يتم إنشاء المرافق العامة بكافة أنواعها وأشكالها المختلفة؛ لتلبية احتياجات المنفعة العامة للمواطنين، وبالتالي تخضع لمجموعة من المبادئ العامة التي تنسجم مع وظيفتها في تحقيق المصلحة العامة، بالإضافة إلى ماهية كل منها.
المبادئ الأساسية الضابطة للمرافق العامة الإدارية
تخضع لقواعد مميزة تتفق مع الغرض من الطريقة المعتمدة لإدارتها. نتيجة لذلك، على الرغم من اختلاف الأنظمة القانونية التي تحكم تشغيل هذه المرافق المختلفة، اعتمادًا على طبيعتها وما إذا كانت إدارية، أو اقتصادية أو مهنية وما إلى ذلك.
وتخضع جميعها لعدد من المبادئ العامة اللازمة للوفاء على أفضل وجه مهمة المرافق العامة هي تلبية الاحتياجات العامة والخدمات الأساسية التي تتطلب المصلحة العامة توفيرها بطريقة مستمرة ومنتظمة، وبالتالي فإن التشغيل المنتظم والثابت للمرافق هو القاعدة العامة الأولى التي تحكم تشغيل المرافق العامة بجميع أنواعها.
ومن ناحية أخرى يتم إنشاء المرافق العامة وإدارتها لصالح الجمهور دون تمييز، لذلك لا يزال مبدأ المساواة بين المستخدمين أمام المرافق العامة أحد هذه المبادئ، وبما أن الاحتياجات والخدمات التي تخلقها المرافق العامة من أجل إشباعها تختلف من دولة إلى أخرى ومن وقت لآخر حسب الظروف الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، لذلك كان مبدأ الحفاظ على المرافق العامة متماشياً مع المتطلبات الناشئة للقاعدة الثالثة التي تحكم عمل المرافق العامة.
مبدأ تسيير المرافق العامة بانتظام وثبات
هذا المبدأ من أحكام الفقه الذي يهتم به التشريع في حدّ ذاته، ولكنه حرص على بعض الأحكام الفرعية التي تفرعت عنه وكان له سلسلة من النتائج، ومنها مضمون المبدأ لا يمكن لأي نشاط أن يرقى إلى مستوى منفعة عامة ما لم يكن مهمًا، أو يمكن أن يحقق مصلحة عامة أو له صلة بحياة المجتمع.
مبدأ استمرار المرافق العامة الإدارية
يجد أساسه إما في المبدأ الدستوري والسياسي، الذي ينص على أن يجب أن تستمر الدولة أو في الاهتمام الاجتماعي بالحاجة إلى تجنب الاضطرابات الاجتماعية، ويتطلب هذا المبدأ من الجهة المسؤولة عن المنشأة الاستمرار في إدارتها دون انقطاع مهما كانت الصعوبات التي تواجهها؛ لأن الغرض من إنشائها هو إشباع الحاجات الجماعية، وأي انقطاع في نشاطها هو بمثابة إنكار لهذه المصلحة لذلك يجب على المستخدم أن يجد خدمات المنشأة طوال الوقت دون انقطاع.
وضمان عمل المرافق العامة هو واجب يقع على عاتق السلطة الإدارية المسؤولة، وأي انتهاك لهذا الواجب من شأنه إلحاق الضرر بالمستخدمين لجعل السلطة مسؤولة عن تعويضها ويمكن مقاضاتها بهذا الشأن أمام المحاكم.
وبناءً على الآثار المترتبة على اعتماد المبدأ وحفاظًا على قدسية هذه القاعدة واحترامها على الوجه الأمثل، عمل الفقه القضائي على وضع قواعد منفصلة تدعم وجودها وتدعم احترامها ومنها:
- حكم منع الإضراب عن عمال المرافق العامة بما أن الإضراب هو اتفاق بين مجموعة من الموظفين في منشأة للتخلي عن العمل لفترة مؤقتة دون نية تركه نهائيًا، وذلك للاحتجاج على أمر معين أو الحصول على طلب. وبناءً على هذا التعريف.
فإن هذا المصطلح يتعارض مع مبدأ التشغيل المنتظم والثابت للمرفق العام، الأمر الذي يتطلب وضع قواعد رقابية له، لذلك بادرت مجموعة من الدول بحظره على العاملين في المرافق العامة ومهما كانت الطريقة التي تدار بها هذه المرافق، لضمان الاستمرارية في تقديم الخدمات العامة للجمهور.
- لائحة تنظيم الاستقالة حاول القضاء الفرنسي التوفيق بين المصلحة الخاصة المتمثلة في حق الموظف في الاستقالة مع المصلحة العامة المتعلقة بالحفاظ على استمرارية المصلحة العامة، والمتعلقة بالحفاظ على استمرارية عمل المرافق العامة بشكل منتظم وثابت.
وقد استنتج منذ فترة طويلة أن علاقة الموظف بالإدارة لا تنتهي باستقالته، بل بقبول هذه الاستقالة. وقد اعتمد المشرع هذه الأحكام في القانون الأساسي للخدمة العامة بما أن الاستقالة يمكن أن تؤثر على عمل المرافق العامة، خاصة إذا حدثت في وقت غير مناسب، فيجب تنظيمها بحيث تعمل المرافق العامة بانتظام وثبات من خلال عدة نظريات:
- نظرية الموظف الفعلي أو الحقيقي: الموظف الفعلي هو ذلك الشخص الذي يعتبر القضاء في بعض الظروف أن أفعاله في مجال المرافق العامة صحيحة، على الرغم من حقيقة أنه لم يتم تعيينه بشكل صحيح في الوظيفة التي يؤدي فيها واجباته، فقد ابتكرها القضاء الإداري الفرنسي من أجل الحفاظ على سير العمل المنتظم والثابت للمرافق العامة في ظروف استثنائية، وقد تجد أحكامه تطبيقات في الظروف العادية.
- نظرية الظروف الطارئة: هي إحدى النظريات التي ابتكرها القضاء الإداري، حيث من الممكن أن تظهر شروط في العقود طويلة الأجل أثناء تنفيذها لا علاقة لها بإرادة المقاولين في ظهورها، وتجعل تنفيذ العقد عبئًا ثقيلًا. وصعبة.
بل وتجعل استمرار تنفيذ مهمة المرافق في منشأة عامة تؤدي في النهاية إلى توقف وانقطاع نشاط تلك المنشأة إذا التزمنا بالقواعد التي كانت معروفة في مجال التعاقد أي (العقد هو شريعة المقاولين)، حيث لا يجوز لأي طرف فيه الخروج طواعية من التزاماته، بحجة أن تنفيذ الالتزام أصبح صعبًا ومرهقًا باستثناء حالة واحدة هي حالة القوة الشديدة، وهي إنشاء قواعد القاضي لإنهاء العقد الإداري.
وفي الخاتمة كانت هذه الحالات التي تم فيها تطبيق هذه النظريات لأول مرة هي حالة مجلس الدولة الفرنسي في 30 مارس 1916 ومنع الاستيلاء على أموال المرافق، حيث لا تخضع أموال المرافق العامة للمصادرة، وهو نتيجة طبيعية لعدم صلاحية الممتلكات العامة؛ لأن المصادرة تؤدي عادةً إلى بيع، بالإضافة إلى تطبيق هذه القاعدة على ممتلكات المرافق العامة، مما يهددها بقطع تقديم خدماتها للمواطنين.