اقرأ في هذا المقال
تعريف القانون الجنائي الدولي:
وبتصور بعض فقهاء القانون أنه لا يمكن الموافقة على هذا الخلط في المسميات واعتبارها من قبيل المترادفات، والسبب في ذلك يعود إلى عدة أسباب، هي:
- تغيّب فقهاء القانون الداخلي بوجود مجتمع دولي يتضمن ظواهر اجتماعية مشابهة لتلك الموجودة في المجتمع الداخلي ويحتاج إلى قوانين تحكمها، فإذا كان هناك قانون داخلي يسعى إلى حماية النظام العام الداخلي من الانتهاك، فإن الحاجة تؤكد من جهة أخرى وجود قانون دولي جنائي يسعى إلى حماية النظام العام الدولي من نفس الاعتداءات.
- استقلال القانون الدولي الجنائي عن القانون الجنائي الدولي؛ لأن كل فرع منهم لديه هدف يريد تحقيقه وموضوع يحتاج إليه.
- كلاهما فرعان قانونيان مستقلان وينتميان إلى أنظمة قانونية مختلفة.
ويُعرف القانون الجنائي الدولي أنه مجموعة من القواعد القانونية المستخدمة، لتنظيم المشكلات الناشئة عن النزاعات بين السيادة الوطنية وسيادة الدول الأخرى عند حدوث جريمة، كما لو أن الجريمة ارتكبها شخص واحد داخل أراضي دولة غير الدولة التي ينتمي إليها، أو فر شخص إلى دولة أخرى بعد ارتكاب جريمة على أراضي دولة معينة.
ويمكن القول أن القانون الجنائي الدولي هو فرع من فروع القانون الجنائي المحلي، والذي ينطوي على تحديد النظام القانوني للقانون الجنائي الوطني الذي يحتوي على عوامل دولية أو أجنبية.
وفي المقابل، يكون القانون الجنائي الدولي، في معظم الحالات، نتاج الإجراءات الأحادية للدول، حيث تنظم الدول العلاقة بين قانونها الجنائي وبين الخارج من خلال التشريع والعدالة، وقد تساهم المعاهدات الدولية في تشكيل قواعد هذا القانون، لكن أحكام هذه المعاهدة تستند إلى القانون الجنائي المحلي للبلد. وبالإضافة إلى ذلك، يشمل موضوع القانون الجنائي الدولي ما يسمى بالجرائم العالمية أو جرائم القانون المحلي ذات الطابع الدولي، وهي مجموعة من الجرائم المتعلقة بجنسية الجاني ومكان الجريمة في ظل ظروف خاصة.
الفرق بين القانون الدولي الجنائي والقانون الجنائي الدولي:
- من حيث غاية كل منهما: القانون الدولي الجنائي يسعى إلى حماية النظام العام الدولي وبالدرجة الأولى حماية حقوق الإنسان. وأما القانون الجنائي الدولي يسعى إلى حماية النظام العام الداخلي، وكذلك حماية مصالح الدولة حتى إذا كانت الجريمة واقعة خارج حدودها.
ومن أمثلة هذه الجرائم التي تقع في منطقة أعالي البحار ولا يمكن بالتالي الجزاء عليها وفقاً لمبدأ إقليمية القانون الجنائي؛ لأن هذه المنطقة لا تخضع للولاية الإقليمية لأي دولة، ولما كانت تلك الجريمة تهدد أمن وسلامة المواصلات البحرية لمعظم الدول، فإن الدول جميعها تتعاون بينها من أجل معاقبة مرتكبيها أينما كانوا.
كذلك هناك عدة جرائم عقدت بشأنها الدول معاهدات دولية من أجل تنظيم التعاون الدولي لمنعها والمعاقبة على ارتكابها مثل الإتجار بالرقيق والإتجار بالنساء والأطفال والمخدرات وتقليد وتزييف العملة.
- من حيث الموضوع: الجرائم الدولية التي يرتكبها أفراد نيابة عن الدولة تشكل موضوع القانون الجنائي الدولي حسب طبيعتها. وتتنوع مصادر الجرائم والعقوبات المنصوص عليها في القانون الدولي وقواعد القانون الجنائي المحلي هي مصادر الجرائم والعقوبات المنصوص عليها في القانون الدولي.
- من حيث المؤسسات القضائية التي تطبق القواعد القانونية: المحاكم التي لديها سلطة محاكمة الجرائم التي يعاقب عليها القانون الجنائي الدولي، هي المحاكم الوطنية لإحدى الدول المتورطة في الجريمة، أي بلد جنسية الجاني أو الضحية أو الجريمة التي تُرتكب على أراضيها. وتتمتع محكمة العدل الدولية بسلطة التعامل مع الجرائم التي يعاقب عليها القانون الجنائي الدولي كقاعدة عامة.
وبالنظر إلى أن اختصاص المحكمة الجنائية الدولية وولاية الأجهزة القضائية الوطنية متكاملان، فمن ناحية أخرى، فإن اختصاص المحكمة يقتصر على بعض الجرائم الدولية. وإذا كان بإمكان المحاكم الوطنية تقاسم هذا الاختصاص، فإنها في بعض الأحيان تحتكر الاختصاص القضائي.
- من حيث المرجعية: القانون الجنائي الدولي يعود الى القانون الدولي العام وهو فرع من فروعه، بينما القانون الدولي الجنائي يعود الى القانون الجنائي الداخلي وهو فرع من فروعه.