مدفع الهاون:
تاريخ صناعة المدافع يمتد إلى آلاف السنين، قبل اختراع المدافع الكبيرة واستعمالها في القتال، كانت مدافع الهاون هي التي تستعمل في شن الهجون على العدو، استعملت الحضارات القديمة على مدار السنين مدافع الهاون، كانت مصنوعة من الجبس، كما صُنعت مدافع الهاون البدائية من الطين والجير، تم استخدام هذه المواد بسبب توفرها وتكلفتها المنخفضة، استخدم المصريون مدافع الهاون الجبسية، من الموثق جيدًا أنّ الإمبراطورية الرومانية استخدمت قذائف الهاون الجيرية على نطاق واسع.
تم ابتكاره للتعرض لمعاقل العدو من مسافة بعيدة جنبًا إلى جنب مع التقدم في مجال الأعمال المعدنية، تم أيضًا اختراع أجهزة حصار معقدة بشكل متزايد، هو عبارة عن مدفع صغير الحجم محمل بقذائف الهاون يقوم بإطلاق مقذوفات متفجرة بسرعات ونطاقات قصيرة، يتناقض الهاون مع القطع المدفعية الأكبر التي تطلق النيران بسرعات عالية على مدى طويل ومسارات منخفضة ومباشرة، يتم إسقاط قذيفة هاون في أنبوب، ذلك يؤدي إلى إطلاقها نحو الهدف المستهدف.
ما هي قصة اختراع مدفع الهاون؟
قام العثمانيون باستخدامه لأول مرة في عام 1453 أثناء حصار القسطنطينية، في ذلك الوقت كانت تزن 4500 كجم وكانت قادرة على إطلاق مقذوفات تزيد عن 100 كجم (220 رطلاً) عبر أنبوب يبلغ طوله حوالي متر واحد (3 أقدام)، بمرور الوقت انخفض وزن الهاون حيث تم تطوير مواد أخف، كانت هذه الأسلحة شائعة في أوائل الحروب الأوروبية الحديثة.
تم استعماله في الحرب العالمية الأولى وتراجعت أهميته فيما بعد ذلك نتيجة لاختراع المدافع ذات الحجم الأكبر، أثناء الحرب يمكن حملها بواسطة المشاة نظرًا لصغر حجمها واستخدامها كبديل قصير المدى للمدفعية، تتمتع مدافع الهاون بمزايا قابلية النقل بسبب حجمها وحرية الحركة دون الحاجة إلى دعم لوجستي والقدرة على إطلاقها من خندق أو من موقع قتالي يحمي الجنود من نيران العدو.
مع أنّ حجمها صغير إلّا أنّها تصدر نيران قوية ضد مواقع العدو على مسافات بعيدة مثل خطوط الخنادق وحفر المدافع والمواقع الأخرى غير المحمية، في القرن التاسع عشر، بدأ إنتاج القذائف الخاصة به في المصانع، تراوحت التصميمات المبكرة من الهاون البدائي الذي يبلغ قطره 170 ملمًا، والذي كان تقريبًا مدفع صغير الحجم، إلى أجهزة مصنوعة من قذائف مدفعية، كان النموذج الأولي لمدفع الهاون الحديث سلاحًا يبلغ قطره ثلاث بوصات طوره الإنجليزي ويلفريد ستوكس في عام 1915.
كانت مدافع الهاون البدائية تستخدم من قبل جيوش نابليون والشمال والجنوب في الحرب الأهلية الأمريكية، معظم قذائف الهاون الحالية الهاون هو الذي صممه مصمم الأسلحة البريطاني إف دبليو سي في يناير 1915م، اليوم يتم استخدام مدفع هاون ستوكس على نحو واسع وزنه يبلغ 49 كجم (108 أرطال)، يمكن أن يطلق ما يصل إلى 22 طلقة في الدقيقة على مدى 1100 متر (3600 قدم)، أصبح الجير هو المادة الأساسية في قذائف الهاون في العالم الغربي.
كان وجوده أمرًا أساسيًا في القتال في الحرب العالمية الثانية، كما استعملته القوات المقاتلة الأمريكية والقوات المتحالفة معها في الصراعات في كوريا وفيتن، حيث استغلت قوات العدو المناطق الجبلية لإخفائها وبالتالي البدء في الهجوم، استخدمت قوات حرب العصابات بشكل فعال قذائف الهاون ضد الجيوش، اليوم يتم استعمال المدافع حديثة الصنع بدلًا من الهاون.