الأحجار النيزكية ونشأة الحياة

اقرأ في هذا المقال


ما هو دور الأحجار النيزكية بنشأة الحياة؟

تم مشاهدة أول سقوط لنيزك كوندريتي كربوني خلال مارس لعام 1806 في سلسلة جبال سفين قرب أليس في فرنسا، ومن بعد سقوطه بعدة أسابيع قام الخبير الكيميائي تينارد بملاحظة أن الحجر النيزكي يحتوي على مادة عضوية تشبه الخث وكانت بكميات كبيرة (الخث عبارة عن المادة التي تنتج من تحلل النباتات)، لكن العالم الكيميائي الشهير السويدي برزيليوس أكد أن هذه الملاحظة لم تكتسب أي اهتمام حينها.
وبعد مرور مدة نحو شهر على سقوط الحجر النيزكي الكوندريتي أوركوي في مايو لعام 1864، نشر الكيميائي مارسلين بيرتولو تحليل عن الحجر الحديدي، حيث أكد بذلك وجود تشابه كبير بين المادة الفحمية التي تخص الأحجار النيزكية وبين المواد الفحمية ذات الأصل العضوي التي تجمع على سطح الكرة الأرضية.
وهذه التحاليل الرائدة قد أرست مجال علم الأحياء الخارجي وإن لم يوجد هذا المصطلح بعد حينها وعلم الأحياء الخارجي (مجال علمي تلتقي خلاله عدة تخصصات) يهتم بالنواحي المختلفة التي تخص ظروف نشأة الحياة على كوكب الأرض وعلى كواكب أخرى.
قام بارتولوميو نايجي (من جامعة شيكاغو) وزملاؤه في عام 1962 بنشر عدد من النتائج المهمة جداً في مجلة نييتشر، حيث أعلنوا من منظورهم بأنهم قد رصدوا بعدسة المجهر الكثير من العناصر المنظمة في الحجر النيزكي أوركوي، وعلى الرغم من أن الذين أعدوا البحث لم يقوموا بذكر الحياة الناشئة خارج كوكب الأرض إلا أن الصحافيين عملوا من هذا الاكتشاف خبراً انتشر في أرجاء المعمورة.
حيث انتشر أثناء عام 1963 في مجلة بلانيت المعروفة أن الحياة الناشئة خارج الأرض حقيقة مثبتة، ونعم توجد الحياة في مكان آخر، ومع نهاية التسعينات تم إثبات أن العناصر المنظمة التي قام نايجي باكتشافها ما هي إلا حبوب غبار الطلع الأرضية التي تعلقت بالحجر النيزكي عند سقوطة.

علاقة الأحجار النيزكية بسطح الأرض ونشأة الحياة:


إن العلماء قد امتنعوا لمدة أربعين عاماً من الإعلان عن اكتشاف أي دليل للحياة في الأحجار النيزكية، حيث أنهم كانوا متأثرين بحادثة حجر نايجي الذي تضررت سمعته العلمية لفترة طويلة وعلى غير حق إثر هذا الأمر المؤلم، لكن الأمر رجع وظهر مرة أخرى قرب نهاية القرن العشرين لكن هذه المرة بأحجار نيزكية ناشئة من كوكب المريخ، فهذه الأحجار حين تنشأ بكوكب ما تقوم الثقافة الشعبية بربطه في الحياة الناشئة خارج الأرض، حتى وإن لم يعرف ما في النيازك الكربونية من مادة عضوية.
ثم وخلال عام 1877 قام عالم الفلك الإيطالي سكياباريلي بالإعلان عن رصده على تضاريس خطية على وجه كوكب المريخ وقام بتسميتها بقنوات، وخلال عام 1938 ذاع أورسن ويليس الذعر في الولايات المتحدة عندما قرأ على الإذاعة رواية تسمى برواية هيربرت جورج ويليس (حرب العوالم) التي تتحدث عن غزو الكائنات المريخية للكرة الأرضية.
وتم خلال عام 1996 إعلان ديفيد ماكيه والفريق الخاص فيه لدى ناسا عن اكتشافهم على أدلة متطابقة تدل على وجود الحياة في كوكب المريخ، حيث أنهم أعلنوا عن اكتشافهم لأشكال أحفورية ذات صلة بالكربونات والماغنينيت بالإضافة إلى المادة العضوية (الهيدروكربونات العطرية ذات الحلقات المعددة).
ومن المهم معرفة أن الكربونات يتم في العادة إيجادها على الأرض بوجود الماء وأن البكتيريا من الممكن أن تعمل على تحليل الهيدروكربونات، كما أن الهيدروكربونات العطرية ذات الحلقات المتعددة هي نتيجة لانحطاط المادة الحية، وتوافقاً مع ماكيه فإن هذه الأمور جميعها تكون دليل على اكتشاف حياة أحفورية على كوكب المريخ.
لكن جميع هذه الملاحظات لم تدم طويلاً أمام المجتمع المحلي الناقد، الذي يوضح أنه من الممكن شرح العلاقة بين المعادن وبين المادة العضوية من خلال عمليات اللاحياتية، أما المادة الأحفورية الدقيقة قد توضح لاحقاً أنها نتيجة صنعية للمجهر الإلكتروني الذي استعمله ماكيه وفريقه، ومن الملاحظ أن الاهتمام الإعلامي الذي اكتسبته الأحجار النيزكية تسبب في ارتفاع أسعارها بشكل متزايد، وذلك تسبب في خيبة أمل لدى أمناء مجموعات الأحجار النيزكية الذين لم تعد لدى مؤسساتهم إمكانية شراء العينات بأسعار السوق.
وفي حال تم بالفعل اكتشاف أشكال حياة ما ناشئة خارج الأرض في الأحجار النيزكية، لأصبح ذلك بمثابة دعم قوي لنظرية التبرز الشامل التي تقول أن الحياة قادرة على التحرك بشكل حر في الكون وقادرة على تهجين أجسام المنظومة الشمسية المختلفة بل وما وراءها، وحتى في حال تم إثبات هذه النظرية يبقى علينا فهم آلية نشوء الحياة ومتى حدث ذلك أيضاً.


شارك المقالة: