لقد أذهل الاستكشاف تحت الماء الناس لآلاف السنين ومع ذلك لم يصبح الاستكشاف تحت الماء شائعًا حتى منتصف القرن العشرين، أدّت التطورات في العلوم والابتكارات المختلفة والتقدم في التكنولوجيا بالإضافة إلى جهود العدبد من المخترعين لابتكار الغواصات، لكن ما هي قصة اختراعها؟ سنتعرف عليها عزيزي القارئ في هذا المقال.
ما هي قصة اختراع الغواصة؟
قبل بضع مئات من السنين، كانت مفهومًا لا يمكن تصوره تقريبًا ومن الصعب بالتأكيد بناؤها، قيمتها الاستراتيجية ظهرت خلال الحرب العالمية الأولى، قام العديد من الأشخاص المختلفين عبر التاريخ بتصميم الغواصة وتحسين عمل أولئك الذين حاولوا وفشلوا في ابتكارها، أصبحت الغواصة مفهومًا شائعًا في الحرب البحرية، في القرن العشرين تم اختراع الغواصة التي نعرفها اليوم، حيث كانت الغواصات خاصةً الألمانية تغزو بسهولة سفن الركاب غالبًا بطوربيد واحد.
استخدمها الأثينيون القدماء في عمليات عسكرية سرية، وتؤكد الأسطورة أنّ الإسكندر الأكبر نزل إلى البحر كتجربة، انخرط العديد من الأشخاص الموهوبين والفضوليين في تصاميم القوارب الغاطسة، لكنهم حققوا نجاحًا محدودًا، يعود تاريخها إلى القرن الخامس عشر الميلادي عندما تصور ليوناردو دافينشي لأول مرة غواصة يمكنها الإبحار تحت الماء وإغراق السفن الأخرى.
لم يمضي دافنشي أبدًا في تصميمها لأنّه كان خائفًا من القوة التدميرية الناتجة عن ابتكارها، بعد فترة محدودة من تصميمات دافنشي تم بناء أول غواصة عملية في عام 1620م بواسطة (Cornelis Drebbel) تحت إشراف الملك جيمس الأول، تم تعزيز غواصة (Drebbel) بالحديد لتحمل ضغط المياه وكانت مغمورة بعمق خمسة عشر قدمًا تحت نهر التايمز، لم يتم تكليف أي نماذج أخرى للبحرية، كانت أول غواصة تستخدم لأغراض عسكرية هي (The Turtle).
تم بناء (The Turtle – Submarine)) في عام 1775م من قبل (David Bushnell)، مخترع شاب من ولاية كونيتيكت وكان طولها 7 أقدام وعرضها 5 أقدام ونصف، تم تصميمها ليتم تشغيلها بواسطة رجل واحد ويمكن غمرها تحت الماء حتى عمق 20 قدمًا تم نشرها في الثورة الأمريكية، بتشجيع من جورج واشنطن وتوماس جيفرسون، قام بوشنيل بتكييف غواصة لاستخدامها ضد البريطانيين خلال الحرب.
تم إرسالها إلى ميناء نيويورك في سبتمبر 1776م لمفاجأة السفن البريطانية، تم استخدام خشب البلوط في تصميمها وأيضًا تم استعمال المضخات النحاسية، كان من المفترض أن يتم استخدامها للوصول إلى خط السفن وربط قنبلة تزن 150 رطلاً بعارضة واحدة وبالتالي كسر الخط، لكن المحاولة لاستخدام تلك الغواصة كانت فاشلة.
جهود الأشخاص والمخترعين في تطوير صناعة وابتكار الغواصات:
عندما وصل هتلر إلى السلطة، بدأ على الفور في إعادة تسليح البحرية وركز على أهمية تطوير وصناعة غواصات بحيث تكون أكثر قوة وإضافة بعض التعديلات لتكون جاهزة في حين الاستخدام، ممّا أدّى لابتكار غواصة (U)، كان يمكن للغواصات الجديدة أن تبقى مغمورة لفترة أطول من سابقاتها في الحرب العالمية الثانية، كانت هذه الغواصات المجهزة بصواريخ باليستية ورؤوس حربية نووية، غالبًا ما تبقى في البحر لأسابيع أو حتى أشهر، وتفحص المحيط بحثًا عن أي علامة على وجود سفن معادية.
في أوائل ثمانينيات القرن التاسع عشر، تضاعفت جهود المخرعين ذلك نتيجة للتقدم في التكنولوجيا، قام المخترع السويدي ثورستن نوردنفيلد بابتكار غواصات تعمل بالبخار، يمكن أن تغوص (Nordenfeldt III) حتى عمق 50 قدمًا ويبلغ مداها 14 ميلًا قام بتشغيلها بواسطة محرك بخاري، تم تشغيلها بواسطة أنابيب طوربيد مزدوجة وكانت أول غواصة تطلق طوربيدًا تحت الماء، بين الثورة الأمريكية والحرب الأهلية، جرب العديد من الأفراد تكنولوجيا الغواصات، بما في ذلك الأمريكي روبرت فولتون.
في عام 1800م، قدم تصميم فولتون عناصر يمكن العثور عليها في الغواصات الحديثة، مثل طائرات الغوص القابلة للتعديل لسهولة المناورة الرأسية تحت الماء ونظام الدفع المزدوج، ونظام الهواء المضغوط الذي سمح للطاقم بحوالي أربع ساعات من السفر تحت الماء، ومع ذلك خلال الحرب الأهلية جرب كل من الاتحاد والقوات الكونفدرالية الغواصات، كانت إحدى هذه التجارب هي غواصة هونلي نسبةً إلى ممولها هوراس إل هونلي، أصبحت (Hunley) أول غواصة على الإطلاق تغرق سفينة معادية.
بعد عشر سنوات من نهاية الحرب الأهلية، بدأ المخترع هولاند بتصميمها في الولايات المتحدة، قدم هولند تصميمه الأول إلى البحرية الأمريكية في عام 1875م، والذي تم رفضه في ذلك الوقت باعتباره غير عملي، سرعان ما عاد هولند إلى تصميم وتحسين بناء هذه الغواصات، بحلول عام 1888م، أدركت البحرية الأمريكية إمكانات الغواصات في أسطولها وعقدت مسابقة تصميم لسفينة جديدة تحت الماء، فاز هولندا بالمنافسة وبدأت في بناء الغواصة (Pluger).
قدم هولند طريقة جديدة للدفع باستخدام محرك البنزين، صمم هولند محرك بنزين صغير وخفيف الوزن، أثبتت جهود هولند نجاحها وتمكن من إقناع البحرية في أبريل 1900م بشراء هذه الغواصة باسم USS Holland (SS-1))، في نفس الوقت تقريبًا الذي كانت فيه هولند يصنع غواصاته، طور العالم الألماني رودولف ديزل بديلاً ممتازًا لمحرك البنزين، يستخدم محرك الديزل وقودًا أكثر استقرارًا من البنزين ويمكن تخزينه بأمان، لا يصدر شرارة مما يضيف عنصر أمان لاستخدام الغواصة.
بالإضافة إلى الاقتصاد المحسن في استهلاك الوقود، تم تصميها فيما بعد بمحركات الديزل لتمنحها رحلات أطول وأكثر أمانًا للغوص أثناء وجودها تحت الماء، كانت البطاريات لا تزال ضرورية لتوفير الطاقة، بعد عام 1909م، تم استخدام محركات الديزل في الغواصات الأمريكية لما يقرب من 50 عامًا، على الرغم من نجاح الغواصات التي تعمل بالديزل، اكتشف الألمان مفهوم الطاقة النووية في الثلاثينيات من القرن الماضي، تصور الفيزيائي روس غان إمكانات الغواصات التي تعمل بالطاقة النووية.
كما كان فيليب أبيلسون من أكثر مؤيدي الغواصات التي تعمل بالطاقة النووية في البحرية الأمريكية من بعده كان الأدميرال هايمان جي ريكوفر، قام ريكوفر بإدارة فريق بحث حول مفاهيم الطاقة النووية لتصميم غواصات عاملة تستخدم الطاقة النووية الذرات لإنتاج كمية هائلة من الطاقة، تسمح هذه الطاقة لمحطات الطاقة الموجودة على الغواصات بتسخين المياه وتوليد البخار، ثم يقوم البخار بتشغيل توربين عملاق يقوم بتشغيل مروحة الغواصة.
أقنع ريكوفر البحرية وهيئة الطاقة الذرية بأنّ الطاقة النووية هي طريقة الدفع المثالية للغواصات، في 17 يناير 1955 م، تم ابتكار ما يسمّى (USS Nautilus (SSN-571)) إلى البحر، حيث كانت أول غواصة تعمل بالطاقة النووية، تعد الغواصات الآن جزءًا من البحرية الأمريكية، والتي لم تكن لتتحقق لولا براعة ورؤية المبتكرين، لا تزال الغواصات النووية مستخدمة حتى اليوم وأشهرها في نظام ترايدنت في المملكة المتحدة، تستخدم الغواصات الآن للاستكشاف وهي جزء حيوي من القطاع البحري.