في أشكالها المتطرفة ترتبط القومية الجديدة بعدة مواقف مثل: الشعبوية اليمينية، مناهضة العولمة، الوطنية، الحمائية، معارضة الهجرة، الإسلاموفوبيا، رهاب السينوفوبيا والتشكيك في أوروبا. مع العولمة وفكرة الأمة الواحدة يرى القوميون الجدد مشكلة تحديد الهوية والهويات المهددة، حيث يطالبون بحماية التراث الرمزي مثل: الفن والتقاليد الشعبية التي تشترك أيضاً في القومية الثقافية. تشمل التعبيرات البارزة بشكل خاص عن القومية الجديدة، التصويت لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في استفتاء سنة 2016، على عضوية المملكة المتحدة في الاتحاد الأوروبي وانتخاب دونالد ترامب سنة 2016 كرئيس للولايات المتحدة رقم 45.
مفهوم القومية الجديدة:
القومية الجديدة هي حركة إيديولوجية وسياسية مبنية على الخصائص الأساسية للقومية الكلاسيكية. لقد تطورت إلى شكلها النهائي من خلال تطبيق عناصر ذات طابع رجعي، ولدت كرد فعل على التغيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي جاءت مع العولمة خلال الموجة الثانية من العولمة في الثمانينيات.
أصول القومية الجديدة:
تعتبر القومية الجديدة ظاهرة على مستوى أوروبا الغربية، حيث تعود أصولها إلى فترة ما بعد الحرب الباردة والتغييرات، التي أحدثتها المرحلة الثالثة من العولمة على دول أوروبا الغربية. لقد أدى تكامل الاتحاد الأوروبي وتوسيعه إلى سلسلة من التغييرات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، التي تسببت في عدم اليقين على المستوى الفردي والجماعي.
لقد شكل تمكين الاتحاد الأوروبي من خلال توسيع أعضائه والاستفتاءات، على الدستور الأوروبي فكرة شبه دولة عابرة للحدود وأمة عالمية في ظل الديمقراطية الليبرالية، باعتبارها الإيديولوجية السياسية الوحيدة التي تحكم تلك الدولة العابرة للحدود. بعد رفض الاستفتاء على معاهدة تأسيس دستور لأوروبا، لقد اعتبر القوميون الجدد أن تفويض السيادة الوطنية إلى الاتحاد الأوروبي، بمثابة عمل استراتيجي يهدف إلى تراكم السلطة الذي يقوض السيادة الوطنية للدول وحقها من تقرير المصير.
عوامل خارجية:
الأحداث الدرامية التي ميزت العالم الإسلامي في ثمانينيات القرن الماضي، مثل: الثورة الإيرانية واغتيال أنور السادات وموت رئيس باكستان، وضعت بداية لزيادة الهجرة نحو دول أوروبا الغربية. دفعت المشاكل التي واجهها المهاجرون فيما يتعلق بوصولهم وإقامتهم واندماجهم، في المجتمع المحلي للدولة المضيفة إلى إعادة هيكلة جدول الأعمال السياسي وتعديلات السياسة، التي دمجت تنوع المهاجرين.
أدى إدراج “المبادئ الأجنبية” بجانب العناصر التقليدية التي تشكل طابع الدولة المضيفة، كمعايير للسياسة إلى الشعور بالتهديد الذي يشعر به القوميون الجدد. لقد تمت صياغة هذه العملية على أنها أسلمة، وتحولت إلى عامل توضيحي لسلوك جماعي دفاعي محدد.
أدت الصراعات والعنف التي أعقبت زعزعة الاستقرار السياسي في بعض الدول الإسلامية، إلى تصنيف الإسلام على أنه ذو طابع مناهض للديمقراطية ومعاد للحداثة، يتعارض مع الديمقراطية الليبرالية الغربية. بعد هجمات 11 سبتمبر أصبحت صورة الإسلام هذه هي المهيمنة. أدى الشعور بالتهديد الإسلامي للمجتمعات الحديثة وثقافتها التي انتشرت على طول دول أوروبا الغربية، إلى نشوء الوعي الوطني والاعتزاز بالثقافة والفولكلور والحاجة إلى حماية الهوية الثقافية الوطنية.
الجذور في القومية:
القومية الجديدة هي خليفة القومية الكلاسيكية. يرى كل من القوميين والقوميين الجدد الأمة، كعائلة واحدة لكنهم يختلفون في معايير الانتماء. يرى القوميون الدولة والأمة كعائلة يرتبط أفرادها ارتباطاً وثيقاً، على أساس التجانس الإثني أو العرقي أو الجيني أو الديني أو الثقافي كمعايير للانتماء في المقابل، يأخذ القوميون الجدد الارتباط التاريخي كعامل رئيسي لمنح العضوية للأسرة الوطنية مما يجعلها شاملة ومختلفة اختلافاً جوهرياً عن سابقاتها من حيث الشمولية.
على النقيض من القومية الكلاسيكية لا تأخذ القومية الجديدة الإثنية والعرق، لبناء نظام هرمي من حيث الصواب والخطأ. إن التمييز الأساسي الذي يجعل القوميين الجدد يبتعدون عن أسلافهم، هو موقفهم من الاختلافات والعلاقة بين الجماعات والسلوك المتنوع.
في جوهر القومية الرومانسية التقليدية يكمن مفهوم الأداء الصحيح للبياض على أساس المبادئ الراسخة في الغرب، التي تعمل كمعيار عالمي للسلوك ونموذج للتطبيق العالمي الذي تعتمد عليه الأعمال التبشيرية والاستعمار. كان قد حصل على مبرر في الماضي على النقيض من ذلك، يعتقد القوميون الجدد أن السلوك الصحيح بين أعضاء المجتمع المدني يقوم على المعاملة بالمثل.
لا ينبغي تأطير الاختلافات على أنها مشكلة تتطلب اتخاذ إجراءات للتغلب عليها. نظراً لأن الاختلافات تعطى بشكل طبيعي وتشكل جزء من هوية الفرد والجماعة، فيجب دمجها في المجتمع المدني على أساس التسامح والاحترام المتبادلين، دون أن يتم ترتيبها بشكل هرمي لإنتاج ادعاءات معيارية وتصنيف جيد أو سيئ.