يتم تشجيع الجمهور بشدة على الانضمام إليها في ترديدها.
على الرغم من أوجه التشابه يؤكد كونولي أن ترامب ليس نازياً، ولكنه بالأحرى فاشي طموح يلاحق التملق الجماهيري والقومية الشديدة العدوانية وانتصار البيض والعسكرة، ويسعى إلى نظام القانون والنظام الذي يعطي سلطة غير خاضعة للمساءلة للشرطة، حيث يعد ممارس أسلوب بلاغي يبتدع بانتظام أخباراً كاذبة ويشوه المعارضين لحشد الدعم للأكاذيب الكبيرة التي يتقدم بها.