دراسة الزلازل والبؤر الزلزالية وأجهزة القياس

اقرأ في هذا المقال


ما هي البؤر الزلزالية الضحلة والعميقة والمتوسطة؟

تعاني معظم أجزاء العالم على الأقل من حين لآخر من الزلازل الضحلة؛ أي تلك التي تنشأ على بعد 60 كم (40 ميل) من السطح الخارجي للأرض، في الواقع فإن الغالبية العظمى من بؤر الزلزال ضحلة ومع ذلك تجدر الإشارة إلى أن التوزيع الجغرافي للزلازل الصغيرة أقل تحديداً بشكل كامل من الزلازل الأكثر حدة، ويرجع ذلك جزئياً إلى أن توافر البيانات ذات الصلة يعتمد على توزيع المراصد.

ومن إجمالي الطاقة المنبعثة في الزلازل تأتي نسبة 12 في المائة من الزلازل الوسيطة؛ أي تلك الزلازل ذات العمق البؤري الذي يتراوح من حوالي 60 إلى 300 كيلو متر، وحوالي 3 في المائة من إجمالي الطاقة يأتي من الزلازل الأعمق، كما أن تواتر الحدوث ينخفض ​​بسرعة مع زيادة العمق البؤري في النطاق المتوسط، وتحت العمق المتوسط ​​يكون التوزيع متجانساً إلى حد ما حتى يتم الاقتراب من أعماق بؤرية تبلغ حوالي 700 كيلو متر (430 ميل).

تحدث الزلازل ذات التركيز الأعمق عادةً في أنماط تسمى مناطق (Benioff) التي تنغمس في الأرض، مما يشير إلى وجود لوح مائل، ويبلغ متوسط ​​زوايا الانحدار لهذه الألواح حوالي 45 درجة بعضها ضحل والبعض الآخر عمودي تقريباً، تتطابق مناطق (Benioff) مع أقواس الجزر النشطة تكتونياً مثل اليابان وفانواتو وتونجا والألوشيين وهي عادةً لا ترتبط بخنادق أعماق المحيطات مثل تلك الموجودة على طول جبال الأنديز في أمريكا الجنوبية.

تشمل الاستثناءات من هذه القاعدة رومانيا ونظام جبل هندو كوش، وفي معظم مناطق بينيوف تقع بؤر الزلازل المتوسطة والعميقة في طبقة ضيقة، على الرغم من أن مواقع مركزية دقيقة حديثة في اليابان وأماكن أخرى تظهر نطاقين متوازيين متميزين من البؤر على بعد 20 كيلو متر.

ما هي الهزات الارتدادية والأسراب؟

عادة يتبع زلزال كبير أو حتى متوسط ​​التركيز الضحل العديد من الزلازل الأقل حجماً بالقرب من منطقة المصدر الأصلية، وهذا أمر متوقع إذا كان تمزق الصدع الذي ينتج عنه زلزال كبير لا يزيل كل طاقة الإجهاد المتراكمة في وقت واحد، في الواقع قد يؤدي هذا الخلع إلى زيادة الضغط والإجهاد في عدد من الأماكن بالقرب من المنطقة البؤرية، مما يؤدي إلى جلب الصخور القشرية في نقاط معينة بالقرب من الضغط الذي يحدث عنده الكسر، وفي بعض الحالات قد يتبع الزلزال 1،000 أو أكثر من الهزات الارتدادية في اليوم.

في بعض الأحيان يتبع زلزال كبير زلزال مماثل على طول مصدر الخطأ نفسه في غضون ساعة أو ربما يوم واحد، أي الحالة القصوى لهذا هي الزلازل المتعددة، ومع ذلك في معظم الحالات يكون الزلزال الرئيسي الأول في سلسلة أشد بكثير من الهزات الارتدادية، بشكل عام يتناقص عدد الهزات الارتدادية في اليوم مع مرور الوقت، تردد الهزة الارتدادية يتناسب تقريباً عكسياً مع الوقت منذ حدوث أكبر زلزال في السلسلة.

تحدث معظم الزلازل الكبرى دون سابق إنذار لكن بعض الزلازل الرئيسية تسبقها هزات أرضية، وفي نمط شائع آخر قد تحدث أعداد كبيرة من الزلازل الصغيرة في منطقة ما لأشهر بدون زلزال كبير، في منطقة ماتسوشيرو باليابان، على سبيل المثال حدثت بين أغسطس 1965 وأغسطس 1967 سلسلة من مئات الآلاف من الزلازل بعضها قوي بدرجة كافية (تصل قوته إلى 5 درجات ريختر) لإحداث أضرار في الممتلكات ولكن دون وقوع إصابات.

كان الحد الأقصى للتردد هو 6780 زلزالاً صغيراً في 17 أبريل 1966، وتسمى هذه السلسلة من الزلازل بأسراب الزلازل، غالباً ما تحدث الزلازل المرتبطة بالنشاط البركاني في أسراب، على الرغم من ملاحظة الأسراب أيضاً في العديد من المناطق غير البركانية.

الأنواع الأساسية للموجات الزلزالية:

تصنف الموجات الزلزالية الناتجة عن مصدر زلزال إلى ثلاثة أنواع رئيسية، تنتشر الموجتان الأوليان (P أو الأولية) و(S أو الثانوية) داخل جسم الأرض، بينما تنتشر الموجات الثالثة المكونة من موجات الحب ورايلي على طول سطحها، وتم التنبؤ رياضياً بوجود هذه الأنواع من الموجات الزلزالية خلال القرن التاسع عشر وتظهر المقارنات الحديثة أن هناك تطابقاً وثيقاً بين هذه الحسابات النظرية والقياسات الفعلية للموجات الزلزالية.

تنتقل الموجات الزلزالية (P) كحركات مرنة بأعلى سرعات، حيث أنها موجات طولية يمكن أن تنتقل عن طريق المواد الصلبة والسائلة في باطن الأرض، ومع الموجات الأولية (P) تهتز جسيمات الوسط بطريقة مشابهة للموجات الصوتية؛ أي يتم ضغط الوسائط المرسلة وتوسيعها بالتناوب، ينتقل النوع الأبطأ من موجة الجسم الموجة الثانوية (S) فقط عبر مادة صلبة، ومع الموجات الثانوية (S) تكون حركة الجسيمات مستعرضة لاتجاه السفر وتتضمن قص الصخور المرسلة.

وبسبب سرعتها الكبيرة فإن موجات الأولية (P) هي أول من يصل إلى أي نقطة على سطح الأرض، حيث تبدأ أول موجة P من المكان الذي ينشأ منه الزلزال، وتسمى هذه النقطة التي تكون عادةً على عمق ما داخل الأرض بؤرة التركيز أو (hypocentre) وتُعرف النقطة الموجودة على السطح فوق البؤرة مباشرةً باسم مركز الزلزال.

سمات الموجات الزلزالية:

في جميع المسافات من البؤرة تلعب الخصائص الميكانيكية للصخور مثل عدم الانضغاط والصلابة والكثافة دوراً في السرعة التي تنتقل بها الأمواج وشكل ومدة القطارات الموجية، تؤثر طبقات الصخور والخصائص الفيزيائية للتربة السطحية أيضاً على خصائص الأمواج، وفي معظم الحالات يحدث السلوك المرن في الزلازل ولكن الاهتزاز القوي للتربة السطحية من الموجات الزلزالية العارضة، يؤدي أحياناً إلى سلوك غير مرن بما في ذلك الانحدار (أي الحركة إلى أسفل وإلى الخارج للمواد غير المتماسكة) وإسالة التربة الرملية.

عندما تصادف الموجة الزلزالية حداً يفصل بين الصخور ذات الخصائص المرنة المختلفة فإنها تخضع للانعكاس والانكسار، وهناك تعقيد خاص لأن التحويل بين أنواع الموجات عادة ما يحدث أيضاً عند مثل هذه الحدود؛ أي أنه يمكن لموجة (P أو S) الحادثة أن تنتج موجات (P و S) المنعكسة وموجات (P و S) الطبيعية، وتؤدي الحدود بين الطبقات الهيكلية أيضاً إلى ظهور موجات منحرفة ومتناثرة.

إن هذه الموجات الإضافية مسؤولة جزئياً عن المضاعفات التي لوحظت في حركة الأرض أثناء الزلازل، يهتم البحث الحديث بحساب السجلات التركيبية لحركة الأرض الواقعية بالمقارنة مع اهتزاز الأرض المرصود، وذلك باستخدام نظرية الموجات في الهياكل المعقدة.

إن نطاق تردد الموجات الزلزالية كبير حيث يتراوح من أعلى مثل النطاق المسموع (أكبر من 20 هرتز) إلى منخفض مثل ترددات التذبذبات الحرة للأرض بأكملها، كما تبلغ أخطر فترة 54 دقيقة، ويفرض تواجد الموجات في الصخور حدوداً عالية التردد وفي الزلازل الصغيرة إلى المتوسطة تمتد الترددات السائدة في الموجات السطحية من حوالي 1 إلى 0.1 هرتز.

كما أن نطاق اتساع الموجات الزلزالية كبير أيضاً في معظم الزلازل، يتراوح إزاحة الأرض من 10^-10 إلى 10 متر (4^-12 إلى 4 بوصات)، وفي أعظم الزلازل قد يكون اتساع الأرض لموجات (P) السائدة عدة سانتي مترات في فترات من ثانيتين إلى خمس ثوان، وبالقرب من المصادر الزلزالية للزلازل العظيمة قام المحققون بقياس سعة الموجة الكبيرة مع تسارع للأرض يتجاوز الجاذبية (9.8 متر أو 32.2 قدماً في الثانية مربعة)، عند الترددات العالية وحالات النزوح الأرضي بمقدار متر واحد عند الترددات المنخفضة.

أجهزة قياس الزلازل ومقاييس التسارع:

تُستخدم أجهزة قياس الزلازل لقياس حركة الأرض في كل من الزلازل والميكروبات (مثل التذبذبات الصغيرة). ومعظم هذه الأدوات من نوع البندول، وقد كانت أجهزة قياس الزلازل الميكانيكية المبكرة تحتوي على بندول كتلة كبيرة (تصل إلى عدة أطنان)، وأنتجت مخططات زلزالية عن طريق خدش خط على ورق مدخن على أسطوانة دوارة.

وفي الأدوات اللاحقة تم تسجيل مخططات الزلازل عن طريق شعاع الضوء من مرآة الجلفانوميتر الذي يمر عبره تيار كهربائي ناتج عن الحث الكهرومغناطيسي عندما يتحرك بندول جهاز قياس الزلازل، كما أدت التطورات التكنولوجية في الإلكترونيات إلى ظهور مقاييس زلازل عالية الدقة ومستشعرات لحركة الأرض، ففي هذه الأدوات يتم تمرير الفولتية الناتجة عن حركات البندول أو ما يعادله عبر الدوائر الإلكترونية لتضخيم حركة الأرض ورقمنتها للحصول على قراءات أكثر دقة.

وبشكل عام تنقسم أجهزة قياس الزلازل إلى ثلاثة أنواع وهي: أجهزة قصيرة المدى وطويلة (أو وسيطة) وأدوات ذات فترة طويلة جداً أو ذات نطاق عريض، تُستخدم أدوات الفترة القصيرة لتسجيل موجات الجسم (P و S) مع التكبير العالي لحركة الأرض، لهذا الغرض يتم تشكيل استجابة جهاز قياس الزلازل إلى الذروة في فترة حوالي ثانية واحدة أو أقل، وقد كان لأدوات الفترة المتوسطة من النوع المستخدم من قبل شبكة رصد الزلازل الموحدة العالمية (الموصوفة في قسم مراصد الزلازل) استجابة قصوى في حوالي 20 ثانية.


شارك المقالة: