ما هي أهمية الحركات الباطنية المفاجئة في تشكيل سطح الأرض؟
الزلازل EARTHQUAKES هي من أهم المفاهيم التي تملك علاقة الحركات المفاجئة، حيث تم تعريف الحركات المفاجئة بأنها الحركات التي تحصل بشكل مفاجئ بسبب اضطرابات باطنية إما أن تكون في القشرة الأرضية ذاتها أو في التكوينات التي ترتكز عليها، وهي لا تكون متتابعة وتحدث لوقت قصير قد لا يزيد على جزء من الدقيقة الواحدة، وأهمها هي الهزات الزلزالية أو الثورانات البركانية.
وعلى الرغم من أنها ممكن أن تتسبب في كوارث مروعة، فإن علاقتها بتكوين تضاريس سطح الأرض لا تبرز إلا في مواضع قليلة، وهذا يكون بعكس الحركات البطيئة التي لعبت الدور الأساسي في تشكيل أغلب التضاريس الكبيرة لسطح الأرض.
ومع هذا فإن الآثار الفيزيوغرافية التي تصدر عن الحركات المفاجئة، وخصوصًا المعالم المرتبطة بالثورات البركانية، تعد من الموضوعات الهامة التي تحتاج العناية عند دراسة الجيولوجيا الطبيعية، ومن المعروف أن نشاط هذه الحركات وتأثيرها كان قوي جداً أثناء العصور الجيولوجية المختلفة منها في الوقت الحاضر؛ بسبب تطور استقرار القشرة الأرضية، ومع ذلك فإن بعض أماكنها لم تصل بعد إلى الاستقرار الكامل، وهذه هي الأماكن التي تسمى أحيانًا باسم الأماكن الضعيفة، وهي توجد في نطاقات ضخمة تتناسب مع النطاقات التي تشكلت فيها سلاسل الجبال الحديثة، تلك التي بقيت تتعرض حتى الآن للهزات الزلزالية والثورات البركانية.
حدث الكثير من التطورات في معرفة الزلازل، فعلى الرغم من أن الزلازل قديمة جدًا مع قدم الأرض ذاتها وأن كوارثها المفجعة كانت ضخمة الحدوث في الماضي، وأنها مستمرة الحدوث في الوقت الحاضر من وقت إلى آخر، حيث أن دراستها بالاعتماد على أسس علمية سليمة لم تبدأ إلا خلال أواسط القرن التاسع عشر، وقبل ذلك جميع محاولات توضيحها غير معتمدة على أي أسس علمية، مما أتاح المجال لانتشار التوضيحات الخرافية بين الجميع في الأرض، ومنها أن هذا الحيوان هو الذي يقوم بتحريكها عندما يعمل حركات خاصة إلا أن نوع هذا الحيوان يكون مختلف من بلد إلى آخر على حسب طبيعة البيئة المنتشرة.
ففي مصر وغيرها من بلاد الشرق الأوسط يشيرون على أنه ثور كبير يقوم بحمل الأرض على قرنيه، وأن الأرض تهتز في حال قام هذا الثور بنقلها من قرن إلى آخر، وفي الولايات المتحدة يعتقدون أن الحيوان هو سلحفاة كبيرة جداً، وفي اليابان يضنون أنه سمكة ضخمة تستطيع أن تهز الأرض إذا حركت ذنبها، وترتبط الدراسة الحديثة لعلم لزلازل في علوم الطبيعة الأرضية Geophisics ومن المعلوم أن هذه العلوم لها صلات قوية مع علوم طبيعة أخرى، مثل علوم الجغرافية الطبيعية والجيولوجيا والطبيعة ومع التطور القوي في جميع هذه العلوم وغيرها انسلخت منها علوم متعددة تخصص كل منها في أحد الفروع الدقيقة، ومن بينها علم السيسموجرافيا Seismography، أو علم دراسة الزلازل.
كما أن الإنسان قد كان قادراً بسبب التقدم العلمي أن يحمي نفسه من بعض الظاهرات الطبيعية المخيفة؛ لكنه مازال غير قادر على أن يحمي نفسه من خطر الزلازل؛ لأنها تحصل بشكل مفاجئ دائماً من دون إنذار، هناك البعض من العلماء الذين يهتمون في دراسة الزلازل حاولوا أن يتوصلوا إلى أسلوب يمكن من خلاله التنبؤ باقتراب حدوثها، ولكن كل المحاولات لم تصادف قبولاً يستحق الذكر، ولك ما أمكن القيان به لتقليل الخسائر التي تنتج عنها في الأماكن التي تتعرض لها هو إنشاء المباني بشكل خاص وبمواد محددة تستطيع مقاومة الهزات الأرضية، فقد توضح مثلًا أن الأسمنت المسلح هو أفضل مادة للبناء في هذه المناطق.
إن حجم البناء كلما يكون صغير وارتفاعه قليل فإن مقاومته للهزات الأرضية تكون كبيرة، والمباني المبنية على أرض صخرية صلبة والتي يتعمق أساسها داخل الأرض لمسافة كبيرة تكون كذلك أقدر على اختلاف بلاد العالم، فما زال بعض الأشخاص حتى في البلاد المتقدمة يربطون حصولها بوجود حيوان كبير يعمل على حمل هذه الهزات من المباني التي تبنى على السطح أو التي لا تتعمق داخل الأرض في قدر الكافي الذي يحفظ لها توازنها عند حصول الهزات الأرضية، أسبابها وتعيين مراكزها بينت الدراسات الحديثة أن هناك نوعين من الزلازل، يصدر أحدهما من حدوث حركات تكتونية مفاجئة، ولهذا السبب تم اطلاق عليه تعبير الزلازل التكتونية Tectonic Earthquakes.
وأهم الحركات التي تكون السبب في تكوين هذا النوع هي حركات التصدع وما يرافقها من انزلاق في التراكيب الصخرية تحت سطح الأرض، أما النوع الآخر يرتبط حصوله بالثورانات البركانية وما يرافقها من حركات قوية تتسبب في اندفاع المواد المنصهرة أو الغازية بشدة بين طبقات الصخور، ويطلق عليه تعبير الزلازل البركانية Volcanic Earthquakes وهي أقل حدوثًا بشكل عام من الزلازل التكتونية والنقطة التي يبدأ منها الزلزال تكون موجودة عادة على عمق مجموعة من الكيلو مترات تحت سطح الأرض، وهذه النقطة هي التي تم تسميتها باسم البؤرة الزلزالية Seismic Focus ومن هذه البؤرة تنتشر الموجات الزلزالية في كل الاتجاهات تقريبًا.
وأول نقطة تصل إليها على السطح هي النقطة التي توجد فوق البؤرة، وتم تسميتها باسم المركز السطحي Epicenter وقد توضح من خلال دراسة عدد كبير من الزلازل، أن البؤرة في أغلبها كانت على أعماق تقل عن ثمانية كيلو مترات في باطن الأرض وأنه من النادر جدًّا أن يرتفع عمقها عن 45 كيلو مترًا، ومع مولد الزلزال مباشرة في بؤرته تتوسع موجاته في جميع الاتجاهات ويبرز تأثيرها على السطح في جميع المنطقة المتأثرة به، ويعتمد اتساع هذه المنطقة على درجة قوة الزلزال، من الممكن أن يصل اتساع هذه المنطقة في الزلازل القوية إلى بضعة ملايين من الكيلو مترات المربعة، بل ومن الممكن أن يصل تأثيرهما أحيانًا إلى جميع بقاع سطح الكرة الأرضية.
ولكن لا يشترط أن يحس الانسان بها في جميع هذه البقاع، وإنما تعمل أجهزة القياس على تسجيلها فقط في البقاع البعيدة، والذي يهمنا على أية حال هو المكان التي تؤثر فيه الهزات الزلزالية بشكل واضح، وهذه المنطقة يمكن تعينها على الخريطة من خلال خطوط توصل بها المناطق التي تتساوى فيها آثار الزلزال، كما تشير إليها مظاهر التدمير والتخريب أو مجرد الحركات التي تحدث داخل المباني وغيرها من الأجسام، وكما تشير إليها أيضاً أجهزة القياس، ويطلق على هذه الخطوط اسم خطوط القوة الزلزالية المتساوية Lsoseismal Lines، وهذه الخطوط في الغالب تكون بهيئة دوائر غير منتظمة حول المركز العلوي، ويلاحظ أن هذا المركز لا يكون مميزاً لأول مرة، وأن هذه الخطوط هي التي تساعد بعد رسمها على تعيينه.