ما هو دور المضاهاة في عمل تقويم جيولوجي؟
لكي نصل إلى تقويم جيولوجي عملي قابل للتطبيق في جميع أرجاء الأرض فلا بد من مقارنة الصخور بالمناطق المختلفة ذات العمر الواحد، ويشار إلى هذا العمل بالمضاهاة الصخرية، وفي منطقة محدودة هناك الكثير من الطرق لمضاهاة الصخور من موقع إلى آخر، ويمكن ببساطة تتبع طبقة أو مجموعة من الطبقات وذلك بالمشي محاذياً لامتداد حافة الطبقات المتكشفة، إلا أن ذلك قد لا يكون متيسراً عند عدم استمرارية الطبقة، وغالباً ما تتم المضاهاة عبر مسافات قصيرة ملاحظة موقع الطبقة داخل التتابع الصخري، وبالإمكان التعرف على الطبقة في موقع آخر إذا ما كانت تتكون من معادن مميزة.
وبمقارنة الصخور من مكان إلى آخر يمكن اكتساب فكرة أشمل عن التاريخ الجيولوجي للمنطقة، إذ أن مضاهاة الطبقات بعدة مناطق واقعة بمرتفع كولورادو، حيث لا يوجد موقع واحد يعرض تتابعاً متكاملاً للطبقات إلا أن المضاهاة تعمل على إظهار الامتداد الكلي للصخور الرسوبية، وتعمل معظم الدراسات الجيولوجية على الاهتمام بمناطق صغيرة، ومع أهمية هذه الدراسات في ذاتها إلا أن أهميتها القصوى لا تظهر إلا عند مضاهاتها بمناطق أخرى، ومع أن الطرق المستخدمة قد تكون كافية لتتبع تكوين صخري لمسافات قصيرة فهي غير كافية لربط الصخور ببعضها لمسافات أبعد.
وعندما يكون الهدف هو المضاهاة بين مناطق متباعدة أو بين القارات فإنه لا بد للجيولوجي من الاعتماد على المستحاثات، وبالرغم من أن وجود المستحاثات كان معروفاً منذ قرون إلا أن أهميتها كوسيلة جيولوجية لم يتم التوصل إليها حتى أواخر القرن الثامن عشر وأوائل القرن التاسع عشر، وخلال هذه الفترة اكتشف مهندس القنوات وليام سميث بأن كل من التكوينات الصخرية في القنوات تحتوي على مستحاثات تختلف عن تلك التي أعلاها أو أسفلها، وأبعد من ذلك لاحظ أن الطبقات الرسوبية التي تفصلها مسافات كبيرة يمكن التعرف عليها عن طريق محتوياتها من المستحاثات المميزة بناءاً على ملاحظات سميث التقليدية وعلى اكتشافات العديد من الجيولوجيين الذين تبعوه.
فلقد ترسّخ أحد أهم المبادئ الأساسية للجيولوجيا التاريخية وهو أن الكائنات المستحاثة تتعاقد حسب ترتيب معلومة محدد يعقب بعضه بعضاً وبالإمكان التعرف على أي فترة زمنية بواسطة محتوياتها من المستحاثات وأصبح ذلك معروفاً بمبدأ تعاقب الأحياء وبصورة أخرى عندما ترتب المستحاثات حسب أعمارها فهي لا توضح صورة عشوائية وعلى عكس ذلك فهي توضع تغيراً تقدمياً من البسيط إلى الأكثر تعقيداً.