تتسم العمارة الفرنسية في عصر النهضة بطابع خاص قد يسمّى بالطابع الملكي، حيث أن الفنون بصفة عامة في هذه الفترة بالذات كانت تستخدم لإظهار شخصية الملوك وعظمتهم ومقدار قوتهم، مثل قصر فرسايل وقصر اللوفر وغيرها من الأمثلة التي تترجم هذه الحقيقة وتعبر عنها أصدق تعبير.
أصبحت فرنسا مملكة متحدة منذ فترات الرومانسك والقوطي، ومن باريس عاصمة فرنسا والمركز الرئيسي للبلاد امتد التأثير النهضي إلى جميع أجزاء البلاد، وأدى هذا الوضع الجغرافي إلى ظهور عمارة النهضة بصورة متطورة منتظمة ومنسجمة غير متنافرة، كالعمارة التي ظهرت في إيطاليا في هذه الفترة وأخذت طابعاً مستقلاً لكل ولاية شبه مستقلة، نظراً لبعد المسافة بين باريس وروما التي انبعث منها هذا الطراز، فقد تأخّر ظهوره وانتشاره في فرنسا ما يقارب 50 عاماً.
العوامل التي أثرت على عمارة النهضة الفرنسية
1- من الناحية المناخية:
حيث كان لطبيعية الحر في فرنسا تأثير فعلي على العمارة من حيث الحاجة إلى اتساع الفتحتات وزيادة ارتفاع القائم في الأسقف المائلة وارتفاعات المداخن، التي اختصت العمارة الفرنسية في عصر النهضة وميزتها عن العمارة في إيطاليا التي تعتبر مكان ولادة وانبعاث العمارة النهضية.
2- من الناحية الدينية:
فقد كان هناك عدد كبير من الكنائس القوطية، وشعر الناس بأنه لا حاجة إلى إنشاء كنائس أخرى، كما كان الأمر كذلك في إنجلترا، ويحدثنا التاريخ بأن حرب المائة عام بين فرنسا وإنجلترا نالت من مكانة فرنسا الفنية وساعدت على انكماش النشاط المعماري والفني، ومنذ عام 1558 ميلادي حتى نهاية القرن السادس عشر، دخلت البلاد في حروب دينية وهاجر الكثير من الحرفيين المهرة والفنانين إلى إنجلترا، وبنوا العديد من الكنائس لمذاهب الدينية.
3- من الناحية الاجتماعية:
كان الفرنسيون شديدين الولع بالآداب والفنون، كما كانوا حريصين على استدعاء كثير من الفنانين والمهندسين من إيطاليا، مثل لوناردو دافنشي وفينيولا، وغيرهم من الفنانين الإيطاليين الذي تتلمذ على يدهم الكثير من أبناء فرنسا من الفنانين والحرفيين المهرة، ظهرت بعد ذلك قوة ملوك عصر النهضة بصورة واضحة على ما أقاموه من منشئات من لويس الثامن 1610 ميلادي إلى لويس الرابع عشر 1774 ميلادي، حيث أنشأت قصور فرسايل واللوفر وغيرها، التي كانت مظهراً من مظاهر البذخ والترف في العمارة والفن.