ما هي العلاقة بين الغلاق الصخري ونطاق المور؟
على عكس الامتدادات الأفقية أو المساحات التي يسهل تحديدها بالنسبة للألواح التكتونية، فإن الامتدادات الرأسية أو السمك يصعب تحديده على وجه الدقة، وبالرجوع إلى الفكرة الأولية لفرضية الانجراف القاري والتي طرحها النمساوي ألفريد فاجنر، سوف نلاحظ أن العالم قد بنى فكرته على حقيقة أن هناك أجزاء أو قطع من القشرة القارية تتحرك بالنسبة لبعضها البعض بسبب وجود قشرة محيطية لدنة أو مرنة.
ولقد ثبت أن هذا الكلام غير دقيق في جزئية أن الانجراف والحركة تتم بسبب لدونة أو مرونة القشرة المحيطية، وإزاء هذا قد تم طرح فكرة أخرى وأيضاً تم رفضها، والفكرة كانت تفترض أن أجزاء من القشرة الأرضية كانت تتحرك حركة انزلاقية فوق وشاح (ستار أو لحاف) الأرض.
والسبب في رفض هذه الفكرة معزو إلى أن سمك القشرة المحيطية لا يتعدى ثمانية كيلو مترات، ولا يعقل أن يظل هذا السمك البسيط دون أي تشوه نتيجة للحركة الانزلاقية، يضاف إلى هذا كله أنه لا توجد هناك أدلة مؤكدة على أن هذا الجزء السفلي من القشرة الأرضية مختلف في خصائصه الفيزيائية بسبب ازاحات أفقية تتم فوق وشاح الأرض.
على الجانب الآخر، فإن سلوك الموجات السيزمية (الموجات الزلزالية) الأولية والثانوية يشير إلى أن الخصائص الفيزيائية لكل من قشرة الأرض والجزء العلوي من الوشاح تتغير تدريجياً تحت عمق 100 أو 150 كيلو متر، حيث يحدث تناقص مفاجئ في سرعات الموجات السيزمية تحت هذا العمق، ثم تزداد السرعات مرة أخرى.
ويطلق على هذا النطاق التي تتناقص عنده سرعات الموجات السيزمية اصطلاح نطاق السرعات الضعيفة أو الأثينوسفير أو الريوسفير أو نطاق المور، ويعتقد أن نطاق المور منخفض الكثافة ومنخفض اللزوجة أو بتعبير آخر فهو نطاق قص أو لدن ومرن، ويمكن أن تحدث من خلاله انسيابة للمواد الصخرية، كما يمكن أيضاً أن يسمح بحرية حركة الألواح التكتونية التي تعلوه فضلاً عن أن يلعب دوراً فاعلاً في توازن القشرة الأرضية.4
ويطلق على الجزء الصخري الذي يعلو نطاق المور اسم الغلاف الصخري، وهو يتألف من قشرة الأرض (سواء كانت قارية أم محيطية) بالإضافة إلى الجزء العلوي من الوشاح، ويتراوح سمكها فيما بين 80 إلى 120 كيلو متر في المحيطات، ويصل سمكه في القارات نحو 150 كيلو متر، ولما كان الجزء السفلي من الغلاف الصخري يعتمد على التغير النسبي التدريجي في اللزوجة والتي ترتبط بدورها بشدة في درجات الحرارة، فهذا معناه أن هذا الجزء متغير زماناً ومكاناً بالنسبة لمنحنى درجات الحرارة.
فلو أخذنا على سبيل المثال الغلاف الصخري المحيطي فسوف نلاحظ أن الجزء السفلي من هذا الغلاف يكون شديد السخونة بالقرب من الأماكن التي يحدث عندها تخليق لقشرة محيطية جديدة، وهي أعراف منتصفات البحار والمحيطات، كما أنه سوف يبرد بالتدريج كلما ابتعدنا عن الأعراف، ومثل هذا الأمر ينعكس بصورة أو بأخرى في سمك الغلاف الصخري والذي يتغير من أقل من 50 كيلو متر عند الأعراف إلى نحو 120 كيلو متر عند حواف المحيطات.
ما هي طبيعة الحدود الفاصلة بين الألواح التكتونية؟
لما كانت الأعراف المحيطية عبارة عن نطاقات تتخلق عندها قشرة محيطية جديدة، تضاف إلى قيعان البحار والمحيطات فقد اصطلح على تسميته الحدود الفاصلة البناءة، ومصدر الصهارة التي تحقن في الأعراف المحيطية هو نطاق المور منخفض الكثافة وذو حرارة مرتفعة ولزوجة منخفضة.
ويلاحظ أن جزءاً من الصهارة الصاعدة تحقن نفسها في قشرة المحيط في صورة جدد بازلتية ومتداخلات جابروية، وجزءً آخر ينبثق فوق قاع المحيط في صورة لابا وسائدية بالزلتية التركيب، وفي نفس الوقت تحدث عملية تعويض للجزء العلوي من الوشاح؛ بسبب الصهارة المنبثقة من خلال انسيابية المواد الصخرية في نطاق المور، ولقد أثبتت الدراسات أن الخصائص المميزة للحدود الفاصلة البناءة توجد أيضاً في نطاقات الخسف القارية (الأخاديد) مثل: الأخدود الأفريقي العظيم وإن كانت البركانات المنبثقة في الحالتين مختلفة.
ويطلق على الخنادق المحيطية اصطلاح الحدود الفاصلة الهدامة، ويندرج تحت هذا المسمى أيضاً السلاسل الجبلية الحدية مثل سلسلة جبال الألب وجبال الهيمالايا، والحنادق المحيطية هي عبارة عن نطاقات يحدث عندها انضواء لقشرة المحيط عالية الكثافة وقليلة السمك تحت القشرة القارية منخفضة الكثافة وعالية السمك.
كما أن هناك نوع من أنواع الحدود الفاصلة الهدامة يعرف بالسلاسل الجبلية الحديثة، وتسمى باسم نطاقات التصادم القارية، ومن أشهر أمثلتها حزام الألب الهيمالايا والذي يمثل نطاق تصادم أو ارتطام القشرة القارية، كما أن الحدود الفاصلة بين الألواح التكتونية تملك على صدوع ناقلة للحركة، ومثل هذه الحدود لا يحدث عندها تخليق لقشرة محيطية جديدة.