نبذة عن ابن باجة:
يُعتبر ابن باجة واحداً من أهم الفلاسفة العرب الذين حققوا شهرةً واسعة، كانت له العديد من الإسهامات والإنجازات التي لاقت نجاحاتٍ كبيرة، اهتم ابن باجة إلى جانب اهتمامه بالفلسفة في كل من السياسة والعلوم الطبيعية، هذا وقد كانت له اهتماماتٍ عديدة في الفلك والرياضيات والموسيقى، أسهم ابن باجة في الطب بشكلٍ كبير، كما أنّه كان مُلماً بالثقافة الإسلامية وعلوم اليونان وغيرها العديد من العلوم.
كان لابن باجة دوراً كبيراً وواضحاً في تطور ونمو الدولة الإسلامية في عصره، ظهر ذلك من خلال اعتراضه على فلسفة المشّائين حيث وقف شامخاً وصامداً من أجل النهوض بالدولة الأندلسية والمغرب، تمكّن من شرح جميع القضايا التي اعترضت طريقه كما أنّه مهّد الطريق لكل من جاء من بعدم من العلماء أمثال ابن رشد الذي سار على نهجه، كما أنّه اعترف بفضله ودوره الكبير الذي بذله في سبيل النهوض بعلم الفلسفة.
كان لابن العديد من الأقوال والأمثال التي بيّنت مدى اهتمامه بعلم الفلسفة بشكلٍ خاص، ومن أشهر تلك المقولات” مَن طلب العلم للذةٍ كمن طلب من الأكل والشرب الإلتذاذ بما لا يصح به جسمه”، حيث تمكّن ابن باجة من إيصال فكرة أن العلم الحقيقي هو السبب الرئيسي الذي يجعل الإنسان يحظى بالسعادة الكبرى وذلك من خلال وصوله إلى السكينة والفرح والبهجة، خاصةً أنّه بعد أن يصل إلى كل تلك المشاعر يُصبح قادراً على إدراك جوهره الحقيقي.
هذا وقد اشتهر ابن باجه بأخلاقه العالية ونباهته، إلى جانب أنّه كان من اوائل الفلاسفة الذين نجحوا في أكثر من مجال في آنٍ واحد، إلى جانب ذلك فقد اشتهر ابن باجة بذكائه وفطنته إلى جانب لجوءه حكمته في اتخاذ القرار وحلول المشاكل.
ركّز ابن باجة في فلسفته على علم الإنسان، حيث كان يعتقد حسب وجهة نظره أن غاية الإنسان تكّمن في قدرته على الانتقال من مكانٍ لآخر ومن حالٍ لآخر، كما أنّه بيّن أن أصناف الغايات عند الإنسان كثيرة ومُتعددة؛ حيث تتجلّى أهميتها في العبادة التي عليه أن يقوم بها لإرضاء المولى عز وجل، إضافةً إلى الجاه والعز والتلذذ بأمور الدنيا، كما أنّه ذكر أنّ من أهم تلك الغايات هي اعتماده على النظر العقلي والذي تكون نهايته الاتصال بالعقل الفعّال.
تمكّن ابن باجة من تحقيق شهرةً واسعة في زمانه وحتى بعد وفاته؛ الأمر الذي جعل العديد من الفلاسفة العرب وحتى الأوروبين يتأثّرون بفكره وأبحاثه، إلى جانب تأثرهم الذي بات واضحاً في مؤلفاتهم وكتبهم، ومن أشهر من تأثّر بابن باجة: ابن طفيل، وابن رشد والذي كان من أكثر العلماء اعجاباً وتأثراً بان باجة.
وصلت أبحاث ابن باجة إلى الغرب، حيث لاقت صدى كبير، إلى جانب تأثّر العديد من العلماء والمُفكرين الغرب بعلمه وأبحاثه، ولا سيما العالم الألماني إكهارت الذي نجح في ابتكاره لمنهج التصوف العقلاني الذي حاول جاهداً أن يسير على نهج ابن باجة حتى يتمكّن من إكمال بحثه.
على الرغم من كل ما ورد في الأعلى، إلى جانب المكانة المرموقة التي استطاع ابن باجة التوصّل إليها، وحتى بعد لمعان نجمه لكنه لم يسلم من المُضايقات والدسائس والمؤمؤات التي تعرّض إليها طوال فترة حياته.
أشهر مؤلفات ابن باجة:
تمكّن ابن باجة من كتابة العديد من المؤلفات التي حققت نجاحاً كبيراً في عصره وحتى بعد وفاته، كما أنّ هناك جزء منها بات ظاهراً حتى يومنا هذا ومن أشهر تلك المؤلفات:
- كتاب تدبير المتوحد: كان لهذا الكتاب أهميةً كبيرة، حيث اهتم هذا الكتاب بكيفية ترتيب الأفعال الذي يرتكز بشكلٍ رئيسي على دور الفرد في استخدامه للعقل الفعّال، هذا وقد كان تركيز ابن باجة في هذا الكتاب على كيفية نهوض المجتمع وازدهاره وصلاحه.
- رسالة الوداع: كتب ابن ماجة رسالته هذا عندما قرر الإمام السرقسطي من الرحيل إلى المشرق، حيث ذكر ابن ماجة في كتابه هذا عن أهمية الوجود الإنساني وغايته في تجاوز الحدود الفردية والاتحاد بالنفس الكونية، ثم بيّن في هذا الكتاب كيفية الاتصال بالله الذي لا يظهر إلا بالعلم والفلسفة.
- تمكّن ابن باجة من شرح عدداً من الكتب الخاصة بأنواع الأدوية المفردة لكل من الطبيب اليوناني جالينوس والعالِم ابن وافد، حيث اهتم كل من هؤلاء العلماء بمبدأ العلاج الطبيعي الخاص بالأغذية بدلاً من استخدام العقاقير الطبية.
- كتاب شرح السماع الطبيعي لأرسطو: ركّز ابن باجة في كتابه هذا على المبادئ الكبرى التي تهتم بعلم الطبيعة، حيث كانت أقدم ترجمة لهذا الكتاب تعود إلى عصر هارون الرشيد.
- إضافةً إلى ذلك فقد كان لابن باجة عدداً من الكتب التي اختصت بشكلٍ خاص في مجال الطب: ومن هذه الكتب:” كتاب كلام على شيء من كتاب الأدوية المفردة لجاليونس” وكتاب” التجربتين على أدوية ابن وافد”، إلى جانب كل من كتاب” اختصار الحاوي للرازي” وكتاب ” كلام في المزاج بما هو طب”.