ما هو الإقليم الجوي للدولة؟

اقرأ في هذا المقال


تشمل الدولة عدة أقاليم وهذه الأقاليم هي الإقليم البحري والإقليم البري، بالإضافة الى أنه يشمل الإقليم الجوي فوق الإقليمين السابقين. فالغلاف الجوي لم يجذب الاهتمام إلا بعد ظهور الطائرات وزيادة استخدامها في أوائل القرن العشرين.

ما هو الإقليم الجوي:

بالنظر إلى المجال الجوي فوق كل الحدود الإقليمية للدولة من المجال الجوي، بدأ الاهتمام بهذا المجال في أوائل القرن العشرين، بداية عصر الطيران. في عام 1919 تم إبرام الاتفاقية الدولية لتعزيز الملاحة الجوية في باريس، ثم أيدت اتفاقية هافانا عام 1928 أحكام الاتفاقية الأولى، وفي عام 1944 تم توقيع اتفاقية شيكاغو التي أكدت على سيادة الإقليم.

تكمن أهمية هذا الإقليم في أنه إقليم يمارس عليه الدولة سيادتها وتعبّر عن استقلالها، إلّا أن التطوّر العلمي في مجال الاتصال عبر الأقمار الصناعية بعد غزو الفضاء أصبح مشكلة حماية المنطقة، ممّا قد يهدد سيادة أراضي الدولة. لذلك، من الضروري إيجاد آلية جديدة لضمان الحماية القانونية لقضايا السيادة الوطنية على أراضيها. من أجل تحديد طبيعة القوانين التي تحكم الجو، فبدأ الفقهاء بدراسة الوضع القانوني للجو؛ لتحديد سلطة الدولة وسيادتها على الجو. لذلك، سوف نقدم بإيجاز الاتجاهات القانونية والاتفاقيات الدولية.

مكونات الإقليم الجوي:

يتكون الإقليم الجوي للدولة من (طبقة الغلاف الهوائي المحيط بالأرض وطبقة الفضاء الخارجي) وفيما يلي شرح لكل منهم:

أولاً- طبقة الغلاف الهوائي المحيطة بالأرض:

يمتد ما يقارب من 10000 ميل والدولة لها السيادة الكاملة عليها، لأنه بموجب اتفاقية خاصة مع الدولة أو بعد الحصول على السيادة من الدولة، لا يحق للدول الأخرى استخدامها إلا إذا قامت بإجراء الملاحة الجوية المناسبة.

ثانياً- طبقة الفضاء الخارجي:

أطلق الاتحاد السوفيتي أول قمر صناعي من صنع الإنسان في عام 1957 وأول رائد فضاء في عام 1961، ثم بعد وصول البشر إلى القمر في عام 1964، جذب انتباه القانون الدولي. ووفقًا للقانون الدولي، فإن هذه السيادة غير مقبولة. فضلا عن استغلال الجميع، سيكون هذا استغلالاً سليماً لمنفعة الانسان مثل (اتصالات، تلفاز، انترنت).

حيث بدأ الفقهاء بدراسة الوضع القانوني للجو لتحديد سلطة الدولة وسيادتها على الجو. لذلك سنتناول بإيجاز الاتجاهات القانونية والاتفاقيات الدولية وفيما يلي توضيح لكل منهم:

الاتجاهات القانونية لتحديد طبيعة القوانين في الإقليم الجوي:

توجد آراء قانونية مختلفة حول النظام القانوني للمجال الجوي الذي يطل على أراضي الدولة أُخذت من أجل تحدید ماهية القانون الذي یحكم الأجواء، فهناك ثلاث نظريات فقهية ظهرت حول هذه المسألة:

أولاً- نظریة حریة الهواء:

وهذه النظرية تقوم على مبدأ حرية الجو التي لا تقيدها سلطة الدولة، وبالتالي فإن الملاحة الجوية مجانية لطائرات جميع الدول، والسبب أن الدولة لا تستطيع ممارسة السيادة على الهواء لأنها لا تستطيع السيطرة عليها بشكل فعال.

ثانياً- نظرية سيادة الدولة المطلقة على الهواء:

يعتقد أصحاب هذه النظرية أن السيادة الوطنية مطلقة؛ لأنها تمتد إلى السماء المطلة على أراضيها وهي وهمية. لذلك يعتقد أن الدولة تستطيع إيقافها بالطائرات والصواريخ والمدى لأنها يمكن أن تمنع الطيران داخل أراضيها، لكن سيادتها بلا حدود تمامًا، أي لا تفرض الدولة قيودًا محددة على مجالها الجوي.

ونتيجة لذلك، يتم تنفيذ الممارسات الدولية على أساس أن لكل دولة سيادة كاملة ومطلقة على المنطقة. لذلك، قد لا تتمكن الطائرات الأجنبية من عبور المجال الجوي الإقليمي والبري والبحري لدولة غير مرخصة أو بلد الهبوط غير المرخصة.

ثالثاً- نظریة السيادة المقيدة:

يعتقد صاحب هذه النظرية أن سيادة الدولة تمتد إلى جميع المستويات داخل ارتفاع معين من أراضيها، والمستويات التي فوقها متاحة لجميع البلدان.

رابعاً- نطرية المناطق:

وفقًا لهذه النظرية، تنقسم المنطقة الجوية إلى منطقتين: المنطقة الأولى 25 ميلاً من الأرض وتنتمي للسيادة الوطنية، أما المنطقة الثانية فهيه على ارتفاع 20 ميلاً من الأرض وهي متاحة للدول حيث يُسمح بها لجميع دول العالم.

تتمتع هذه النظرية بالوضع القانوني للمحيطات، والمفهوم المطبق على أعالي البحار ينطبق أيضًا على أعالي البحار، لذلك يمكن لجميع الدول الطيران فوقها بحرياً. في الواقع، تعترف العمليات الدولية الآن بالسيادة الجوية للدولة على أراضيها ومياهها الإقليمية.

الاتفاقيات الدولية لتحديد الإقليم الجوي:

بعد الحرب العالمية الأولى والحرب العالمية الثانية توصل المجتمع الدولي إلى اتفاقيتين دوليتين تنظمان الملاحة الجوية وهما: اتفاقية باريس لعام 1919 واتفاقية شيكاغو لعام 1944.

أولاً- اتفاقية باريس:

وهي اتفاقية نشأت في عام 1919 وجاءت بعد الحرب العالمية الأولى، وتضم فيها مبادئ وهذه المبادئ هي:

  • السيادة الكاملة للبلاد: لأن الاتفاقية أقرّت مبدأ السيادة الوطنية على الأجواء فوق أراضيها. حيث جاء في نص المادة الأولى أن (لكل دولة سيادة مطلقة على الجو الذي على أراضيها).
  • حرية المرور: وفقًا لنص المادة 2، تلتزم الدول المتعاقدة بمنح حق المرور البريء عبر أراضيها لطائرات تابعة للدول المتعاقدة في الاتفاقية، لكنها لا تزال تنص على أن الطائرة يجب أن تحصل على تصريح مرور مقدمًا ويجب أن تكون في الممر الجوي الذي تحدده الدولة التي تمتلك المنطقة.
  • المساواة في المعاملة: وقد قررت الاتفاقية مبدأ المساواة في التعامل مابين الدول المتعاقدة؛ وذلك من دون تمييز أو تفرقة فيما بين طائرات الدول الأطراف في الاتفاقية.
  • الملاحة الداخلية: تحتفظ كل دولة متعاقدة فقط بحقوق الملاحة الجوية المحلية لمواطنيها.
  • تجنب منح حق المرور غير الضار إلى أي دولة أخرى ليست طرفًا في هذه الاتفاقية.

ثانياً- اتفاقية شيكاغو:

هذه الاتفاقية نشأت نتيجة التقدم التقني والتكنلوجي والفني في صناعة الطائرات وقد أنشئت بعام 1944 بعد الحرب العالمية الثانية. حيث كان لها الأثر الكبير في زيادة خطوط الاتصالات الجوية؛ نظرًا لما تتمتع به الطائرات من كفاءة عالية وحجم وسرعة فائقة. ممّا جعل الكثير من الدول تفكر في أعادة تنظيم الملاحة الجوية.

جاءت فكرة هذه الاتفاقية من الولايات المتحدة الأمريكية وهي مبادرة لعقد مؤتمر دولي في شيكاغو انتهى بتأسيس اتفاقية شيكاغو للطيران المدني عام 1944، حيث أكد المبدأ المتجسد في اتفاقية باريس لعام 1919، وهو سيطرة الدولة على الجو فوق الإقليم وطبقات الجو لها سيادة كاملة حيث تتمتع بحقوق متساوية.

ومع ذلك، فهذه الاتفاقية تتميز بضوابط جديدة فيما يتعلق بالطائرات الحربية التي تملكها دول الأطراف في هذه الاتفاقية. كما تم التوقيع على اتفاقيتين أخريين تنظمان الملاحة الجوية وهما اتفاقية العبور واتفاقية النقل الجوية. ملاحظة، هنا تمت مراجعة اتفاقية شيكاغو في عام 1984 لتشمل حماية جديدة للطائرات المدنية والركاب المسافرين من العمليات العسكرية وغيرها من المخاطر.


شارك المقالة: