ما هي الحجارة النيزكية المنبثقة من المذنبات؟
منذ زمن بعيد وتحديداً منذ الخمسينات من القرن العشرين، كان العلماء ينظرون إلى المذنبات على أنها عبارة عن أجسام مليئة بالماء والحبيبات برفقة الغبار المجهري، ومعدن المكون الصخري من المذنبات ضئيلا جداً بحيث أنه لا يستحق الذكر، ومن ناحية أخرى فإن شظايا المذنبات المترية تبلغ الكرة الأرضية في العادة بسرعات كبيرة.
لكن هذا في طبيعة الحال يتعارض مع تخيل مبدأ الحفظ نظراً للإتلاف الميكانيكي الذي يتم عند اختراق الغلاف الجوي، ومن خلال هذه العوامل يتعذر أحياناً تصور المذنبات على أنها منشأ لبعض هذه الأحجار النيزكية.
خلال عام 2006 وبدءاً من مشاهدات تم تدوينها عام 1864 وتم نشرها في تقارير أكاديمية العلوم الفرنسية، أتيحت الفرصة لإعادة رسم مدار نيزك أوركوي في الفراغ الفضائي الذي يقع بين الكواكب، وهو عبارة عن المدار الذي ظهر متفقاً مع مدار شظية مذنب لا شظية كويكب، على الرغم من ذلك لم يتم تعيين هذا المدار بشكل دقيق، حيث تم استعمال طرق الرصد الحديثة عوضاً عن طرق الرصد المرئي.
ومع ذلك تعتبر شواهد نيزك أوركوي ذات تفصيل بالغ؛ والسبب في ذلك أنها استفادت من التقدير البالغ الذي كان يحمله الجمهور المتعلم للعلوم خلال ذلك العصر، وفي ظل غياب اليقين فإن احتمالية انحدار نيزك أوركوي وغيره من مجموعة CI1 ما زال احتمالاً قائماً وقوياً.
علاقة الكواكب بتواجد الحجارة النيزكية:
قام خبراء علم الحركة باقتراح احتمالية كون الكويكبات من نوع (دي D) عبارة عن مذنبات غُرست في حزام الكويكبات أثناء القصف القوي المتأخر، وفي حال تم تثبيت هذه الفرضية أمام المستجدات فسوف يؤدي ذلك إلى تعزيز فكرة ورود بعض النيازك الكوندريتية من المذنبات.
من غير المحتمل أن يكون كوكب الزهرة منشأ للنيازك، فحجم هذا الكوكب هو قريب من حجم الكرة الأرضية، ولكي تفلت بعض الأجزاء من التجاذب الثقلي الخاص فيها، فلا بد من أن تعمل على استقبال قدر عظيم من الطاقة، حيث أن هذا لا يمكن أن يتم إلا في حالات التصادم العنيفة التي تعتبر نادرة بشكل نسبي.
ومن ناحية أخرى فإن الغلاف الجوي السميك الذي يخص كوكب الزهرة (90 باراً مقارنة مع بار واحد للغلاف الجوي الأرضي) يخفف من سرعة النيازك الثقيلة، مما يؤدي إلى تقليص قدرتها على التصدع في أجزاء ذات طاقة كافية للإفلات من جاذبية كوكب الزهرة.
يوجد البعض من الباحثين يدافعون عن الفكرة التي تقول أن عطارد هو منشأ لبعض النيازك اللاكوندرتية المتمايزة؛ وذلك لأن حجم عطارد صغير بما يكفي لإفلات بعض الأجزاء بمقدار سرعة قريب من سرعة الإفلات، كما أن عطارد يخلو من أي غلاف جوي.
وعملوا علماء الحركة في عام 2008 على إظهار إمكانية بلوغ نيازك آتية من عطارد للكرة الأرضية، على الرغم من ذلك إلا أنه لم يتم إثبات نشوء لأي حجر نيزكي من كوكب عطارد إلى غاية الآن بشكل قطعي، كما أنه من المحتمل امتلاك مجموعتنا على نيازك ناشئة من كوكب عطارد من غير العلم بها.
في ديسمبر من عام 1980 سقط نيزك إلى قرية قيدون بجمهورية اليمن الديموقراطية، وهو يعتبر حجراً نيزكياً ذو أهمية كبيرة؛ وذلك لأنه تكتل من أجزاء مليمترية، ويتكون من حجارة نيزكية مختلفة تماماً عن بعضها البعض، كما تم جمع أنواع كثيرة مختلفة من الحجارة النيزكية في ضواحي قيدون، منها الأجسام المتمايزة ومنها أيضاً نيازك كوندريتية كربونية وغيرها الكثير.
قام العالم الروسي أندري إفانوف باقتراج أن يكون نيزك قيدون وارداً من فوبوس (وهو أحد أقمار المريخ ويرتبط بالكويكبات من نوع سي C) واقترح أن الشظايا الصخرية المتمايزة قادمة من كوكب المريخ، ويجب التنويه أن مجمع المجتمع العملي يكون بعيد كل البعد عن إقرار هذه الفرضية التي تثير الجدل.
تنتج الأحجار النيزكية عن اصطدام كويكب مع الكويكب المستهدف أثناء هذا المسار الذي يبدا من الجسم الأم وينتهي في الأرض، حيث أن النيازك تتعرض إلى إشعاع المجرة الكوني وهي عبارة عن أشعة ذات طاقة فائقة تولد في النيازك تفاعلات نووية تصدر بدورها عناصر مشعة، ومن الممكن تقدير تغير نسبة هذه العناصر المشعة مع مرور الوقت عن طريق استعمال النمذجة.
مع العلم أن نسبة هذه العناصر المشعة تعتمد بشكل أساسي على طبيعة الصخرة المعرضة للإشعاع الكوني، وتهتد أيضاً على قدر هذا الإشعاع واحتمال حدوث تفاعل نووي ومدة تعرض الأحجار النيزكية للإشعاع وعلى سرعة اضمحلال العنصر المعدني، وعندما يصل النيزك إلى الأرض من الممكن تقدير الزمن الذي احتاجه النيزك في الفضاء عن طريق قياس نسبة العناصر المشعة مثل 36 CL التي تملك دور يعادل 30 ألف عام.