ما هي البنية الريولوجية للمعطف العلوي في الكرة الأرضية؟
يعود الفضل في الأفكار الحديثة التي تم الحصول عليها عن بنية المعطف العلوي لسطح الأرض لكل من ايلزاسير (Elsasser) ماك كينزي (Mc Kenzie) واوليفي وإسحاق أيضاً، فمن الناحية الريولوجية يقسم الغطاء إلى ثلاث طبقات مركزية لها خواص ميكانيكية مختلفة، وفيما يلي شرح مفصل لهذه الطبقات المركزية:
- الليتوسفير: هو الطبقة السطحية التي تصل سماكتها 70 كيلو متر تحت الأحواض المحيطية وإلى الضعف تقريباً تحت المسطحات القديمة، ويتميز الليتوسفير قبل كل شيء بأنه يستطيع أن يتحمل خلال وقت كبير ضغوطاً من مرتبة الكيلو بار دون أن يسيل.
في حين أن الأستينوسفير المتوضع تحته لا يستطيع ذلك، كما أن الليثوسفير يعتبر الجزء من الكرة الأرضية الذي يلعب الدور الأساسي في ميكانيكة الأرض، حيث إنه يتمتع بالصفات التالية:- يبدو على سطح الأرض بشكل عدد من الصفائح أو بالأحرى القبب الكروية ذات الأبعاد الكبيرة (دوماً عدد ملايين من الكيلو مترات) وخالية تقريباً من التشوهات.
ويما أن هذه القبب الكروية قد عانت من انتقالات كبيرة (عدد ملايين من الكيلو مترات)، دون أن تتشوه فبذلك يجب القبول بأن الليتوسفير ذو صلابة كبيرة ويستطيع تحمل جهود عظيمة لأوقات طويلة دون أن يتشوه.
وهذا يعني أن لزوجته كبيرة جداً من مرتبة 10^24 بواز (poises) وهي وحدة غير نظامية، حيث تقاس اللزوجة الحركية من خلالها، وهي أكبر بثلاث مرات من لزوجة الاستينوسفير، وبالتالي فإن سرعة الموجات الاهتزازية كبيرة جداً وكذلك كثافته قد تكون أكبر من كثافة الأستينوسفير. - يوجد حدة مع الأستينوسفير المتوضع تحته واضحة جداً غالباً، بحيث يمكننا أن الصفيحة الليتوسفيرية الصلبة تعوم فوق الأستينوسفير اللزج وحركتها تكون مستقلة عن حركة هذا الأخير.
إن الصفيحة الليتوسفيرية يمكن أن تشمل بشكل واضح سطوحاً محيطية وسطوحاً قارية ولا يتوافق مفهومها مع مفهوم القشرة، ويمكن اعتبار القشرة القارية ضمن صفيحة مثل قطعة من الخشب المتجلدة ضمن قالب من الثلج، وبما أن قالب الثلج يحافظ على صلابته فإن قطعة الخشب لا تغير من وضعها.
ولكن بما أن القشرة القارية ذات كثافة أصغر مما حولها؛ نظراً لأنها مركبة من مكونات مختلفة التركيب الكيميائي فلا يمكنها الهبوط، وبالتالي تعيق الصفيحة التي توجد فيها من الانغماس في الوسط المحيط بها لتعمل على تمديدة وتخفيف كثافته.
- يبدو على سطح الأرض بشكل عدد من الصفائح أو بالأحرى القبب الكروية ذات الأبعاد الكبيرة (دوماً عدد ملايين من الكيلو مترات) وخالية تقريباً من التشوهات.
- الأستينوسفير: ويقع الأستينوسفير تحت الليتوسفير بسماكة تتراوح من 70 إلى 150 وحتى 850 كيلو متر، وهو يشكل تقريباً طبقة متجانسة من الناحية الكيمائية، ولكن يبدو أن خصائصه ليست متجانسة تماماً بحيث يمكن تمييز طبقات عديدة تتمايز صفاتها بشكل بسيط.
إن الجزء العلوي منه والمحصور من 70 إلى 150 وحتى 350 كيلو متر هو الأستينوسفير، أما ما تبقى فيشكل ما يسمى الطبقة الانتقالية، ويمكن تحديد الأستينوسفير بأنه طبقة لا تستطيع تحمل جهود عالية خلال أوقات طويلة، والاختلاف الرئيسي بينه وبين الليتوسفير هو أن الطبقات الأولى من الأستينوسفير تقع بين 50 إلى 100 كيلو متر وهي مكتومة جداً.
وذلك حيث أن التصلب يبدأ من قاعدة الليتوسفير، مما يغير في الصفات الميكانيكية لصخور الأستينوسفير التي تكون سرعات الموجات الاهتزازية فيها ضعيفة، ويفترض أن تركيبه الكيميائي هو بيرودوتيتي مع تغير في الحالة الفيزيائية عمودياً، إن حالة من الانصهار الجزئي تسمح بتفسير سرعة الموجات الاهتزازية الضعيفة فيه.
من المؤكد أن الاستينوسفير هو مصدر لحركة مواد بأحجام كبيرة تسبب انتقال الصفائح العائمة فوقه، وكثيراً ما وصفت هذه الحركات بتيارات تحميل ناتجة عن تمايز في الكثافة، غير أن طبيعة هذه الحركات ليست حتى الآن معروفة بشكل جيد، ولكن يفترض أن حركة الأستينوسفير هي في اتجاه معاكس لحركات الليتوسفير وهذا يجعل من الأستينوسفير نطاقاً متحركاً.
إن الدراسات الجيوفيزيائية الحالية تتجه إلى الأستينوسفير وإلى طريقة انغماس الليتوسفير فيه، ويؤمل من ذلك الحصول على معلومات هامة عن المعطف العلوي في القشرة الأرضية. - الميزوسفير: إن الميزوسفير يقع على أعماق تزيد عن 700 أو 900 كيلو متر، وهو يعتبر خامل بسبب أنه فقد قسماً كبيراً من مكوناته المشعة وذلك في فترة من تاريخ الأرض (الأزمنة الجيولوجية السابقة).
ومن الممكن أن تكون اللزوجة الظاهرية للمعطف السفلي أكبر بكثير من لزوجة الأستينوسفير، وربما يكون من مرتبة 10^26 بواز (poises)، كما تشير نتائج ماك كنزي لعام 1966 التي دحضت من قبل غولدريش وتومر.
وهذه اللزوجة المتزايدة تتمكن من تفسير سبب توافق هذا العمق مع العمق الأقصى لسطوح بينوف الاهتزازية التي تكون مشتركة مع الحفر المحيطية، مما يشير إلى أن تيارات التحميل تقتصر على المعطف العلوي حتى عمق يتراوح من 700 إلى 800 كيلو متر.