أصبحت ظاهرة الشركات متعددة الجنسيات موضوعًا مهمًا بسبب الموقف الحذر تجاه هذه الشركات على مر السنين، وخاصة اتهام الدول النامية باستخدام الموارد الطبيعية والتدخل في شؤونها الداخلية وتدمير بيئتها، ممّا يجعلها ذات أهمية خاصة.
وهذا لا يعني أن هذه الظاهرة تعتبر فقط ظاهرة تنفرد بها الدول الغربية؛ لأنه لاحظ بعض الفقهاء على المستوى الدولي أن استراتيجيات التنمية للعديد من دول آسيا وأمريكا اللاتينية تقوم على الانفتاح والاقتصاد العالمي من خلال هذه الشركات. وأصبحت مشكلة تنظيم هذه الظاهرة أولوية قصوى؛ بسبب زيادة أنشطة هذه الشركات وزيادة حجمها اليومي، فضلاً عن تعديها على الحدود الإقليمية للدول الفردية.
التنظيم الدولي للشركات المتعددة الجنسيات:
التنظيم الدولي للشركات متعددة الجنسيات تعتبر من أهم الإجراءات المتخذة للشركات حاليًا، وعلى الرغم من أنشطتها الفعّالة المتزايدة وإمكاناتها التي تتجاوز قدرات البلدان والمنظمات الدولية، لا تزال شخصيتها القانونية الدولية موضع شك. وبالمثل، فإن العقد الذي توقعه مع الدولة لا يمكن أن يحصل على وضع اتفاقية دولية، بالإضافة إلى قواعد القانون الخاص، حيث يجب أن يمتثل أيضًا لمبادئ القانون الدولي المعترف بها في المجال الاقتصادي.
ولكن نظراً لحق القانون الدولي في تنظيم العلاقات بين الدول والمنظمات الدولية والشركات متعددة الجنسيات، ونظراً لأهمية أنشطتها وتأثيرها في المجال الاقتصادي الدولي وضرورة تقديمها إلى الشركات العالمية، فلا يوجد نقاش حول ذلك. وقد تمت صياغة مبادئ وقواعد القانون الدولي في هذا الصدد، فهي تتجاوز من خلال أنشطتها النطاق الإقليمي لكل بلد ولا تأخذ في الاعتبار سوى مصالحها، ولكنها في بعض الأحيان تنتهك السيادة الوطنية وتتدخل علانية في شؤونها الداخلية.
وتم انتقاد التنظيم الدولي للشركات متعددة الجنسيات من قبل الدول النامية، حيث تعتقد الدول النامية أن هذه الشركات تجسد ذروة الاستغلال الاقتصادي، وقد اتهمت بتأسيس نظام اقتصادي خاص بها، مستقل عن اقتصاد بلدها أو اقتصادها. والاستثمار في الأراضي والتهديدات التي يتعرض لها النظام النقدي العالمي بسبب التحويلات، فإن رؤوس أموالها الضخمة وممتلكاتها الرأسمالية تفوق بكثير ميزانيات بعض الدول، كما تعتقد أنها تتفوق على سلطة القوانين الوطنية، ولكنها أعلى من القوانين الدولية.