تطورت عمارة عصر النهضة في بريطانيا وتحددت معالمها، ليس فقط نتيجة التقاليد الوطنية والتطور، لكن بشخصية وخبرة المهندسين المعماريين، حيث كلما ازدادت مقدرتهم وعظمتهم ونبوغهم كلما انعكس ذلك الأثر ليس على العمارة فقط، بل على المحيطين بهم، كما كان الأمر في إيطاليا حيث سيطر مايكل أنجلو وباليديو على الفن والفنانين، لهذا نرى أنه من الضروري أن ننظر إلى هؤلاء الرجال لا كمعماريين مصممين مشروعات حققت احتياجات ومطالب العملاء ولكن كرجال عمالقة موهوبين كرّسوا حياتهم لتسجيل آرائهم وأفكارهم في التصميم المعماري والفني، ومن أهم معماريون عصر النهضة في بريطانيا انجو جونز وسير كريستوفر رن.
انجو جونز:
إن التغيرات المفاجئة والتطورات السريعة التي طرأت على عمارة عصر النهضة في بريطانيا، وتلك الثروة المعمارية الضخمة العامة يرجع الفضل فيها إلى شخصية فذة وعبقرية ناردة انجو جونز (Ingo Jones)، فدراساته الطويلة العميقة لأعمال (باليديو) أثناء إقامته في إيطاليا، كذلك أبحاثه للمباني الرومانية التاريخية فيها انعكس أثره على أعماله في بريطانيا، وعلى ذلك يمكن القول بأن عصر النهضة في بريطانيا ما هو إلا انعكاس وترديد لأعمال باليديو التي سار على خطاها انجو جونز، ومن أهم أعماله: وايت هول في لندن (White Hall London)، وقصر الملكة في جرينش.
سير كريستوفر رن:
سير كريستوفر رن (Sir Christopher Wren)، كان الشخصية المعمارية الثانية بعد انجو جونز في هذا العصر، كريستوفر كان أستاذاً وعالماً في الرياضيات وفي الفلك، دراسته العلمية في أكسفورد أكسبته قوة ومقدرة، وتعادلت مع تأخره في دراسة العمارة والفنون، حيث لم يزوال هذه المهنية إلا مؤخراً في حياته، وعين في سنة 1662 ميلادي مساعداً في المكتب الهندسي الملكي بلندن.
كما تأثر انجو جونز بعمارة عصر النهضة في إيطاليا، تأثر أيضاً سير كريستوفر رن بعمارة عصر النهضة في فرنسا، حيث ذهب إلى باريس في عام 1665 ميلادي، أثناء تنفيذ قصر اللوفر في فرنسا، وتعرف على المهندسين والفانين الذين كانوا يعملون في باريس مثل (مانسادر)، ومن الغريب أنه لم يذهب إلى إيطاليا في حياته.
سير كريستوفر رن أعظم مهندس بريطاني في القرن السابع عشر، درس أولاً علم التشريح ثم الطبيعية والرياضة والفلك، كان صديقاً مخلصاً لإسحاق نيوتن ولم يتذوق الفن والعمارة إلا بعد سن الثلاثين من عمره، إن حريق لندن المشهور عام 1666 ميلادي أتاح له الفرصة إلى أن يمارس عمله وفنه في إعادة بناء كاتدرائية سانت بول وإعادة بناء مدينة الكنائس.
بالإضافة إلى القصور التي صممها وأنشأها في أحياء جرنيش و كورت، فإنه استُدعي لتصميم وبناء عدة مساكن صغيرة للعمال من الطبقة المتوسطة، والتي كانت هذه الطبقة في ذلك الوقت جزءاً مهماً من الحياة الاجتماعية في بريطانيا.