عقود الإدارة الخاضعة لولاية القضاء العادي
يعتبر العقد الإداري إحدى الوسائل التي تستخدمها الإدارة لتنفيذ التزامها الأساسي لتحقيق الصالح العام ولا يُسمى كل عقد تبرمه الإدارة مع أشخاص طبيعيين أو معنويين “عقدًا إداريًا”. بل إن العقد الإداري ينص على أن الأمر يتعلق بخدمة منشأة حكومية، وأن الإدارة تتمتع بموجبه بمجموعة من الشروط التعاقدية غير العادية، أي تلك التي لا يمكن للأفراد تضمينها في عقودهم، بحيث تكون هذه الشروط بمثابة مظهر من مظاهر السلطة العامة التي تتحقق فقط للإدارة.
أما بالنسبة لدولة العراق، فكانت دائما منازعات العقود الإدارية خاضعة لاختصاص القضاء المدني ممثلة بالمحكمة الابتدائية وهذا فقط وفقا لأحكام المادة رقم (3) من قانون التنظيم القضائي رقم 160 لسنة 1979. والتي تنص على أن (اختصاص القضاء ينطبق على جميع الأشخاص الطبيعيين والمعنويين، العام والخاص باستثناء ما يستبعده نص خاص). ولم تستثنى منازعات العقود الإدارية بنص خاص من الخضوع لاختصاص القضاء المدني، خاصة وأن العراق حتى عام 1989 كان من دول القضاء الموحد دون عدالة إدارية.
عندما جاء التعديل الثاني لقانون رقم 106 لعام 1989 لقانون مجلس شورى الدولة رقم 65 لسنة 1979، والذي أدخل القضاء الإداري في العراق، كان من المأمول أن يجعل هذا القانون منازعات العقود الإدارية ضمن اختصاص القضاء الإداري. المحكمة القضائية. لكن نص المادة (7/2) ينص على أن المحكمة الإدارية هي المختصة بالنظر في صحة الأوامر والقرارات الإدارية الصادرة عن الموظفين والهيئات في دوائر الدولة).
وبالتالي، يُستثنى العقد الإداري من اختصاص المحكمة الإدارية وتظل المحكمة المدنية هي صاحبة الاختصاص للنظر في منازعات العقود الإدارية. ومع ذلك، فإن القرارات الإدارية التي لا تدخل في طبيعة العقد الإداري أو تلك التي لا تدخل في الالتزامات بين الأطراف الناشئة عن العقد تقع ضمن اختصاص محكمة العدل الإدارية كقرارات إدارية قابلة للاستئناف أمامها. وحيث يمكن الطعن في هذه القرارات المنفصلة عن طبيعة العقد الإداري والصادرة بخصوصه، مثل قرارات التفويض بإبرام العقد وقرارات المصادقة على العقد أو اعتماده؛ لأن هذه القرارات تعتبر إجراءات قبل إبرامها ولا تعتبر ركائز العقد الإداري.
في عام 2004، صدر الأمر التشريعي بشأن العقود العامة من قبل سلطة الائتلاف الغير مستقلة رقم 87 وحدد ثلاث طرق لحل منازعات العقود الإدارية. وأشار في القسم الثاني عشر الخاص بتسوية المنازعات إلى تشكيل محكمة إدارية متخصصة للنظر في بعض منازعات العقود الإدارية. ومع ذلك، لم يحدد الأمر كيفية تشكيل هذه المحكمة، لكنه سمح لمقدم العطاء، الذي يعتقد أنه كان غير عادل في قرار التعهدات العامة الحكومية أو يعتقد أن أحكام العطاء قيدت بشكل غير عادل المنافسة الحرة والعادلة وفي بالطريقة التي أخرجته بشكل غير لائق من المنافسة، لتقديم اعتراض إلى المحكمة الإدارية.
وأوضح بعد ذلك أنه يجوز للمحكمة أن تصدر قرارها بشأن الاعتراض في أسرع وقت ممكن، ويجوز لها اتخاذ قرار بإلغاء العقد الممنوح وإعادة المتطلبات وتقييم العطاءات المستلمة مقابل الوفاء أو اتخاذ أي إجراءات لازمة تتفق مع ذلك ترتيب العقود العامة. ثم أوضح الأمر التشريعي الأثر القانوني للقرارات التي ستصدرها المحكمة الإدارية، إذا وافقت على قبول الاعتراض والقواعد لصالح المناقص المعترض، أو أمر الوكالة (الكيان الإداري) صاحبة العقد لاتخاذ الإجراء الصحيح وبالتالي تقوم الوحدة الإدارية أو الجهة الحكومية بإلغاء العقد فورًا مع المقاول الأول الذي تم إرساء العطاء عليه.
وبالتالي، فإن مفعول حكم هذه المحكمة هو إلغاء العقد ومن الواضح أيضًا أن صلاحيات هذه المحكمة واردة، على سبيل المثال، وليس حصريًا، كما هو مذكور في الأمر الخاص بالعقود العامة. وهذه هي الطريقة الأولى لتسوية النزاعات المنصوص عليها في الأمر المذكور. والطريقة الثانية هي الحق في تقديم الشكاوى، حيث يحق للمقاول تقديمها للجهة الإدارية التي تطرح المناقصة العامة عندما لا تلتزم بشروط العقد أو تنتهكها بشكل غير عادل.
ويؤسس هذا الحق أيضًا للمقاول الذي فُسخ عقده بحكم المحكمة في حال عدم حصوله على تعويض عن العمل المنجز بموجب العقد الملغى ولكنه لم يستلم شيئًا بعد. وإذا أصدرت الجهة الإدارية واقعة أو حكمًا ولم يقتنع بها المقاول، فيجوز له استئناف كما هو الحال في التعيين الوارد في الأمر أمام محكمة مختصة بالنزاع بين الحكومة والأطراف المدنية أو المحكمة. والمختصة للنظر في مثل هذه الحالات.
أما الطريقة الثالثة لحل منازعات العقود العامة حسب الأمر المذكور أعلاه فهي التحكيم حيث أشار القسم إلى أن التسوية البديلة للنزاع ستتم بشرط أن يكون تتفق الأطراف على ذلك. وثم صدرت البنود الخاصة بتنفيذ العقود الحكومية رقم (1) عام 2008 من قبل وزير التخطيط تنفيذاً لنص القسم (14/1) والتي أشارت إلى أن (وزير التخطيط يصدر تعليمات إدارية لتنفيذ أحكام المادة). المواد (10-11) التي تفصل فيها تسوية المنازعات التي تثيرها العقود الإدارية، والتي سنشرحها فيما يلي:
المادة (10) فقد جاءت تحت عنوان “آلية تسوية المنازعات قبل التعاقد” وبالتالي تعالج مشكلة وجود أي نزاع قبل أن يرتب العقد آثاره. الآلية الأولى هي تشكيل لجنة في كل وزارة أو جهة غير مرتبطة بوزارة الأقاليم والمحافظات غير المنتظمة في إقليم للنظر في الاعتراضات والشكاوى التعاقدية (بعد صدور قرار بإحالة العطاء). وترتبط هذه اللجنة بالوزير أو المحافظ أو من يفوضه وتتكون من مجموعة من الخبراء والمختصين ومقرر للجنة لا تقل مسمى وظيفته عن مذكرة.
تتولى هذه اللجنة فحص الاعتراضات والشكاوى المقدمة خلال سبعة أيام من تاريخ صدور قرار الإحالة والإبلاغ عنها ومن ثم رفع التوصية إلى الوزير المختص أو رئيس الجهة غير المرتبطة بالوزارة أو رئيس الهيئة. الجهة المتعاقدة في الإقليم والمحافظة غير المنتظمة في الإقليم خلال مدة لا تزيد على (15) يوما من تاريخ تقديم الشكوى لدى الجهة المتعاقدة وعلى الوزير او المحافظ البت فيها خلال سبعة أيام وفشل أن تقرر يعتبر رفضا لها. ويترتب على تقديم الشكوى أن على الأطراف المتعاقدة الانتظار لتوقيع العقود حتى يتم حل الأمر من قبل الوزير أو المحافظ خلال هذه الفترة الزمنية المحددة لهم، على أن يقدم المعترض تعهدًا رسميًا بدفع قيمة العقد.
الأضرار التي لحقت، لمصلحة الطرف المتعاقد عن التأخير في توقيع العقد لأسباب كيدية أو غير مبررة. الآلية الثانية: تشكيل محكمة إدارية في وزارة التخطيط والتعاون الإنمائي بقرار من وزير التخطيط برئاسة قاض وعضوية ممثل عن وزارة التخطيط لا يقل عن مدير عام. واتحاد المقاولين واتحاد الغرف التجارية من ذوي الخبرة (وبالتالي سيكون عدد أعضاء المحكمة أربعة، وهو ما يتعارض مع التكوين المعتاد للهيئات القضائية من عدد فردي وليس زوجي؛ لأنها مسألة تأثير عند إصدار الحكم).