قصة اختراع التلغراف

اقرأ في هذا المقال


قصة اختراع التلغراف

تمّ تطوير التلغراف في ثلاثينيات وأربعينيات القرن التاسع عشر، بواسطة صموئيل مورس (1791-1872) ومخترعين آخرين، أحدث التلغراف ثورة في الاتصالات بعيدة المدى، عملت عن طريق إرسال إشارات كهربائية عبر سلك يوضع بين المحطات، بالإضافة إلى المساعدة في اختراع التلغراف، طور صامويل مورس رمزاً (يحمل اسمه) يخصص مجموعة من النقاط والشرطات لكل حرف من الأبجدية الإنجليزية ويسمح بنقل بسيط للرسائل المعقدة عبر خطوط التلغراف.
في عام 1844، أرسل مورس أول رسالة تلغراف له من واشنطن العاصمة إلى بالتيمور بولاية ماريلاند، بحلول عام 1866، تمّ وضع خط تلغراف عبر المحيط الأطلسي من الولايات المتحدة إلى أوروبا، على الرغم من أنّ التلغراف لم يعد منتشراً على نطاق واسع بحلول بداية القرن الحادي والعشرين، واسُتبدل بالهاتف والفاكس والإنترنت، فقد أرسى الأساس لثورة الاتصالات التي أدت إلى تلك الابتكارات اللاحقة.

نبذة عن صموئيل مورس مخترع التلغراف

صموئيل مورس (من مواليد 27 أبريل 1791، تشارلزتاون، ماساتشوستس، الولايات المتحدة – توفي في 2 أبريل 1872، نيويورك)، هو رسام ومخترع أمريكي طور تلغراف كهربائي (1832-1835)، في عام 1838 طوّر هو وصديقه ألفريد فيل شفرة مورس، درس مورس في أكاديمية فيليبس في أندوفر، ماساتشوستس، حيث كان طالباً غير مستقر وغريب الأطوار، أرسله والديه إلى كلية ييل (الآن جامعة ييل) في نيو هافن، كونيتيكت، على الرغم من أنّه كان باحثاً غير مبالٍ، فقد أثار اهتمامه محاضرات حول موضوع الكهرباء الذي لم يكن مفهوماً في ذلك الوقت.
بعد تخرجه من جامعة ييل عام 1810، أصبح مورس كاتباً لناشر كتب في بوسطن، كان مورس محباً للرسم في عام 1811 ساعده والديه في الذهاب إلى إنجلترا لدراسة الفن مع الرسام الأمريكي واشنطن ألستون، خلال حرب 1812 بين بريطانيا العظمى والولايات المتحدة، رد مورس على ازدراء الإنجليز للأمريكيين بأنّ أصبح مؤيداً لأمريكا بشدة، ومع ذلك مثل غالبية الأمريكيين في عصره، قبل المعايير الفنية الإنجليزية، بما في ذلك الأسلوب “التاريخي” للرسم – التصوير الرومانسي للأساطير والأحداث التاريخية مع الشخصيات التي تبرز في المقدمة بأوضاع كبيرة وألوان زاهية.

عندما وجد مورس، عند عودته إلى الوطن في عام 1815، أنّ الأمريكيين لا يقدرون لوحاته التاريخية، أخذ على مضض في التصوير مرة أخرى لكسب لقمة العيش، بدأ كرسام متجول في نيو إنجلاند ونيويورك وساوث كارولينا بعد عام 1825، عندما استقر في مدينة نيويورك، رسم بعضاً من أفضل اللوحات التي رسمها فنان أمريكي، لقد جمع بين الكفاءة الفنية والعرض الجريء لشخصية رعاياه مع لمسة من الرومانسية.

على الرغم من فقر مورس في كثير من الأحيان خلال تلك السنوات المبكرة، إلّا أنّه كان اجتماعياً مع المثقفين والأثرياء والمتدينين الأرثوذكس والمحافظين سياسياً، بالإضافة إلى ذلك، كان يمتلك موهبة الصداقة، من بين أصدقائه في سنواته الوسطى كان البطل الفرنسي للثورة الأمريكية، الماركيز دي لافاييت، الذي أيدّت محاولات مورس لتعزيز الإصلاح الليبرالي في أوروبا، والروائي جيمس فينيمور كوبر، يشترك مورس وكوبر في العديد من السمات، كلاهما كانا جمهوريين متحمسين للولايات المتحدة، على الرغم من أنّ كلاهما كان لهما أذواق اجتماعية أرستقراطية، وكلاهما عانى من التفضيل الأمريكي للفن الأوروبي.

كرّس مورس معظم وقته للرسم، وتعليم الفن في جامعة مدينة نيويورك (لاحقًا جامعة نيويورك)، والسياسة، ولكن بحلول عام 1837 وجه انتباهه الكامل إلى الاختراع الجديد، قدم زميل في الجامعة الكيميائي ليونارد جيل، مورس لعمل جوزيف هنري في الكهرومغناطيسية، سمحت المغناطيسات الكهربائية القوية التي ابتكرها هنري لمورس بإرسال رسائل يزيد طولها عن 16 كيلومترًا (10 أميال) من الأسلاك، وهي مسافة أطول بكثير من مسافة 12 متراً (40 قدماً) التي يمكن أن يرسل نموذجه الأول عبرها.
بحلول عام 1838 طوّر هو وفيل نظام النقاط والشرطات الذي أصبح معروفاً في جميع أنحاء العالم باسم شفرة مورس، في عام 1838، بينما كان يحاول دون جدوى إثارة اهتمام الكونغرس ببناء خط تلغراف، استحوذ على عضو الكونجرس سميث كشريك إضافي، بعد فشله في تنظيم بناء خط مورس في أوروبا، ثابر مورس وحده من بين شركائه في الترويج للتلغراف، وفي عام 1843 تمكن أخيراً من الحصول على دعم مالي من الكونجرس لأول خط تلغراف في الولايات المتحدة، من بالتيمور إلى واشنطن.

الأشكال المبكرة من الاتصالات بعيدة المدى

قبل أن يحدث تطور التلغراف الكهربائي في القرن التاسع عشر ثورة في كيفية نقل المعلومات عبر مسافات طويلة، استخدمت الحضارات القديمة مثل تلك الموجودة في الصين ومصر واليونان دقات الطبول أو إشارات الدخان لتبادل المعلومات بين النقاط البعيدة، ومع ذلك كانت هذه الأساليب محدودة بسبب الطقس والحاجة إلى خط رؤية غير متقطع بين نقاط المستقبل، قللت هذه القيود أيضاّ من فعالية السيمافور، وهي مقدمة حديثة للتلغراف الكهربائي.
تمّ تطوير السيمافور في أوائل تسعينيات القرن التاسع عشر، الذي يعدُ اختراعه تمهيداً للتلغراف الكهربائي، ويتألف من سلسلة من محطات التلال التي كان لكل منها أذرع كبيرة متحركة للإشارة إلى الأحرف والأرقام وتلسكوبات يمكن من خلالها رؤية المحطات الأخرى، مثل إشارات الدخان القديمة، كانت السمافور عرضة للطقس والعوامل الأخرى التي أعاقت الرؤية، هناك حاجة إلى طريقة مختلفة لنقل المعلومات لجعل الاتصالات بعيدة المدى بشكل منتظم وموثوق بها قابلة للتطبيق، ثمّ بعد ذلك ظهر التلغراف الكهربائي ليقوم بتقل المعلومات عبر المسافات الطويلة.

التلغراف الكهربائي

في أوائل القرن التاسع عشر، فتح تطوران في مجال الكهرباء الباب أمام إنتاج التلغراف الكهربائي، أولاً، في عام 1800، اخترع الفيزيائي الإيطالي أليساندرو فولتا (1745-1827) البطارية، التي تخزن بشكل موثوق تياراً كهربائياً وتسمح باستخدام التيار في بيئة محكومة، ثانياً، في عام 1820، أظهر الفيزيائي الدنماركي هانز كريستيان أورستد (1777-1851) العلاقة بين الكهرباء والمغناطيسية عن طريق تحويل إبرة مغناطيسية بتيار كهربائي، بينما بدأ العلماء والمخترعون في جميع أنحاء العالم في تجربة البطاريات ومبادئ الكهرومغناطيسية لتطوير نوع من أنظمة الاتصالات.
يعود الفضل في اختراع التلغراف عموماً إلى مجموعتين من الباحثين: السير ويليام كوك (1806-1879) والسير تشارلز ويتستون (1802-1875) في إنجلترا، وصامويل مورس وليونارد جيل (1800-83) وألفريد فيل (1807-59) في الولايات المتحدة في ثلاثينيات القرن التاسع عشر، طوّر فريق Cooke and Wheatstone البريطاني نظام تلغراف بخمس إبر مغناطيسية يمكن توجيهها حول لوحة من الحروف والأرقام باستخدام تيار كهربائي، سرعان ما تمّ استخدام نظامهم لإشارات السكك الحديدية في بريطانيا، خلال هذه الفترة الزمنية عمل مورس المولود في ولاية ماساتشوستس وتلقى تعليمه في جامعة ييل (والذي بدأ حياته المهنية كرسام) على تطوير تلغراف كهربائي خاص به.
وبحسب ما ورد كان مورس مفتوناً بالفكرة بعد سماعه محادثة حول الكهرومغناطيسية أثناء الإبحار من أوروبا إلى أمريكا في أوائل ثلاثينيات القرن التاسع عشر، وتعلم لاحقاً المزيد حول هذا الموضوع من الفيزيائي الأمريكي جوزيف هنري (1797-1878)، بالتعاون مع Gale و Vail، أنتج مورس أخيراً تلغرافاً أحادي الدائرة يعمل عن طريق دفع مفتاح المشغل لأسفل لإكمال الدائرة الكهربائية للبطارية، أرسل هذا الإجراء الإشارة الكهربائية عبر سلك إلى جهاز استقبال في الطرف الآخر، كل ما يحتاجه النظام هو مفتاح وبطارية وسلك وخط من الأعمدة بين محطات السلك وجهاز الاستقبال.

شيفرة مورس

لنقل الرسائل عبر أسلاك التلغراف، أنشأ مورس وفيل في ثلاثينيات القرن التاسع عشر ما أصبح يعرف باسم شفرة مورس، يقوم الرمز بتعيين الأحرف في الأبجدية والأرقام مجموعة من النقاط (علامات قصيرة) وشرطات (علامات طويلة) بناءً على تكرار الاستخدام، الأحرف المستخدمة غالبًا (مثل “E”) حصلت على رمز بسيط، بينما حصلت الأحرف المستخدمة بشكل غير متكرر (مثل “Q”) على رمز أطول وأكثر تعقيداً.

في البداية تمّ تقديم الرمز عند إرساله عبر نظام التلغراف، كعلامات على قطعة من الورق يقوم مشغل التلغراف بترجمتها مرة أخرى إلى اللغة الإنجليزية، ومع ذلك سرعان ما أصبح من الواضح أنّ المشغلين كانوا قادرين على سماع وفهم الشفرة فقط من خلال الاستماع إلى نقرات جهاز الاستقبال، لذلك تمّ استبدال الورقة بجهاز استقبال ينتج أصوات صفير أكثر وضوحاً.

صعود نظام التلغراف

في عام 1843، تلقى مورس وفيل تمويلًا من الكونجرس الأمريكي لإنشاء واختبار نظام التلغراف بين واشنطن العاصمة وبالتيمور بولاية ماريلاند، في 24 مايو 1844 انتشر نظام التلغراف لاحقاً في جميع أنحاء أمريكا والعالم، بمساعدة المزيد من الابتكارات، من بين هذه التحسينات اختراع عزل جيد لأسلاك التلغراف، كان الرجل الذي يقف وراء هذا الابتكار هو عزرا كورنيل (1807-1874)، أحد مؤسسي الجامعة في نيويورك التي تحمل اسمه، هناك تحسّن آخر، قام به المخترع الشهير توماس ألفا إديسون (1847-1931) في عام 1874، وهو نظام “Quadruplex”، الذي سمح بإرسال أربع رسائل في وقت واحد باستخدام نفس السلك.


شارك المقالة: