نظرية ذروة النفط وأثرها على البيئة

اقرأ في هذا المقال


ما هي ذروة النفط؟

هي عبارة عن النقطة الزمنية الدقيقة التي يصل فيها المنتج العالمي من النفط الخام إلى معدله الأقصى، وبعد هذه النقطة سيبدأ إنتاج النفط في الانخفاض تدريجياً، حيث تم تطوير نظرية ذروة النفط بواسطة إم كينج هوبرت الذي ادعى أن إنتاج النفط يتبع منحنى الجرس مع حدوث ذروة الإنتاج عندما يتم استخراج ما يقرب من نصف النفط. 

لماذا نشأت نظرية ذروة النفط؟

نشأت النظرية لأن النفط الخام هو مصدر طاقة غير متجدد ولا يمكننا تعدينه واستخدامه إلى أجل غير مسمى، وفي يوم من الأيام ستنفد الاحتياطيات المخبأة في أعماق سطح الأرض وسيتعين علينا إيجاد مصادر وقود بديلة، وبعد أن يصل النفط إلى يوم ذروة الإنتاج سيبدأ لاحقًا في الانخفاض، وفي النهاية احتياطياتنا من هذا الوقود الأحفوري الثمين مع استنفاده تمامًا يجعلنا نبحث عن بدائل أخرى لتشغيل منازلنا وقيادة سياراتنا على سبيل المثال.
لا يدعي أنصار نظرية ذروة النفط بالضرورة أن مصادر النفط التقليدية سوف تنفد على الفور، بل ترى النظرية أنه مع وصول إنتاج النفط القابل للاستخراج بسهولة إلى ذروته والانخفاض الحتمي (حتى في بعض المناطق الغنية سابقًا مثل المملكة العربية السعودية) من المرجح أن تظل أسعار النفط الخام مرتفعة بل وسترتفع أكثر بمرور الوقت خاصةً إذا كان المستقبل عالميًا.

ما هي مشاكل الاعتماد على النفط؟

إن النفط هو عبارة عن وقود أحفوري، وإنه مصدر غير متجدد للطاقة، مما يعني أن الإمدادات محدودة وأنه بمجرد نفادها سيتعين علينا إيجاد وسائل بديلة لتشغيل منازلنا وتدفئتها، وعلى الرغم من أنه يعمل بشكل جيد كمصدر للطاقة إلا أن هناك بعض المشاكل الكامنة في الاعتماد على النفط، وهم كما يلي:

  • يساهم في تغير المناخ: بشكل عام لأن الوقود الأحفوري يتكون من مواد عضوية قديمة فهو غني بثاني أكسيد الكربون بالإضافة إلى العديد من العناصر والمركبات الأخرى، وهذا يعني أنه عندما يتم حرقها فإنها تطلق ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي.
    وثاني أكسيد الكربون هو غاز من غازات الدفيئة، مما يعني أنه قد يحبس الحرارة من الشمس في الغلاف الجوي للأرض، والذي ساعد على مدى ملايين السنين الأرض على الازدهار، ومع ذلك نظرًا لأن المزيد من ثاني أكسيد الكربون يتم إطلاقه الآن في الغلاف الجوي فإن متوسط ​​درجات الحرارة في العالم آخذ في الارتفاع، مما يتسبب في مشاكل للإنسان والحيوان والنبات.
  • النفط مورد محدود: إذا بقينا معتمدين على النفط فسوف نجد يومًا ما أننا نفدنا تمامًا ولم يعد بإمكاننا تشغيل أي من سياراتنا، وخلال الفترة التي تسبق هذا اليوم سيزداد سعر النفط بشكل كبير مع زيادة الطلب وانخفاض العرض، وإذا لم نجد طرقًا بديلة للحفاظ على أنماط حياتنا الحالية فقد نواجه العديد من المشاكل بما في ذلك عدم القدرة على السفر ونقص وسائل الراحة التي اعتدنا عليها.
  • يمكن أن يكون استخراج النفط خطيرًا (تسرب النفط): عادةً يحتاج النفط في معظمه إلى التنقيب عن الأرض، مما يعني أن استخراجه يحمل معه عددًا من المخاطر على البيئة ككل، ولا يتم جمع كل النفط المحفور من أجله، وفي بعض الأحيان يمكن أن يتسرب إلى مجاري المياه ومن هناك إلى الأرض.
    كما أن الكائنات والنباتات الموجودة في هذه الطرق المائية حساسة للغاية للتغيرات في بيئتها الطبيعية، مما يعني أن انسكاب شيء سام مثل النفط في النهر أو في البحر يمكن أن يكون مميتًا لنسبة كبيرة من الأنواع التي تعيش هناك، وإلى جانب الحيوانات والحياة النباتية يمكن أن ينتهي البشر أيضًا بتناول النفط الذي يتسرب عن طريق الخطأ إلى أنظمة المياه – خاصة تلك التي تتغذى أيضًا على خزاناتنا.
  • يُحتمل أن يُهدد الحياة: يعد التنقيب عن النفط وأنواع الوقود الأحفوري الأخرى من أخطر الوظائف الموجودة هناك، ونظرًا لأن منصات النفط تنطلق من الشاطئ وعلى بعد أميال من الدعم والمساعدة في حالة حدوث حريق أو انفجار فإن الأشخاص الذين يعملون في الحفارة معرضون بشدة لخطر الموت واستنشاق الدخان وبعض مشاكل أخرى، وبالتالي فإن الاعتماد على النفط يعني أنه يتعين علينا تعريض حياة عمالنا للخطر كل يوم من أجل جمع هذا المورد الحيوي الذي له مثل هذا التأثير السلبي على البيئة.
  • مخاطر النقل والانسكاب: نظرًا لأنه غالبًا ما يتم جمع النفط في الخارج وكذلك في مواقع أخرى مختلفة في جميع أنحاء العالم فإنه يحتاج إلى النقل – أحيانًا عدة مئات من الأميال – للوصول إلى وجهته ليتم تكريره واستخدامه لاحقًا كوقود، حيث يعد نقل النفط أمرًا صعبًا ويمكن أن يزيد من مخاطر الانسكاب.
    كما يمكن أن يكون لانسكاب النفط تأثير مروع على الحيوانات والبيئة، وأحد أكثر أنواع الانسكاب شيوعًا هو ذلك في المحيط والذي لا يؤثر فقط على الأسماك والحيوانات المائية الأخرى بل يؤثر أيضًا على الطيور التي تصطاد على السطح، كما يمكن ايضًا أن يكون فراء هذه الحيوانات وريشها مغطى بالنفط الذي يصعب للغاية إخراجه.

ما هي الآثار المترتبة على نظرية ذروة النفط؟

منذ أن تم التفكير في نظرية “ذروة النفط” بدأ العديد من الناس في التنبؤ بموعد حدوث ذروة النفط بالضبط، حيث يمكن أن يكون لهذا تأثير كبير على الاقتصاد والبيئة، وفيما يلي بعض الآثار المترتبة على نظرية ذروة النفط:

  • الطلب على النفط: مع اقترابنا من يوم ذروة النفط سيشعر المزيد من الناس بأنهم مجبرون حقاً على تخزين نفط الأكوام حتى لا يفاجأوا عندما ينفد في النهاية، حيث يمكن أن يؤدي ذلك إلى تضخيم سعر النفط بشكل مصطنع حتى قبل وقوع الحدث، وهو الأمر الذي سيكون له آثار هائلة على بقية السوق.
  • البلدان الفقيرة سوف تعاني: إن البلدان الفقيرة التي تكافح من أجل توفير الطاقة لسكانها ستكون أول من يعاني عندما يبدأ النفط في النفاد، وعندما يبدأ السعر في التضخم مع العرض والطلب ستبدأ الدول الفقيرة في الكفاح من أجل أن تكون قادرة على تحمل ما يكفي من النفط لجميع أولئك الذين يعيشون هناك، حيث سيكون لهذا تأثير كبير في وقت لاحق على الخط.
  • انهيار الصناعة: مع انخفاض إنتاج النفط على مدى الأشهر والسنوات التي أعقبت ذروة النفط فإن الصناعة الموجودة حول إنتاج النفط ونقله وتكريره ستبدأ في الانهيار، وهذا يعني أن العديد من الأشخاص سيفقدون وظائفهم، وسيتم إغلاق العديد من المرافق وقد لا يتم شراؤها مرة أخرى مطلقًا، وسيتم إلغاء عدد كبير من مركبات النقل المتخصصة وغيرها من المعدات الأساسية إذا لم يكن من الممكن إعادة تدويرها
    إن صناعة النفط هي صناعة ضخمة ومؤثرة، وعندما تبدأ في النهاية في الانهيار فإنها ستترك فجوة كبيرة في السوق العالمية، مما سيتعين سدها بشيء آخر، حيث سيؤدي هذا إلى نوع من التحول في القوة لا يمكننا التنبؤ به.
  • تتوفر خيارات أخرى قليلة: نحن بحاجة إلى أن نكون قادرين على التجول سواء بالسيارة أو بالقطار أو بالحافلة أو بالطائرة، وحتى الآن لم يتم التفكير في أي بديل مناسب كوقود لأنماط النقل هذه، وبالنسبة لأولئك الذين هم في أمس الحاجة إلى السفر في جميع أنحاء البلاد أو العالم من أجل القيام بعملهم أو حتى رؤية أحبائهم يبدو أنه لا يوجد في الوقت الحالي بديل صالح للنفط – إلى أن نجد هذا البديل نحتاج إلى البدء في الحفاظ على استخدامنا للنفط والتحقيق في مصادر الوقود الأخرى التي تكون صديقة للبيئة.

شارك المقالة: