الاسم الذي أطلق على المدة من النزاعات المسلحة التي وقعت بين حركة أمل وحزب الله أثناء الفترات الأخيرة من الحرب الأهلية اللبنانية. بدأ الصراع بصدامات بين الطرفين في مارس 1988 ثم تحول إلى مواجهات عسكرية عنيفة في 5 أبريل من العام نفسه، حيث امتدت على ثلاث مراحل متقطعة خلال السنوات الثلاث التي أعقبت اندلاع الصراع حتى توقف بشكل كامل في 9 نوفمبر1990 عقب توقيع اتفاق سلام بين الجانبين برعاية سورية وإيران باعتبارهما الدولتين اللتين ترعيان وتدعمان أطراف النزاع.
تأسيس حرب الإخوة:
تألفت أفواج المقاومة اللبنانية المعروفة بحركة أمل سنة 1974 كجناح مسلح لحركة المحرومين التي أنشأها الإمام موسى الصدر. بالرغم من دعمها المبدئي لقوات منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان أمام القوى المسيحية المعارضة لها في بداية الحرب الأهلية اللبنانية سرعان ما انقلبت حركة أمل بين أطراف النزاع إلى جانب الجيش السوري بعد أن بدأت عمليات عسكرية لتقليص النفوذ الفلسطيني في لبنان.
من ناحية أخرى بدأ حزب الله كمنظمة مؤلفة من عناصر محافظة من الطائفة الشيعية في لبنان وتم تشكيله رسمياً سنة 1982 كردة فعل على احتلال إسرائيل للبنان. مع انتهاء “حرب المخيمات” التي أطلقتها حركة أمل ضد منظمة التحرير الفلسطينية بدأت بالفعل حرب الأخوة بين حزب الله وحركة أمل بعد عدة اشتباكات دارت في جنوب لبنان وفي الضاحية الجنوبية لبيروت.
خلفية حرب الإخوة:
بدأت الطائفة الشيعية في لبنان تترسخ في لبنان بين القرنين العاشر والحادي عشر نتيجة التوسع الفاطمي في المنطقة؛ بسبب الصراع الشيعي السني على مدى العصور المختلفة واضطر الشيعة إلى التحرك جنوباً بعيداً عن المدن والساحل.
وعندما انهارت الإمبراطورية العثمانية في أوائل القرن العشرين كانت مناطقهم السكانية من أكثر المناطق حرماناً اجتماعياً واقتصادياً في جبل لبنان، حيث توزعوا في منطقة جبل عامل في الجنوب ووادي البقاع في الشمال الشرقي. في سنة 1920 قرر الانتداب الفرنسي على لبنان انتزاع لبنان من سوريا الكبرى بهدف منح المسيحيين الموارنة في جبل لبنان الأساس الجغرافي لإقامة دولتهم المستقلة.
لكن بسبب المحدودية الجغرافية للمسيحيين اللبنانيين لقد تم ضم الأراض ذات الغالبية الشيعية ضمن نطاق حدود الدولة المستقبلية مما ساهم في حصولهم على مواطنة الدولة الحديثة، إلا أن تلك الإجراءات لم تساعد في إنهاء شعورهم بكونهم مواطنين من الدرجة الثانية غير أن وضع الشيعة مع مرور الزمن أصبح يتحسن تدريجياً وتم الاعتراف بهم رسمياً كطائفة إلى جانب طوائف لبنان ومنحوا الحق بالاحتفال بعاشوراء.
عندما بدأ الوضع الاقتصادي في التحسن في الخمسينيات من القرن الماضي بدأ الشيعة الذين انتقل الكثير منهم إلى المناطق الحضرية في السعي للحصول على تمثيل سياسي. في غضون ذلك في سنة 1959 وصل الإمام موسى الصدر رجل الدين اللبناني (يحمل الجنسية الإيرانية) إلى لبنان ليقود الشيعة في صور. منذ ذلك الحين سعى الصدر إلى تعزيز مصالح مجتمعه من خلال خلق “هوية شيعية لبنانية” تتماشى مع الهوية الوطنية اللبنانية الأوسع.
قبل تأسيس الصدر لحركة المحرومين سنة 1974 ثم المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى سنة 1967 كان الشيعة اللبنانيون الذين طالما شعروا أنهم محرومون من حقوقهم السياسية يميلون إلى الانضمام إلى صفوف الحركات السياسية والاجتماعية المختلفة والجماعات المتوفرة في ذلك الوقت مثل: الحزب الشيوعي اللبناني، الحركة الناصرية، حزب البعث وحتى بين الحركات الفلسطينية.
ولكن بمجرد ظهور الحركة المحرومة أصبحت الحركة الأكثر شعبية بين الشيعة من الطبقة الوسطى والمغتربين اللبنانيين العائدين من غرب إفريقيا، وكذلك بين بعض القادة المؤثرين داخل النظام الإقطاعي اللبناني. لقد كانت سياسة الصدر بضرورة التكافل الاجتماعي بين الشيعة ومقاومة إسرائيل نقطة جذب لطائفته وساهمت في نمو حركته.
أحداث حرب الإخوة:
في سنة 1988 اختطف مقاتلو حزب الله العقيد الأمريكي هيغينز من الطريق الساحلي في جنوب لبنان خلال رجوعه من لقاء مع مسؤول محلي من حركة أمل برئاسة هيغنز على رأس بعثة المراقبة التابعة للأمم المتحدة. في وقت سابق من ذلك الشهر أيضاً اختطفت قوات حزب الله لفترة وجيزة عاملين من الأونروا من منطقة تسيطر عليها حركة أمل قرب صيدا. لقد اعتبر نبيه بري أن العمليات التي نفذها حزب الله خرقت مناطق سيطرته وأمر بإجراء عملية بحث وإنقاذ مكثفة في منطقة التفاح في أعقاب حادثة هيغنز.
من جانبه أيد حزب الله مطالب الخاطفين وقام بنفي أي مسؤولية عن عملية الخطف وامتدت عمليات التمشيط التي نفذتها قوات أمل إلى القرى الخاضعة لحكم حزب الله، حيث جرت سلسلة اعتقالات وتفتيش للمنازل ورد حزب الله على هذه الأعمال بقتل ضابط مرتبط بحركة أمل في الجيش اللبناني بالهجوم على حاجز لحركة أمل على أطراف قرية حاروف في منطقة جبل عامل وهذه الحادثة هي المفجر الرئيسي لما سمي بحرب الأخوة بين الجانبين.