ما هي الأوتوقراطية؟

اقرأ في هذا المقال


في أوقات سابقة تمت صياغة مصطلح المستبد كخاصية مفضلة للحاكم مع وجود صلة ما، بمفهوم عدم تضارب المصالح بالإضافة إلى مؤشر على العظمة والسلطة. لقد أطلق على الإمبراطور الروسي لقب أوتوقراطي كل روسيا في أواخر القرن العشرين.

مفهوم الأوتوقراطية:

هو نظام حكم تتركز فيه السلطة السياسية العليا لتوجيه جميع أنشطة الدولة في يد شخص واحد، لا تخضع قراراته لقيود قانونية خارجية ولا آليات منظمة للسيطرة الشعبية ربما باستثناء التهديد الضمني الانقلاب أو التمرد.

تاريخ الأوتوقراطية:

يأتي الاستبداد من اليونانية القديمة “الذات والقوة” أي التجسيد اليوناني للسلطة، وفي اللغة اليونانية في العصور الوسطى تم استخدام مصطلح Autocrates لأي شخص يحمل لقب الإمبراطور بغض النظر عن السلطة الفعلية للملك، حيث أدرج بعض الملوك السلافيين التاريخيين مثل: القياصرة والأباطرة الروس لقب أوتوقراطي كجزء من أساليبهم الرسمية ما يميزهم عن الملوك الدستوريين في أماكن أخرى من أوروبا.

مقارنة الأوتوقراطية مع أشكال الحكومة الأخرى:

غالباً ما يتم ربط كل من الدكتاتورية الشمولية والدكتاتورية العسكرية بنظام أوتوقراطي ولكن لا داعي لذلك، حيث إن الشمولية هي نظام تسعى فيه الدولة للسيطرة على كل جانب من جوانب الحياة والمجتمع المدني. يمكن أن يرأسها زعيم أعلى مما يجعلها استبدادية ولكن يمكن أن يكون لها أيضاً قيادة جماعية مثل: الكوميون أو المجلس العسكري أو حزب سياسي واحد كما في حالة دولة الحزب الواحد. في تحليل الخلافات العسكرية بين دولتين إذا كانت إحدى الدول المعنية حكماً استبدادياً تضاعف احتمال حدوث العنف.

أصل الأوتوقراطية وتطوراتها:

تشير أمثلة من أوائل أوروبا الحديثة إلى أن الدولة المبكرة كانت مواتية للديمقراطية. وفقاً ليعقوب الحريري خارج أوروبا يظهر التاريخ أن الدولة المبكرة أدت إلى حكم الفرد، أما الأسباب التي قدمها هي استمرار الحكم الأوتوقراطي الأصلي وغياب “الزرع المؤسسي” أو الاستيطان الأوروبي.
قد يكون هذا بسبب قدرة الدولة على محاربة الاستعمار أو وجود البنية التحتية للدولة التي لم يحتاجها الأوروبيون لإنشاء مؤسسات جديدة للحكم. في جميع الحالات لم تتمكن المؤسسات التمثيلية من الدخول في هذه البلدان واستمرت في حكمها الاستبدادي، حيث كان الاستعمار الأوروبي متنوعاً ومشروطاً بعدة عوامل.
إن البلدان التي كانت غنية بالموارد الطبيعية لديها حكم استخراجي وغير مباشر بينما شهدت المستعمرات الأخرى الاستيطان الأوروبي. بسبب هذه التسوية ربما شهدت هذه البلدان إنشاء مؤسسات جديدة واعتمد الاستعمار أيضاً على عوامل الهبات ووفيات المستوطنين.
يضع مانكور أولسون نظرية لتطوير الأنظمة الاستبدادية باعتباره أول انتقال من الفوضى إلى الدولة، أما بالنسبة لأولسون تتميز الفوضى بوجود عدد من قطاع الطرق المتجولين الذين يسافرون حول العديد من المناطق الجغرافية المختلفة لابتزاز الثروة من السكان المحليين مما يترك حافزاً ضئيلاً للسكان للاستثمار والإنتاج.
ونظراً لأن السكان المحليين يفقدون الحافز للإنتاج فإن هناك القليل من الثروة سواء للقطاعين للسرقة أو للناس لاستخدامها. يضع أولسون نظريات المستبدين على أنهم “قطاع طرق ثابتون” يحلون هذه المعضلة من خلال السيطرة على إقطاعية صغيرة واحتكار ابتزاز الثروة في الإقطاع على شكل ضرائب، وبمجرد أن يتم تطوير الحكم الأوتوقراطي يرى أولسون أن كلا من المستبد والسكان المحليين سيكونون أفضل حالاً لأن المستبد سيكون له “مصلحة شاملة” في الحفاظ على الثروة في الإقطاعية ونموها؛ لأن العنف يهدد خلق الريع فإن لدى “اللصوصية الثابتة” حوافز لاحتكار العنف وإقامة نظام سلمي.
يصف دوغلاس نورث وجون جوزيف واليس وباري آر وينغاست الأنظمة الاستبدادية بأنها أوامر وصول محدودة تنشأ عن هذه الحاجة لاحتكار العنف، على عكس أولسون فإن هؤلاء العلماء يفهمون الدولة المبكرة ليس كحاكم واحد لكن كمنظمة شكلتها العديد من الجهات الفاعلة، إذ يصفون عملية تشكيل الدولة الاستبدادية على أنها عملية مساومة بين الأفراد الذين لديهم إمكانية الوصول إلى العنف.
وبالنسبة لهم يشكل هؤلاء الأفراد تحالفاً مهيمناً يمنح كل منهم امتيازات أخرى مثل: الوصول إلى الموارد، ونظراً لأن العنف يقلل الإيجارات فإن أعضاء التحالف المهيمن لديهم حوافز للتعاون وتجنب القتال، حيث إن الوصول المحدود إلى الامتيازات ضروري لتجنب المنافسة بين أعضاء التحالف المهيمن الذين سيلتزمون بعد ذلك بشكل موثوق بالتعاون وسيشكلون الدولة.

تعزيز الأوتوقراطية:

لقد قيل إن الأنظمة الاستبدادية مثل: الصين وروسيا والدول الاستبدادية مثل: كوريا الشمالية حاولت تصدير نظام حكمها إلى دول أخرى من خلال “تعزيز الاستبداد”، كما يشكك عدد من العلماء في أن الصين وروسيا قد نجحتا في تصدير الاستبداد إلى الخارج.


شارك المقالة: