اقرأ في هذا المقال
ما هي الاستحالة العامة للسلاسل الجبلية؟
إن الاستحالة العامة هي من المظاهر المميزة للسلاسل الجبلية ومرتبطة بتشكلها، ولذا فإنه من المفيد توضيح العلاقات الكائنة بين هذه الاستحالة وبين التكتونيك، إن الاستحالة هي عملية تحول منرالوجية (أي تحول معدني) تصيب الصخور التي تطبق عليها حرارة عالية (أكثر من 300 درجة).
ونميز فيها استحالة تماسية عندما تكون التأثيرات الحرارية محلية (مثلاً بالتماس مع الاندفاعات) أو عندما تكون التأثيرات عامة نسبة للتحولات على مستوى القشرة الأرضية، ولدراسة هذه الأخيرة لا بد من معرفة توزع الحرارة في باطن القشرة الأرضية ومعرفة القوانين التي تحدد علاقة الأعماق بتغيرات الحرارة.
ولقد بينت الدراسات الميدانية والمخبرية أن مخطط العمق والحرارة يبدي تغيرات كبيرة، ولكن من المتفق عليه أنه في الحالات العادية ترتفع الحرارة بمعدل 3 درجات لكل 100 متر أي بمعدل 30 درجة للكيلو متر الواحد، غير أن هذا المعدل هو ما يطلق عليه اسم غراديان حراري قد يزيد أو ينقص كثيراً، بحيث تنخفض إلى معدل درجة واحدة لكل 100 متر أو تزيد بمعدل درجة لكل بضعة أمتار، وذلك يحدث في النطاقات الحارة غير العادية.
إن التغيرات السابقة في قيمة الغراديان الحراري قد تحصل لدى الانتقال من منطقة إلى أخرى أو عندما نتوغل في الأعماق، وهكذا فإن مخطط العمق والحرارة لم يعد يُمثل بمستقيم، وإنما يتم تمثيله بمنحنى يُحدد ميله قيمة الغراديان الحراري؛ أي السرعة التي يتم بموجبها تغير درجة الحرارة في الأعماق.
إن معظم النتائج الحالية والمستمدة من دراسة المنحنيات (حرارة، عمق وحرارة، ضغط) تبين أن الاستحالة غالباً ما تتشكل في المناطق غير العادية والحارة من القشرة الأرضية، وهذا يعني أن الأجزاء الاستحالية من السلاسل الجبلية تتوافق في لحظة الاستحالة مع النطاقات التي تكون فيها الخطوط الحرارية متقاربة أكثر من بقية المناطق أو مقوسة أو شديدية التقارب، إلا أنه قد يحدث في نطاقات عميقة أقل حرارة من النطاقات المجاورة.
بالتالي فإن خطوط الحرارة تكون مقعرة وهذا ما يحدث في نطاقات الغوص، وذلك في أعقاب انغماس كتلة سفيرية باردة في المعطف العلوي، يمكن القول إذاً أن الاستحالة مرتبطة بحدوث شذوذ حراري غير عادي وهو موجب غالباً، أما إذا كانت سالبة فإنها ستصيب القشرة الأرضية ولا سيما في حالة غوص صفيحة تحت أخرى وبحيث الضغط عالي.
وحسب هذه التغيرات فإننا نميز عدة أنواع من الاستحالة، فمثلاً نميز بين استحالة منخفضة متوسطة وعالية الضغط وهي تعتمد على تغير الضغط بشكل رئيسي وتعتمد على الحرارة أيضاً، وهناك تصانيف أخرى تأخذ بعين الاعتبار عامل الزمن الجيولوجي والسوائل الموجودة وبخاصة غاز الكربون، فقد تم تمييز استحالة في وسط مائي واستحالة في وسط كربوني.
العلاقة بين التكتونيك والشواذ الحرارية كمسبب للاستحالة:
من خلال الدراسات التي تم القيام بها حتى الآن يمكن استنتاج عدد من القوانين التي تحدد العلاقة بين التكتونيك وبين الشواذ الحرارية وأثرها في توليد الاستحالة، ويمكن تلخيص هذه القوانين كما يلي:
- إن الاستحالة لا تصيب أبداً سلسلة بكاملها وإنما جزءاً متميزاً بضغط تكتوني شديد جداً ويتجاوز حداً معيناً، فعلى سبيل المثال تصيب الاستحالة نطاقات الأغطية ويختلف الجزء المتحول في أهميته وحجمه وذلك تبعاً لوضع السلسلة.
ففي السلاسل الضيقة يكون محدود الاتساع وأحياناً لا يكون موجود، كما تصيب الاستحالة أيضاً المناطق المركزية من السلسلة الجبلية، بما أن الاستحالة تصيب المناطق التكتونية من سلسلة ما فإنه يمكن القول أن الالتواء والاستحالة هما مسبب واحد مشترك وعميق.
ويمكن توضيح ذلك باعتبار أن الشواذ الحرارية المسببة للاستحالة هي إحدى نتائج الالتواء؛ أي أن جزءاً من الطاقة المسؤولة عن تشكل السلسلة يتحول إلى حرارة ولكن كمية هذه الحرارة مختلفة، ومن الممكن تبرير تحول الطاقة اللازمة لهذه الاستحالة وما يتبقى من الطاقة لا يمكن تفسيره إلا باعتبار حركات وحوادث خاصة تتم على مستوى المعطف العلوي. - تبدأ الاستحالة في الوقت نفسه الذي يبدأ فيه الالتواء، ولكن الاستحالة تدوم وقتاً أطول على خلاف التكتونيك الذي يحدث في فترات متقطعة، فالاستحالة تكون مستمرة لا سيما عندما تكون لاحقة للتكتونيك وهذا يشير إلى أن الاستحالة مزامنة للتكتونيك أو لاحقة فهي ليست أبداً سابقة للتكتونيك، بل قد تكون هناك استحالة سابقة بالنسبة لطور تكتوني معين.
- إن الجزء الأكبر من الاستحالة مزامن للتكتونيك، فالجزء الأعظم من الاستحالة يحصل في الوقت نفسه الذي يتم فيه الالتواء، ولذلك تتميز الصخور الكريستالية الورقية المتحولة بوجود تطاول، وعليه فلا توجد استحالة عامة بدون فلزات موجهة، وعندما يكون هناك استحالة لاحقة للتكتونيك فإنه من الممكن أن تختفي نتيجة لاعادة التبلور.