تأثير التجارة الدولية على الوطن العربي:
بين عامي 1947 و 1994، تم تنظيم عدة اتفاقيات تجارية متعددة الأطراف. وتعتبر الاتفاقية الأخيرة هي الأطول والأهم؛ لأن العلاقات الاقتصادية العالمية ازدهرت إلى حد كبير وزادت الصادرات السلعية واتسعت تدفقات رأس المال، وكان التقدم التكنولوجي ضخمًا وسريعًا في نقل المعلومات وتبادل المجالات. ولم تعد لوائح التجارة العالمية الجديدة مقتصرة على السلع فحسب، بل تشمل أيضًا الخدمات التي تمثل الآن خُمس المعاملات العالمية، فضلاً عن حقوق الملكية الفكرية المتعلقة بالتجارة.
ويقوم النظام على مبدأين رئيسين لتحرير التجارة العالمية من القيود والتعريفات الكمية، وهما كما يلي:
- المبدأ الأول: معاملة الدولة الأولى بالرعاية: وهذا يعني أن الامتياز الممنوح من دولة إلى دولة ما يجب أن يُمنح أيضًا إلى دول أخرى. ويهدف هذا المبدأ إلى تحقيق المساواة بين جميع الدول.
- المبدأ الثاني: المعاملة الوطنية: حيث تنص على وجوب معاملة البضائع المستوردة كبضائع منتجة محلياً. وتتركز أهمية هذا المبدأ في أن السلع متساوية بغض النظر عن بلد الإنتاج، لكن النظام الجديد يقدم استثناءات عديدة لهذين المبدأين.
وتستفيد الدول من هذا النظام بناءً على درجة تطورها الاقتصادي وقدراتها التقنية المالية. وكلما ارتفعت هذه الدرجة وهذه القدرات زادت الفائدة والعكس صحيح. وعلى هذا الأساس، فإن النظام الجديد لا يقوم على اعتبارات إنسانية تركز على حل المشكلات الاجتماعية والاقتصادية للدول الفقيرة، ولكن على المنافسة الشرسة بين جميع الناس.
فهو لا يقوم على أساس المساواة، بل على الهيمنة المستمرة للدول الصناعية الكبرى في الاقتصاد العالمي. ولأن العالم العربي يتكون من دول نامية، فإن فوائده أضعف من العالم الصناعي، ولأن هذه الدول العربية لها تقدم اقتصادي وقدرات مالية ومزايا ومعاناة مختلفة. ومع ذلك، فإن الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية ليس بخطورة العزلة، حتى الآن، انضمت 11 دولة عربية.
وفي فترة عام 1980 و 1999، تضاعف حركة التجارة العالمية، بينما انخفض حجم التجارة الخارجية العربية. وفي بداية هذه الفترة، شكلت تجارة الدول العربية 85% من ناتجها المحلي الإجمالي، وبلغت في نهاية هذه الفترة 43%. ونتيجة لذلك، تراجعت أهمية التجارة الخارجية في الاقتصادات العربية بشكل ملحوظ، في حين أن العكس هو الصحيح على المستوى العالمي، خاصة في الدول الصناعية الكبرى وآسيا وأمريكا اللاتينية. وخلال هذه الفترة، ارتفع الناتج المحلي الإجمالي للدول العربية بنسبة 52% وانخفضت التجارة الخارجية بنسبة 24%.