النيازك الكوندريتية وتشكيل المنظومة الشمسية

اقرأ في هذا المقال


ما هي النيازك الكوندريتية؟

كان كل من الفيلسوف سويدنبورغ (في مؤلفه الذي يعرف باسم أعمال فلسفية ومنطقية عام 1734) والفيلسوف إيمانويل كانت (في مؤلفة الذي يدعى بالتاريخ الطبيعي العام ونظرية السماء لعام 1755)، هم من أوائل الفلاسفة في الطبيعة حيث قاموا بافتراض أن كواكب المجموعة الشمسية تشكلت ضمن قرص أثناء حالة دوران نجم الشمس الأولي.
ومن ثم ظهر لابلاس الذي رجع إلى هذه الفكرة خلال مؤلفه (عرض نظام العالم) وقد قام بتسمية هذه الفكرة باسم الفرضية السديمية، وتم وصف هذا القرص بصفة القرص الشمسي السديمي، لكن من الأفضل القول عنه قرص الكوكب الأولي أو القرص المزود.

ما هو دور النيازك الكوندريتية في تشكيل المنظومة الشمسية؟

إن الرصد الفلكي لأماكن تشكل النجوم بالموازاة مع معرفة ودراسة الأحجار النيزكية بشكل مخبري أتاح الفرصة لتفسير سلسلة من الأحداث التي تنتهي مع ولادة نجم مصحوب بركب من الكواكب، ففي بداية الأمر تكون غيمة جزئية موجودة (وهي عبارة عن حشد عظيم من الغاز أي مئات آلاف مليارات الكيلو مترات من غاز الهيدروجين وغاز الهيليوم بشكل أساسي)، وتحتوي على 1% تقريباً من حبيبات الغبار ذات الحجم المجهري.
ثم يحدث تقلص لبعض المناطق من هذه السحب الجزيئية تلك التي تكون أكثر كثافة (هذه المناطق تعرف باسم القلوب الجزيئية) وتنهار على نفسها، مع العلم أن هذا التقلص يكون بسبب ظواهر معقدة يتداخل فيها التثاقل والاضطراب ومن الممكن أن يبدأ في أي لحظة خلال حياة السحابة الجزيئية، وحياة هذه السحابة تقدر بنحو خمسة ملايين عام.
وعندما يتكون القلب الجزيئي فإنه ينعزل عن السحابة الجزيئية مباشرة وبعد بضعة آلاف السنين يتكون في قلب هذه البنى نحو أولي وقرص، ومن الممكن أن لا يكون هذا النجم الأولي المتشكل قد بلغ حجمه النهائي وقد يتلقى المادة من القلب الجزيئي المحيط به وهذا ما يعرف باسم القرص المُزود.
ومن ثم تتكون في القرص المزود مكونات النيازك الكوندريتية (تتضمن في ذلك تكون محتبسات الألمنيوم الكلسي والكريات الكوندريولية التي تحتوي على الحديد والمغنيسيوم بالإضافة إلى تكون مادة الترابط الدقيقة)، ذلك قبل أن تتكتل على شكل كويكبات صغيرة مميزة بحجمها الذي يساوي 1 كيلو متر.
وينتج عن هذا التصادم الذي يتم بين هذه الكويكبات الصغيرة ولادة أجنحة كويكبية ذت قطر يبلغ مئات الكيلو مترات، ثم يتبعها نشوء الأجسام الأكبر حجماً والأجنحة الكوكبية بالإضافة إلى الكواكب، ومن بعد ذلك تتطور بسبب اضمحلال القرص بعد ملايين السنين من تكونها، كما أن تنامي المادة على الشمس برفقة تشكل أولى اللبنات الكوكبية يفسران سبب تسمية القرص باسم القرص المزود أو القرص الكوكبي الأولي.
ومن الممكن أن نميز ثلاث مراحل رئيسية عند ولادة نجم وركبه من الكواكب، إذ أن المرحلة البنجمية توافق فترة السحابة الجزيئية والتاريخ القديم للمادة المكونة للسحابة الجزيئية، أما المرحلة الثانية فهي عبارة عن مرحلة القرص التي تستمر لملايين السنين، وآخر مرحلة تسمى باسم المرحلة الكوكبية، حيث أن هذه المرحلة توافق تكون الأجنحة والكواكب بعد تبدد قرص الغاز.
أما المرحلة التي تخص القلب الجزيئي فهي ذات إيجاز بالغ (بضع المئات من ملايين السنين) لذلك من الممكن أن نعدها مرحلة انتقالية، والدراسة المخبرية للأحجار النيزكية والرصد الفلكي لأماكن تشكل النجوم تتيح الفرصة لمعرفة أسرار العمليات الكيميائية والفيزيائية المعنية بمختلف المراحل وتعيين مدة كل منها.
يعتبر التركيب الكيميائي للنيازك الكوندريتية من نوع CI1 ذو شبه قوي مع التركيب الكيميائي للكرة الضوئية الشمسية، وهي المنطقة الخارجية في هذا النجم وهي الوحيدة التي يتم تطبيق المقاييس الطيفية عليها، حيث أن التركيب الكيميائي يتوافق بين النيازك الكوندريتية وبين الشمس حتى إثني عشر مقداراً، تبدأ بالعناصر الأوفر مثل عنصر المغنيسيوم وعنصر السليكون وعنصر الأكسجين، إلى أن تصل للعناصر قليلة التواجد مثل عنصر اليورانيوم وعنصر الرصاص.
يدل ذلك على النيازك الكوندريتية من نوع CI1 فهي نتيجة لتكاثف غاز يتميز بتركيب كيميائي مشابه لتركيب الشمس، ويرجع سبب تدني نسبة عنصر الهيدروجين وعنصر الهيليوم والكربون والنيتروجين في النيازك الكوندريتية في هذا النوع إلى أن حالة وجود هذه العناصر في حالتها الغازية أو الحالة الجليدية في القرص الكوكبي الأولي مقارنة مع الشمس.
يتم استعمال التركيب الكيميائي الذي يخص النيازك الكوندريتية كمرجع في علم الفلك، فالشمس تعتبر مرجع للتركيب الكيميائي الذي يخص النجوم والمجرات، كما أن معرفتنا للتركيب الكيميائي الخاص في النيازك الكونديريت هي أكثر دقة من معرفتنا للتركيب الكيميائي الشمسي، وذلك بسبب أن القياسات المخبرية دقيقة أكثر من القياسات الطيفة.


شارك المقالة: