من هو ابن النفيس؟
هو أبو الحسن علاء الدين علي بن أبي الحزم الخالدي المخزومي القرشي الدمشقي، اشتهر باسم “ابن النفيس”، كان يُنادى في بعض الأحيان بالقرَشي مع فتح الراء وذلك نسبةً إلى قبيلة قريش، يُعدّ ابن النفيس واحداً من أهم علماء العالم العربي والإسلامي، كما أنّه كان عالماً موسوعي وطبيباً عربيّاً مُسلماً.
تميّز ابن النفيس في العديد من الإسهامات والإنجازات التي جعلت منه شخصاً معروفاً له مكانةً وقيمةً عريقة في زمانه وحتى وفاته، هذا وقد ركّزت مُعظم اسهاماته على مجال الطب، حيث كان يُشار إليه على أنّه هو من اخترع الدورة الدموية الصغرى، كما أنّه كان واحداً من أهم الرّواد الذين ساهموا في اكتشاف وتحديد الوظائف العامة لأعضاء الجسم المُختلفة.
كان ابن النفيس المرجع الرئيسي للعديد من العلماء والأطباء، كما أنّه تولّى عدداً من المناصب والمهام التي زادت من مكانته العلمية والعملية، إلى جانب ذلك فقد كان بالنسبة للعديد من علماء زمانه فيزيولوجيّاً مُهماً، حيث ظل العرب والغرب يعتمدون على معظم تجاربه وأبحاثه لاتمام دراساتهم وأبحاثهم.
كان ابن النفيس من مواليد مدينة دمشق التي تُعرف الآن بسوريا، حيث ولد في حوالي عام”607″ للهجرة، بدأ دراساته وعلمه في دمشق، حيث تعلّم على يد العديد من علماءها وأساتذتها، كما أنّه أخذ عنهم الكثير من العلوم التي ظهرت واضحة في مؤلفاته وتجاربه ودراساته.
كان ابن النفيس مُعاصراً لعدد من الأطباء المشهورين في ذلك الزمان أمثال الطبيب الشهير ابن أبي أصيبعة الذي درس معه العديد من الدراسات كما أنّه أخذ عنه العديد من العلوم ذات المجالات المختلفة.
إلى جانب اهتمام ابن النفيس في علوم الطب وأبحاثها، فقد كانت له ميولاتٍ أخرى تتجلّى في كل من الفلسفة والفلك والرياضيات، إضافةً إلى اهتمامه في تعلّم نصوص القران والحديث واللغة والمنطق والأدب.
اشتهر ابن النفيس كغيره من العلماء بكثرة سفره وتنقله، حيث انتقل إلى العديد من مناطق ودول العالم بحثاً للعلم، هذا وقد كانت أولى سفراته إلى القاهرة التي عمل فيها طبيباً في المُستشفى الناصري، ومن ثم انتقل إلى مستشفى المنصوري الذي بناه السلطان قلاوون، هذا وقد تم تكريم ابن النفيس من خلال تعيينه رئيساً للأطباء، كما أنّه أصبح الطبيب الخاص للسلطان الظاهر بيبرس.
اشتهر ابن النفيس بعلمه وذكاءه وفطنته، حيث كان له مجلساً خاصاً يقوم فيه بإعطاء عدداً من المحاضرات والندوات التي كان يحضرها مجموعة من أمراء ووجهاء وأطباء القاهرة، أمّا عن صفات وشكل ابن النفيس فقد كان نحيفاً طويل القامة أسيل الخدين مُبتهجاً في أغلب الأوقات.
إضافةً إلى ذلك فقد كان ابن النفيس حلقة الوصل التي ربطت بين الأطباء القدامى وأطباء العصر الحديث، حيث نجح في إعادة صياغة وتعديل ما تم دراسته واكتشافه منذ القدم، كما أنّه عمل على تصحيح جميع الأخطاء التي كانت تظهر في تلك الكتابات، ومن ثم بدأ ينقل كل ما توصل إليه من دراسات وأبحاث عن طريق كتبه ومؤلفاته.
بقي ابن النفيس في القاهرة معظم حياته، حتى يُقال أنّه مكث فيها حتى وفاته، حيث وافته المنية في السابع عشر من ديسمبر وذلك في عام”1288″ للميلاد، كما أنّه دُفن في القاهرة، وقد تم بناء مسجداً نُسب إليه في إحدى مُحافظات القاهرة؛ وذلك تقديراً له على جهوده التي بذلها في سبيل إيصال العلم والمعرفة.
أشهر ما تميّز به ابن النفيس:
كان ابن النفيس مُنفتحاً على الحياة، لا يؤمن بالانغلاق والعزلة عن العالم الخارجي، كما أنّه كان يدعو إلى التحرر والابتعاد عن كل الأفكار المغلوطة التي كان العديد من العلماء الذين سبقوه وعاصروه يخشون انتقادها ومُخالفتها؛ الأمر الذي جعله يكسر كل القيود التي كانت تُحيط بها.
تمكّن ابن النفيس من الجمع والربط بين عدداً من العلوم المُختلفة بشكلٍ مُنسحم ومتوازن، كما أنّه كان لا يُصدق كل ما يقرأه إلّا من خلال إخضاعه للتجربة والنقد والفحص، كما أنّه كان يُقارن كل المعلومات التي يحصل عليها بخطوات البحث العلمي سواء كانت مُطابقة لما يتم ذكره أم لا.
كان ابن النفيس يُشبّه بالموسوعة العلمية المُتحركة التي يلجأ إليها العديد من العلماء والطلبة والأساتذة؛ حيث تم اعتباره كذلك وذلك نظراً لبراعته في فن المُداومة ودقة أبحاثه إلى جانب كثرة معلوماته وتطورها.
يُعتبر ابن النفيس أول من اكتشف الدورة الدموية الصغرى حيث قدّم العديد من المُساهمات والاكتشافات في هذا المجال، كما أنّه توصل بعد قيامه بإجراء العديد من الدراسات والتجارب إلى أنّها عبارة عن حركة الدم عبر الشرايين والأوردة والتي تنتقل بين كل القلب والرئتين.