ما هي أهمية مكوث الأحجار النيزكية على الأرض؟
إن تفاعل الأحجار النيزكية مع الغلاف الجوي الأرضي ينتج عنه تبديل في تركيبها المعدني والكيميائي أو التركيب البرتوغرافي، فقد تم معرفة هذه الظاهرة باسم التغير الأرضي، حيث أن حجم التغير الأرضي يزداد كلما زاد مكوث الأحجار النيزكية على الأرض وبكمية وجودها في الأوساط الرطبة.
ومن المعروف أن الأحجار النيزكية الساقطة يتم حفظها بشكل أفضل من الأحجار النيزكية المكتشفة؛ والسبب في ذلك هو قصر مدة مكوثها على الأرض، كما أن تطور المستعمرات الجرثومية في الحجر النيزكي الذي يقع في ولاية تطاوين (تونس) هو الأكثر هولاً، ومن المحتمل أن التغيير الأرضي الذي تعرض له الحجر النيزكي حينها هو أوركوي، فبعد ما يقارب مئة وخمسين عام من سقوط هذا النيزك برزت عروق بيضاء اللون (من الكبريتات) وقامت بتغطية هذا الحجر النيزكي الداكن الذي تحلل بشكل كامل.
تعمل الأحجار النيزكية على مقاومة التفاعل مع الغلاف الجوي بشكل أفضل عندما تكون في أجواء أقرب إلى الجفاف من الرطوبة، وهذا من أحد الأسباب التي دفعت للبحث عنها في المناطق الجافة أي في الصحاري، في حين أن طول البقاء في الصحاري ينتج بسبب تفتح الصدوع ومن ثم ملئها بالمعادن الأرضية بالإضافة إلى تأكسد المعادن وارتكاس المادة العضوية ومن ثم تغيير التركيب التظائري والخصائص المغناطيسية.
وعلى الرغم من ذلك فإنه من الأفضل أن تتم دراسة الأحجارالنيزكية الساقطة والتي لم يحدث فيها أي تبادل للخصائص الكيميائية أو الخصائص الفيزيائية؛ نتيجة وجودها على الأرض، لكن هذا الأمر لا يكون ممكناً دائماً خاصة أثناء دراسة مجموعات من الأحجار النيزكية غير الممثلة فيما تم اكتشافه مثل الأحجار النيزكية الكوندريتية أو الأحجار النيزكية الكربونية أو تلك الأحجار النيزكية القمرية.
لهذا السبب لا بد من العمل على تقدير حجم آثار التغير الأرضي الناتجة على الحجارة النيزكية بهدف تفادي الخلط بين خصائص الحجارة النيزكية التي ترجع في نشأتها إلى خارج الأرض، (هي محل البحث) والخلط بين خصائص الأحجار النيزكية المكتسبة بسبب وجودها على الأرض.
عمر الأحجار النيزكية على الأرض:
إن الحجارة النيزكية التي تم اكتشافها والتي قضت سنوات طويلة على الأرض، من الممكن قياس عمر وجودها على الأرض وذلك عن طريق استعمال سبل القياسات الإشعاعية، حيث أن الحجارة النيزكية وأثناء مسارها عبر الفضاء تتعرض إلى الإشعاع الكوني، فيتسبب ذلك في ظهور عناصر إشعاعية.
وهذه العناصر الإشعاعية منها ما ينتج إلى أن يصل لدرجة الإشباع؛ أي أن يكون معدل انتاجها يعادل معدل تحللها، وبهذا يكون وجودها غير متغاير ومعروف عند وصول الحجارة النيزكية إلى الأرض، وعندما توصل إلى الأرض يقوم الغلاف الجوي بحماية الأحجار النيزكية من الإشعاع الكوني فتبدأ العناصر الإشعاعية حينها بالتناقص، كما أن كمياتها عند قياسيها حصرياً تعتمد على عمر وجودها في الأرض.
هذا يعني أن قياس ومعرفة وفرة هذه العناصر الإشعاعية يتيح لنا الفرصة في معرفة عمر وجودها على الأرض، مع العلم أن هذه الطريقة تشبه طريقة الكربون المشع (الكربون الرابع عشر) التي تم استعمالها في علم الآثار، من الممكن أن يصل عمر الأحجار النيزكية تلك التي يتم العثور عليها في الصحاري الحارة إلى تقريباً 50 ألف سنة على الأرض، وقد تم العثور على حجر نيزكي مريخي وحجر نيزكية قمري آخر بأعمار أرضية تعادل بضع مئات آلاف السنين في صحراء ظفار (في سلطنة عمان).
ومن خلال الدراسات فقد تبيّن أن عمر الأحجار النيزكة القطبية الجنوبية على الأرض تكون أطول، حيث أنها تتراوح حسب المناطق من 150 ألف عام (من الأمثلة عليها في منطقة ألن هيل) إلى 400 ألف عام في منطقة لويس كليف، وبشكل عام تعمل الأحجار النيزكية الحديدية على مقاومة التغيير الأرضي بشكل أفضل من النيازك الحجرية، حيث أن أقدم حجر نيزكي حديد يبلغ عمر أرضي يعادل 2.7 مليون عام.
كما أن أقدم حجر نيزكي على الأرض منذ حوالي 3 ملايين عام هو عبارة عن نيزك حجري كوندريتي (H4) الذي يعرف باسم FRO 1149، ولغاية الأول من مايو لعام 2009 تم جمع واحد وسبعون حجر نيزكي فرنسي مع أن أغلبها هي أحجار نيزكية ساقطة، حيث هناك لا يوجد صحراء مناسبة لتراكم الأحجار النيزكية، كما سميت هذه الأحجار بالأحجار النيزكية الفرنسية.
وتعتبر فرنسا من أكثر الدول التي تحتوي على الأحجار النيزكية بسبب عدد حالات السقوط لكل كيلو متر مربع، وتفتخر فرنسا بسقوط حجرين نيزكيين كوندريتيين كربونيين كانا من نوع CI1 وهما عبارة عن نيزك أليه الذي سقط على لوغار ونيزك أوركوي لذي سقط على تارن إيه غارون، إلا أنه لم يتم تسجيل إلا خمس حالات سقوط لنيازك كوندريتية من نوع CI1.