اقرأ في هذا المقال
يرى معظم الخبراء أن الضربة الوقائية التي يتم إجراؤها دون موافقة الأمم المتحدة غير قانونية بموجب الإطار الحديث للقانون الدولي. لقد أكد روبرت ديلاهونتي وجون يو من إدارة جورج دبليو بوش في مناقشتهما لعقيدة بوش أن تلك المعايير غير واقعية.
مفهوم الحرب الوقائية:
الحرب الوقائية هي حرب أو عمل عسكري يبدأ لمنع طرف محارب أو محايد من اكتساب القدرة على الهجوم، والطرف الذي يتم مهاجمته لديه قدرة تهديد كامنة أو أظهر من خلال مواقفه أنه ينوي الهجوم في المستقبل. تهدف الحرب الوقائية إلى منع حدوث تحول في ميزان القوى من خلال شن هجوم استراتيجي قبل أن يتاح لميزان القوى فرصة التحول لصالح الطرف المستهدف، حيث تختلف الحرب الوقائية عن الضربة الوقائية وهي الضربة الأولى عندما يكون الهجوم وشيكاً.
مدافعون الحرب الوقائية:
تراوح المدافعون عن الحرب الوقائية من الشيوعيين البوساديين الذين جادلوا بالحرب لتدمير الرأسمالية للمحافظين الجدد الغربيين مثل: جورج دبليو بوش ودونالد رامسفيلد الذين جادلوا بأن الحرب الوقائية ضرورية في عالم ما بعد 11 سبتمبر. يدعي المؤيدون أنه تم استخدامه على مدار التاريخ الأمريكي وهو مهم بشكل خاص في الوقت الحاضر من حيث صلته بتكتيكات الحرب غير التقليدية وأسلحة الدمار الشامل، حيث تدعو استراتيجية الأمن القومي إلى سياسة الجهود الاستباقية لمكافحة الانتشار والتدابير الوقائية.
نقد الحرب الوقائية:
هناك إجماع على أن الحرب الوقائية تتجاوز ما هو مقبول في القانون الدولي وتفتقر إلى الأساس القانوني. لم تصل لجنة الأمم المتحدة رفيعة المستوى المعنية بالتهديدات والتحديات والتغيير إلى حد رفض المفهوم تماماً لكنها أشارت إلى عدم وجود حق في شن حرب وقائية، فإذا كانت هناك أسباب وجيهة لبدء حرب وقائية فيجب عرض الأمر على مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة والذي يمكنه أن يأذن بمثل هذا الإجراء.
أمثلة على الحرب الوقائية:
غزت قوى المحور في الحرب العالمية الثانية بشكل روتيني البلدان المحايدة على أساس المنع وبدأت غزو بولندا في سنة 1939 من خلال الادعاء بأن البولنديين هاجموا نقطة حدودية أولاً، وفي سنة 1940 غزت ألمانيا الدنمارك والنرويج وقالت إن بريطانيا ربما استخدمتهما كنقاط انطلاق للهجوم أو منعت توريد المواد الاستراتيجية لألمانيا.
أما في صيف سنة 1941 غزت ألمانيا الاتحاد السوفييتي لتبدأ حرباً دموية ووحشية على الأرض من خلال الادعاء بأن مؤامرة يهودية بلشفية كانت تهدد الرايخ. في أواخر سنة 1941 تم تنفيذ الغزو الأنجلو – سوفييتي لإيران لتأمين ممر إمداد بالبنزين إلى الاتحاد السوفييتي، حيث ناشد الشاه الإيراني رضا شاه الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت المساعدة ولكن تم رفضه على أساس أن حركات الغزو من قبل ألمانيا ستستمر وستمتد إلى ما وراء أوروبا إلى آسيا وإفريقيا وحتى الأمريكتين ما لم يتم إيقافها بالقوة العسكرية.
بيرل هاربور:
لعل أشهر مثال على الحرب الوقائية هو الهجوم على بيرل هاربور من قبل إمبراطورية اليابان في 7 ديسمبر 1941، حيث اعتقد الكثير في الولايات المتحدة واليابان أن الحرب أمر لا مفر منه. إلى جانب الحظر الاقتصادي الأمريكي المعوق الذي أدى إلى تدهور القدرة العسكرية اليابانية بسرعة، أدى ذلك بالقيادة اليابانية إلى الاعتقاد بأنه من الأفضل خوض الحرب في أقرب وقت ممكن.
لقد كان الدافع وراء الهجوم التسلل جزئياً هو الرغبة في شل الأسطول الأمريكي في المحيط الهادئ للسماح لليابان بالتقدم مع معارضة أقل من الولايات المتحدة، عندما أمنت إمدادات النفط اليابانية من خلال القتال ضد الإمبراطورية البريطانية والإمبراطورية الهولندية للسيطرة على الهند الشرقية الغنية (جزر الهند الشرقية الهولندية، شبه جزيرة الملايو) حقول النفط.
وفي سنة 1940 زادت السياسات الأمريكية والتوتر تجاه الأعمال العسكرية اليابانية والتوسع الياباني في الشرق الأقصى، على سبيل المثال: في مايو 1940 تم توجيه قاعدة أسطول المحيط الهادئ الأمريكي التي كانت تتمركز على الساحل الغربي إلى موقع “متقدم” في بيرل هاربور في هونولولو هاواي.
وقد عارض بعض مسؤولي البحرية الأمريكية هذه الخطوة بما في ذلك قائدهم الأدميرال جيمس أوتو ريتشاردسون الذي أعفيه روزفلت، مع ذلك لم يتم تعزيز أسطول الشرق الأقصى بشكل كبير. لقد كانت هناك خطة أخرى غير فعالة لتعزيز المحيط الهادئ وهي النقل المتأخر للطائرات المقاتلة إلى قواعد تقع في جزر المحيط الهادئ مثل: جزيرة ويك وجوام والفلبين.
ولفترة طويلة كان القادة اليابانيون وخاصة قادة البحرية الإمبراطورية اليابانية يعرفون أن القوة العسكرية الأمريكية الكبيرة والقدرة الإنتاجية، تشكل تهديداً طويل الأمد للرغبات الإمبريالية اليابانية خاصة إذا اندلعت الأعمال العدائية في المحيط الهادئ، ولذلك فقد عكست المناورات الحربية على كلا الجانبين تلك التوقعات لفترة طويلة.