اقرأ في هذا المقال
من المثير للنقاش ما إذا كان عدم الإعادة القسرية قاعدة آمرة في القانون الدولي، وإذا كان الأمر كذلك فلن يسمح القانون الدولي باختصارات لأي غرض أو تحت أي ظرف من الظروف. لقد أعيد الجدل حول هذه المسألة بعد هجمات 11 سبتمبر 2001 الإرهابية في الولايات المتحدة بالإضافة إلى هجمات إرهابية أخرى في أوروبا.
مفهوم مصطلح عدم الإعادة القسرية:
هو مبدأ أساسي من مبادئ القانون الدولي يحظر على الدولة التي تستقبل طالبي اللجوء إعادتهم إلى دولة قد يتعرضون فيها لخطر الاضطهاد، على أساس العرق أو الدين أو الجنسية أو الانتماء إلى مجموعة اجتماعية معينة أو الرأي السياسي، على عكس اللجوء السياسي الذي ينطبق على أولئك الذين يمكنهم إثبات خوفهم من الاضطهاد على أساس فئة معينة من الأشخاص، حيث يشير عدم الإعادة القسرية إلى العودة العامة للأشخاص بما في ذلك اللاجئين إلى مناطق الحرب ومواقع الكوارث الأخرى.
إنه مبدأ من مبادئ القانون الدولي العرفي حيث ينطبق حتى على الدول غير الأطراف في اتفاقية سنة 1951 المتعلقة بوضع اللاجئين أو بروتوكولها لسنة 1967، وهو أيضاً مبدأ من مبادئ قانون الأمم المتصالحة.
تاريخ مصطلح عدم الإعادة القسرية:
يبرز مصطلح عدم الإعادة القسرية من الذاكرة الجماعية الدولية لفشل الدول أثناء الحرب العالمية الثانية في توفير ملاذ آمن للاجئين الفارين من إبادة جماعية معينة على يد النظام النازي، ثم بعد الحرب العالمية الثانية أصبحت الحاجة إلى الضوابط الدولية على سيادة الدولة على اللاجئين واضحة للمجتمع الدولي.
أثناء الحرب أعادت عدة ولايات قسراً أو رفضت دخول يهود ألمانيا وفرنسيين فروا من الهولوكوست، حيث بعد الحرب أعيد ملايين اللاجئين والسجناء قسراً من الاتحاد السوفييتي على الرغم من المخاوف من مواجهة انتقام الحكومة السوفييتية، كما يمثل عدم الإعادة القسرية تضارباً متأصلاً مع سيادة الدولة؛ لأنه ينتهك حق الدولة في ممارسة السيطرة على حدودها وأولئك الذين يقيمون فيها، ففي الإجراءات القانونية التي أعقبت الحرب العالمية الثانية مباشرة كان ينظر إلى عدم الإعادة القسرية على أنه حق منفصل يمكن اختصاره في ظل ظروف معينة مثل: تلك المنصوص عليها في المادة 33 القسم 2 من اتفاقية سنة 1951.
في الستينيات اعترفت المفوضية الأوروبية لحقوق الإنسان بعدم الإعادة القسرية باعتبارها فرعاً من أشكال حظر التعذيب، وبما أن الحظر المفروض على التعذيب هو القاعدة الآمرة، فإن هذا الربط جعل حظر الإعادة القسرية مطلقاً وطعن في شرعية الإعادة القسرية لأغراض تتعلق بأمن الدولة، لذلك من خلال قضايا المحاكم وتفسيرات مختلف المعاهدات الدولية في الثمانينيات حولت المفوضية الأوروبية لحقوق الإنسان التفضيل بعيداً عن الحفاظ على سيادة الدولة ونحو حماية الأشخاص الذين قد يتم طردهم.
لم يسمح هذا التفسير باختصار تدابير الحماية من عدم الإعادة القسرية، حتى لو كانت الدولة معنية بأن اللاجئ قد يكون إرهابياً أو يشكل تهديدات فورية أخرى للدولة، وبعد الهجمات الإرهابية في الولايات المتحدة وأوروبا جددت الدول دعواتها للسماح بالإعادة القسرية لمصلحة الأمن القومي، حيث أن الإعادة إلى الوطن هي الطريقة الأكثر فاعلية لإرسال اللاجئين الذين يعتقد أنهم يمثلون تهديداً حقيقياً.
علاوة على ذلك تتضمن المعاهدات الأحدث عادة التزامات محددة تمنع الإعادة القسرية تحت أي ظرف من الظروف، حيث دفعت هذه العوامل الدول الفردية والاتحاد الأوروبي إلى البحث عن سبل للالتفاف حول تدابير حماية عدم الإعادة القسرية التي توازن بين الأمن وحقوق الإنسان.
أمثلة على الانتهاكات:
تعد إعادة تايلاند القسرية لـ 45000 لاجئ كمبودي في براسات برياه فيهير في 12 يونيو 1979 مثالاً كلاسيكياً على الإعادة القسرية، فقد أجبر اللاجئون تحت تهديد السلاح على عبور الحدود وهبوطاً منحدر حاد في حقل ألغام وأولئك الذين رفضوا أطلقوا النار عليهم من قبل الجنود التايلانديين ما يقرب من 3000 لاجئ (حوالي 7 بالمائة) ماتوا.
يزعم أن أفعال تنزانيا أثناء الإبادة الجماعية في رواندا سنة 1994 انتهكت مبدأ عدم الإعادة القسرية، ففي ذروة الأزمة عندما ارتفع تدفق اللاجئين إلى مستوى “الهجرة الجماعية” فقد أغلقت الحكومة التنزانية حدودها أمام مجموعة تضم أكثر من 50000 لاجئ رواندي يفرون من أعمال العنف الإبادة الجماعية، ففي سنة 1996 قبل أن تصل رواندا إلى مستوى مناسب من الاستقرار تمت إعادة حوالي 500.000 لاجئ إلى رواندا من زائير.
إن أحد المجالات الرمادية للقانون الأكثر إثارة للجدل داخل الدوائر الموقعة هو تفسير المادة 33 من اتفاقية سنة 1951، حيث كان اعتراض السفن التي تنقل اللاجئين المحتملين في أعالي البحار ممارسة شائعة من قبل حكومة الولايات المتحدة على وجه الخصوص، مما يثير التساؤل عما إذا كانت المادة 33 تتطلب أن يكون اللاجئ داخل بلد ما أو ببساطة ضمن سلطة الدولة لإطلاق الحق ضد الإعادة القسرية.