هل يوفر القانون الدولي الإنساني الحماية للمهاجرين؟

اقرأ في هذا المقال


هل يوفر القانون الدولي الإنساني الحماية للمهاجرين؟

لطالما كانت الحرب الدولية أو الحرب الداخلية السبب الرئيسي لهجرة وتشريد أعداد كبيرة من الناس، حيث أدى التغيير الجوهري في طبيعة الصراع إلى اتساع نطاق الضرر الذي سببته الحرب في هذا الصدد، لا سيما انتشار الحرب الأهلية سواء كانت لأسباب عرقية أو لأسباب دينية، حيث أصبح ترحيل الأشخاص أحد الأهداف الأساسية من الحرب وليس فقط نتيجة الحرب النهائية.

منذ أكثر من ثمانين عامًا، قدم الرسام (رينيه مارجريت كرامر) وصفًا مؤثرًا للمشهد الرهيب لأزمة اللاجئين التي سببتها الحرب العالمية الثانية في القارة الأوروبية، حيث وصف الحال بأن “الأهل والأولاد، الزوج والزوجة، الإخوة والأخوات، تناثرت مثل الأوراق، حيث كان من الصعب الالتقاء ببعضهم البعض ضمن فوضى النزاع. وأن الحرب دفعهم إلى الذهاب شرق وغرب الأرض.

أظهرت الإحصاءات في ذلك الوقت أن ما يقرب من 50 مليون شخص فروا من منازلهم بسبب الحرب. وإذا أضفنا هذا الرقم إلى أسرى الحرب الذين لا يستطيعون العودة إلى ديارهم لأسباب سياسية وكذلك المعتقلين المدنيين والأشخاص المهاجرين من بلادهم وأولئك الذين فروا من معسكرات الإرهاب النازية المركزة والذين تم تهجيرهم بسبب أزمة الحرب، فسنجد أن العدد يتجاوز 70 مليون شخص، بمن فيهم أولئك الذين شردوا أو أجبروا على الفرار أو الذعر أو السجون بسبب القتال العنيف وبسبب هذه الأحداث نصفهم تقريبا لم يرجعوا الى وطنهم مرة أخرى.

في الوقت الراهن نعيش مشاهد مماثلة لهذه الأحداث السابقة، حيث رأينا جميعًا صورًا مفجعة للاجئين السوريين الذين لا يعرفون شيئًا عن حطام العالم وهم يسقطون في موجات مجهولة على ساحل أوروبا. وعندما نرى آلامهم ومعاناتهم، لا ينبغي لنا أن نغض الطرف عن العواقب الاقتصادية والاجتماعية والسياسية لهذه التحركات السكانية على البلد المضيف؛ لأن البلد المضيف يجب أن يتفاعل مع تدفق الناس بين عشية وضحاها. ومساعدة اللاجئين الذين يحتاجون إلى المساعدة بغض النظر عن أعمارهم فكل فئات المجتمع من لاجئين يجب مساعدتهم وتأمينهم العيش الكريم.

بعد حدوث الحرب العالمية الثانية، تبنى المجتمع الدولي مجموعة من الأدوات الخاصة المصممة لضمان حماية اللاجئين، كان أهمها الاتفاقية التي عُقدت بتاريخ 28 يوليو لعام 1951 الخاصة بوضع المهاجرين واللاجئين، حيث أنها توفر مجموعة من الصكوك الدولية لحماية حقوق الإنسان بشكل عام وحماية اللاجئين والمهاجرين والنازحين بشكل خاص. وإذا درسنا اتفاقيات جنيف وبروتوكولاتها الإضافية بعناية، فسنجد أنها تشير ببساطة إلى اللاجئين وعديمي الجنسية ولكن ليس على وجه التحديد إلى الأشخاص النازحين.

دور القانون الدولي الإنساني في حماية اللاجئين:

يعتبر اللاجئون والمشردون داخليًا هم مدنيون وبالتالي يتمتعون بالحماية بموجب جميع أحكام القانون الإنساني الدولي التي توفر الحماية للمدنيين في أوقات الحرب. والغرض الأساسي من القانون الدولي الإنساني هو منع طرد المدنيين من منازلهم وتوفر العديد من أحكام القانون الإنساني الدولي وخاصة اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 والبروتوكول الإضافي الأول لعام 1977، الحماية للمدنيين من الأعمال العدائية وخاصة مخاطر النزوح والهجرة من بلدانهم.

ينعم اللاجئ والنازح بحماية خاصة بموجب قواعد القانون الإنساني الدولي ويعتبرهم أشخاص مدنيين، لذلك، يحظر القانون الإنساني الدولي قتل المدنيين ومهاجمتهم بشكل عشوائي، أو الانتقام من المدنيين وارتكاب جرائم ضدهم أو التهديد باستخدام العنف لنشر الرعب بين المدنيين، حيث لا يجوز بأي حال من الأحوال أن تكون الأعيان المدنية أي الأشخاص الغير مقاتلين والغير عسكريين هدفاً للهجوم أو الانتقام، ويجب أن يقتصر الهجوم على الأهداف العسكرية فقط.

كما يُحظر القانون الإنساني الدولي استخدام تجويع السكان المدنيين كوسيلة من وسائل الحرب أو تدمير الأراضي الزراعية والمحاصيل ومنعهم من الماء ومنعهم من الأشياء التي لا يمكن الاستغناء عنها لبقاء السكان المدنيين على قيد الحياة. ويضمن القانون الدولي الإنساني حماية المدنيين الذين يُؤسرون تحت يد العدو، سواء بسبب وجودهم في أراضي العدو عند اندلاع الأعمال العدائية أو لأنهم يعيشون في الأراضي المحتلة.

في حالة الاحتلال، يحظر القانون الدولي الإنساني الإبعاد القسري للسكان المدنيين عن أراضيهم، بغض النظر عن الدافع، حيث أنه إذا لم يكن من الضروري إخلاء السكان لأسباب تتعلق بالأمن أو لأسباب عسكرية طارئة، فقد لا تؤدي عملية الإخلاء إلى تهجير الأشخاص المحميين، إلا داخل حدود الأراضي المحتلة، ما لم يكن ذلك مستحيلًا اقتصاديًا.


شارك المقالة: