لقد تواصلت الحرب قرابة 3 سنوات حيث قامت عن طريقها، باستهداف غارات القوات الجوية الإسرائيلية المدنيين المصريين، على أمل خضوع القيادة السياسية المصرية، باستعمال مقاتلات فانتوم الأمريكية الحديثة، كما استخدم المصريون الخبراء السوفييت، وصواريخ الدفاع الجوي السوفييتية لتأمين العمق المصري.
مفهوم حرب الاستنزاف:
المعروفة بحرب ألف يوم، كما دعا العديد من الإسرائيليين ذلك، يعد مفهوم قام بإطلاقه الرئيس المصري جمال عبد الناصر على الحرب، التي وقعت بين مصر وإسرائيل على ضفاف قناة السويس، بدأت أحداثها عندما تقدمت المدرعات الإسرائيلية باتجاه بور فؤاد، بهدف احتلالها في الأول من يوليو 1967، حيث نجحت في مواجهتها صاعقة مصرية، فيما عرف بمعركة رأس العش.
تصاعدت العمليات العسكرية خلال الأشهر التالية، خاصة بعد أن دعم العرب دول المواجهة، خلال القمة العربية بالخرطوم، ورفض إسرائيل قرار مجلس الأمن رقم 242 الداعي، إلى انسحاب إسرائيل بعد احتلال الأراضي العربية، بعد انتصارها المفاجئ على العرب، خلال فترة الحرب “حرب يونيو”.
لقد شهدت الحرب معارك معينة بين إسرائيل وسوريا والأردن والمقاتلين الفلسطينيين، فقد تم إنهاء المواجهات في سنة 1970 بأمر الرئيس عبد الناصر، والملك حسين بعدم رفض مبادرة روجرز لإنهاء إطلاق النار، لم تؤد الحرب إلى أي تغيير في خطوط وقف إطلاق النار، ولا المساعي للتوصل إلى تسوية سلمية بسبب التعنت الإسرائيلي، بل سادت حالة لا سلام ولا حرب، الأمر الذي أدى بدوره إلى اندلاع حرب أكتوبر بعد ثلاث سنوات.
خلفية عن حرب الاستنزاف:
أدت الهزيمة في حرب 1967 إلى إزالة الجيش المصري، من سيناء وتحشيده على الضفة الغربية للقناة، حيث تم إنهاء إطلاق النار بعد ستة أيام من وقوع الحرب، كما أصدرت القيادة العسكرية المصرية، توجيهات قبل نهاية يونيو 1967 جاء فيها: “بنيت مرحلة إعادة التنظيم على أساس إصرار، وإيمان المقاتل في جيشنا وقدراته على القتال، معتمداً على الانضباط والترابط والأخلاق والروح القتالية استعداداً لاستعادة سيناء كاملة.
من أجل هذا الوطن العزيز علينا جميعا، لن يتم السماح لأي شخص أو معدات بالانشقاق عن خطوط دفاعنا الحالية، أيضاً لن يصدر القائد العام ولا أي قائد أمراً بالارتداد. إنه لشرف أن يموت الجميع في مواقعنا الدفاعية من وصمنا بالعار، ووصمة الشرف العسكرية التي لدينا. كان هذا تصحيحاً للعرف السائد منذ عام 1956، المتمثل في ارتداد الجيش بشرط أن تتولى السياسة تصحيح الوضع.
سرعان ما نظمت القوات المسلحة المصرية على طول الجبهة، الدفاعات بقدرات لا يمكن أن تتجاوزها، لا تزيد عن 100 دبابة و150 مدفعية في 10 يونيو 1967، حيث بدأت تتزايد بمساعدة الدول العربية والصديقة، التي سرعان ما تم إرسال أسلحة ومعدات إلى جانب تنفيذ، الاتحاد السوفييتي لبعض عقود صفقات الأسلحة القديمة، ليصل كفاءة القوات المسلحة إلى حوالي 50٪ من الكفاءة المحددة لها في نهاية عام 1967، أيضاً المصالحة العربية في مؤتمر القمة العربية في الخرطوم، التي ساعدت في سحب القوات المصرية من اليمن؛ لتحمل مسؤوليتها الوطنية على الجبهة.
في سنة 1967، توجهت مدفعية الجيش المصري بإطلاق النار على الجيش الإسرائيلي، لرد إسرائيل في اليوم اللاحق بضربة جوية ضد المدفعية المصرية، ففي 4 تموز أصابت القوات المصرية، عدة أهداف إسرائيلية في سيناء لتبدأ حرب الاستنزاف. فقد بذلت جهود كبيرة على مختلف المستويات، من الرئيس المصري إلى وزير الحرب، القائد العام للقوات المسلحة، رئيس الأركان، قادة الأفرع الرئيسية والجيوش الميدانية. يحاول كل واحد إقناع نظرائه من الاتحاد السوفييتي، بضرورة تزويد مصر بالأسلحة المتطورة، وعدم الرضا عن الأسلحة القديمة، التي جاءت من الاتحاد السوفييتي سواء من خلال الدعم أو الصفقات.
لقد كان تركيز المناقشة دائماً على المقارنة الفعلية، بين قدرات الأسلحة الإسرائيلية، التي تستعملها بالفعل وقدرات الأسلحة التي قام الاتحاد السوفييتي بتقديمها إلى مصر، التي أثبت العديد منها أنها ناقصة في حرب يونيو ضد أسلحة إسرائيل.
على سبيل المثال مقاتلات MiG-15 وMiG-17، ذات المدى القصير والتسلح المحدود، لم تكن قادرة على مواجهة الطائرات الإسرائيلية، مثل: Mirage وSuperMaster وSkyhawk وما إلى ذلك. كما أن الدبابات T34 المستخدمة في الحرب العالمية الثانية، لا يمكن أن تتعامل مع الدبابات الإسرائيلية شيرمان وسنتوريون المطورة. كما أن وسائل الإنذار الجوي من نماذج قديمة، حيث لا تتناسب مع استراتيجية استعمال سلاح الجو الإسرائيلي وأكثر بكثير.
حرب الاستنزاف ووقف إطلاق النار:
مع تعاقب الأحداث وتصعيدها، ازداد الشعور لدى القيادة والشعب الإسرائيلي، بأن الحرب كانت مجرد استنزاف لإسرائيل نفسها، لذلك بدأت موجات السخط تتصاعد، مع اعلان خسائر إسرائيل المتزايدة يوما بعد يوم.
لقد بدأت الصراعات داخل القيادة الإسرائيلية نفسها، بين الحمائم والصقور تتهم بعضهم البعض، كما أن العملية على أرضها لم تحقق شيئاً غير الدعم السوفييتي، سواء بالسلاح أو التواجد في ساحة القتال، أيضاً لم تؤد إلا إلى تآكل الجيش والطيران الإسرائيليين. فائدته الوحيدة هي تصعيد العمليات العسكرية المصرية.