ميزات قباب تلمسان:
إن القباب في مساجد تلمسان من العناصر التي يجب الوقوف عندها، رغم أن هذا العنصر كان شائع قبل إنشاء مساجد تلمسان، إلا أنها كانت تتميز بالابتكار المستحدث فيها إيان العهد المرابطي، فقد أنشأ المرابطون في المسجد الأعظم لهذه المدينة القبة المعرقة بواسطة الآجر، وطريقة بناء هذه القبة تمت عن طريق استحداث عنصر المقرنص المشكل بواسطة حنيات صغيرة صماء، ركبت بنمط التدرج المعقودة حتى أصبحت ذات جوفات مثلثة.
وقد وضع المقرنص فوق إفريز قاعدة القبة، وزع كما يلي: واحد في الركن واثنان في كل ضلع من أضلاع القبة، وبين كل حنية المقرنص، كما ثبتت القاعدة التي ينطلق منها ضلعان من أضلاع القبة، بحيث تكون بداية كل ضلع في جهة وينتهي عند الجهة المقابلة لها، وهكذا تشابكت ضلوع القبة حتى ارتسم شكل الطبق النجمي الذي بلغ مجموع أربعة وعشرون ضلعاً، وملئت الفراغات التي بين الضلوع بزخرفة الأرابيسك العربي.
كما تمتاز القباب الأخرى لمساجد تلمسان بتشكيلات معقدة من المقرنصات، شملت تقريباً كل المساجد بما فيها مساجد المغرب الأقصى، وإن كانت في الواقع قد ظهرت وانطلقت منها، وأماكن هذه القباب انحصر دائماً في البلاطة المركزية المواجهة للمحراب، وأحياناً في مداخل المساجد وأحياناً أخرى ينتهي بها سقف المحراب نفسه كما هو الشأن في محراب مسجد أبي مدين.
خصائص قباب مسجد تلمسان:
تقوم فكرة شكل حليات المقرنصات على ما يسمّى في الفن الإسلامي بالتشكيل الجزئي، أي أن شكل المقرنصات ذاتها تحتوي على حنيات مقعرة معقودة الأعلى ركبت بوضع التناوب، ويسمح شكلها المستدق من الأعلى على ملء أركان القبة بشكل مستدير، كما أنها عوضت القطع الآجرية التي لا تمنح للمعمار حرية التصرف لتشكيل بدن القبة المستدير القائم على مختلف السطوح ذي التعقيدات المختلفة من بروز التجويف.
غير أن الجديد في المقرنصات المغربية ومنها التلمسانية كونها ذات عدة وجوه أو سطوح، وبعبارة أوضح ذات أشكال منشورية متراكمة، وهكذا نلاحظ أن المرابطين كان لهم الفضل في ابتكار عنصر جديد استساغه كثير من الفنانين المعمارين لتشكيل قبابهم في مختلف العمائر، كما تركوا إرثاً تاريخياً لخلفائهم الموحدين الذين انغمسوا في فنون الزخرفة المعمارية بلا حدود.