الخرائط في القانون الدولي:
تندلع الخلافات الحدودية بين الدول من حين لآخر، وتؤدي في بعض الحالات إلى حروب شرسة بين هذه الدول، وتحذّر هذه النزاعات السلم والأمن الدوليين، كما تؤدي إلى تداعيات سياسية واقتصادية واجتماعية مختلفة، ومن هنا تداعيات قانونية من النزاع من أجل حل هذه الخلافات بالطرق السلمية، وخاصة الطرق القضائية مثل التحكيم الدولي والعدالة الدولية، حيث قدمت هذه الدول أدلة مختلفة لدعم دفاعاتها القانونية ضد سيادتها الإقليمية وتحديد موقعها الصحيح.
ويُعد خط الحدود السياسي بين الدول في الدفاع التشريعي عن سيادة الدول، حيث يتطلب من الدول المجاورة خرائط كدليل قاطع على إثبات أهلية الدول لنقل الأراضي المتنازع عليها إلى سيادتها، خاصة عندما تكون هذه الخرائط ملازمة بمعاهدات دولية لترسيم الحدود بين الدول؛ لأن الخريطة تضم الكثير من معلومات وبيانات مهمة يمكن أن تكشف عن نطاق الحقوق السيادية لهذا البلد، وفقًا لشروط وأركان محددة يتم إنشاؤها من خلال قرارات قضائية صادرة في عدد كبير من القرارات القضائية والتحكيمية الدولية.
ولا يفرض القانون الدولي نطاقًا محددًا أو مجموعة من الأدلة التي تدعم الدفاع عن بلد ما للحصول على السيادة على إقليم أو جزيرة، وهذا هو تنفيذ لمبدأ السيادة الوطنية. ولذلك، تنص المادة 49 من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية على أنه يجوز للمحكمة أن تطلب من المحامي تقديم أي وثائق أو بيانات قبل بدء الشكوى. وللمحكمة في نهاية المطاف سلطة تقديرية مطلقة في إعطاء الأولوية للأدلة التي يقدمها المتقاضون في التقاضي.
فإن الهيئات القضائية الدولية تطبق حق الإثبات على المتقاضي في السيادة، حيث إنّ هناك تقدير واسع في الأدلة المقدمة تكشف الأحكام القضائية، وقرارات التحكيم الصادرة عن هيئة التحكيم الدولية أن من يقدم الدليل الأكثر قيمة هو الفائز.
وتحتوي الأدلة الكتابية المقدمة من قبل المتقاضين في المنازعات الحدودية على خرائط، وهذه الأدلة المدونة هي الأكثر استخدامًا من قبل أطراف النزاع؛ بسبب تصريحاتهم المهمة حول حقوق المدعي، ولأنها تخلق يقينًا قضائيًا في التحكيم أو المؤسسات القضائية، ولا يقتصر ذلك على صور محددة، حيث يمتد ليشمل المعاهدات الدولية والسجلات الرسمية للمنظمات الدولية والرسائل الرسمية والخرائط والصور وآراء الخبراء والشهادة المكتوبة.
شروط صحة الخرائط الدولية:
تستند أصالة وصحة الخرائط التي تثبت حقوق المدعي (الدولة) على شروط وركائز متعددة، ومنها ما يلي:
- دقة قياس الخرائط.
- مصدر الخرائط.
- أفعال ومواقف أطراف النزاع على هذه الخرائط.
- الدقية في رسم الخرائط.
وقد حصلت مصر على خرائط رسمية بالنظر إلى حجم وموثوقية البيانات والمعلومات الواردة في هذه الخرائط، فقد لعب السودان والمملكة المتحدة وتركيا دورًا مهمًا في قرار التحكيم الدولي الصادر في عام 1988 بين مصر وإسرائيل.
وتنظر مؤسسة التحكيم الدولي في الخريطة الرسمية الممثلة بالدولة، أو بإحدى الجهات الرسمية للدولة وفقاً لأمر الدولة وتحت إشرافها. وهذه الخرائط الرسمية مرفقة بالاتفاقيات الدولية المستخدمة لتحديد الحدود، وهذه الخرائط لها نفس التأثير القانوني مثل المعاهدات الدولية والاتفاقيات.
والمسؤولون ليسوا مستعدين لحل الموقف الرسمي للبلاد بشأن السيادة الإقليمية أو لتحديد الحدود السياسية للبلاد. والأحكام القضائية والتحكيم الدولي مليئة بالكثير من الأمثلة الواضحة، حيث تحدد الخريطة الرسمية للدولة سيادة الدولة المتنازعة على قسم من المنطقة.
وتنعكس قيمة الدليل للخريطة من خلال وجود أدلة أخرى أو عدم وجود أدلة أو العرض غير الكافي والمستقل والدقيق لخط الحدود الدولية، وهو ما أثبتته محكمة العدل الدولية في النزاع الحدودي بين طرفين الدول. وفي حالة عدم وجود أدلة أخرى أو عدم كفاية الأدلة لإظهار حدود دقيقة، تصبح القيمة الاستنتاجية لخريطة المعهد الجغرافي الوطني الفرنسي حاسمة وجميع البلدان مسؤولة عن الخرائط الرسمية. ولا سيما الخرائط السياسية التي تُظهر أن حدودها الدولية تحظى بالاهتمام الواجب؛ لأنها تلعب دورًا فاعلًا في الوصول إلى حل سلمي لحل الخلافات الدولية بين الدول؛ بسبب ترسيم الحدود الدولية.
وعند ترسيم هذه الخائط، مثل الصراع الحالي بين السودان وإثيوبيا، يجب على الدول أن تتابع بنشاط جميع الخرائط الصادرة عن الدول المجاورة التي قد تشكل انتهاكًا للسيادة الوطنية؛ لأنه لا يجوز لأي دولة معنية بأي شكل من الأشكال الاحتجاج على هذه الخرائط مع مرور الوقت، أو استغلال دولة أخرى للضغط أو التهديد من أجل المنازعات أمام التحكيم القضائي أو الدولي.