إنها مجموعة من الافتراضات المترابطة التي توضح العملية التي تتجنب بها الجماعات السياسية برامج الفكر المتطرفة لصالح سياسات أكثر اعتدالاً، بالإضافة إلى تفضيل الانتخابات والاسترضاء والاستراتيجيات غير المواجهة على الاستراتيجيات غير الانتخابية والاستراتيجيات المعيبة واستراتيجيات المواجهة.
لمحة عن النظرية الوسطية:
يمكن أن يحدث الاعتدال على المستويين الإيديولوجي والسلوكي ويعزز كل منهما الآخر، حيث يمكن إرجاع أصول هذه النظرية إلى عمل روبرت ميشيل الذي قدم دراسة كلاسيكية عن الحزب الديمقراطي الاجتماعي الألماني في كتابه “الأحزاب السياسية“.
تقدم هذه النظرية أيضاً رؤى تتعلق بتكوين الحزب السياسي من خلال مراجعة مجموعة واسعة من الحالات التاريخية، بما في ذلك الأحزاب الاجتماعية والديمقراطية المسيحية في أوروبا الغربية والجماعات الإسلامية الحديثة، على وجه الخصوص يعد تطور الأحزاب السياسية الإسلامية في تركيا منذ بداية السبعينيات الذي توج بظهور حزب العدالة والتنمية في الانتخابات البرلمانية سنة 2002 تجسيداً بارزاً للديناميكية التي أبرزها النظرية الوسطية.
مضمون النظرية الوسطية:
تتكون النظرية من ثلاث آليات سببية: أولاً: بمجرد تنظيم الجماعات السياسية المتطرفة كأحزاب تبحث عن الأصوات تسود الاعتبارات الانتخابية، حيث تتخلى هذه المجموعات عن أجنداتها الثورية لصالح استراتيجيات زيادة الأصوات يستند هذا التوقع إلى نظرية الناخب الوسطي.
الآلية الثانية تتعلق بضعف الجماعات السياسية المتطرفة عند مشاركتها في السباق الانتخابي بسبب قمع الدولة لها، حيث يتطلب منطق البقاء السياسي أن تتجنب هذه الجماعات المواجهة المفتوحة مع نخب الدولة، أما الآلية الأخيرة التي تتضمن تأثير الموارد التنظيمية على سلوك المجموعة وتعتقد أن الحفاظ على التنظيم الانتخابي له الأولوية على الأهداف السياسية الأساسية، حيث بمجرد تنظيم الجماعات المتطرفة كأحزاب سياسية لا يمكن تحقيق مشاريعها الأساسية للثورة ضد النظام السياسي بسبب نقص الموارد التنظيمية.
بينما يمكن النظر إلى اعتدال الجماعات المتطرفة على أنه يفضي إلى الديمقراطية، فإنه يمكن أيضاً أن يعيق التقدم الديمقراطي حيث يناشد النظام الحاكم المتطرفين أن يفقدوا خصائصهم الإصلاحية.
في الوقت الحالي كان هناك المزيد من التطور لنظرية الاعتدال والتفكير النقدي لفهم تطور الأحزاب السياسية الإسلامية في البلدان ذات الأغلبية المسلمة مثل: مصر والأردن وإندونيسيا وإيران وتركيا، حيث حزب الوسط في مصر مثال على التنظيم الإسلامي المعتدل الذي لم يعلنه النظام السابق.