سمات واجهات المساكن الجزائرية:
إن أهم ما يستدعي الانتباه في قصور مدينة الجزائر ومساكنها العامة أن واجهاتها تقع في الأزقة الضيقة بعيدة عن مواجهة الشوارع الكبرى، خاصة المتفرعة عنها عن الساحات العامة التي تكثر فيها الحركة، كالأسواق والمرافق العامة الأخرى، ولعل السبب في ذلك هو الخصوصية والابتعاد عن المواجهة وجعل أبواب المساكن في أزقة منزوية، ويعود إلى عدة أسباب يمكن ذكر بعض منها فيما يلي:
- الاحتياط من هجمات قواد الجيش الانكشاري على معقبي الفارين منهم.
- الامتثال للقيم الإسلامية التي أثّرت على السكان الذي وجهوا المدخل في اتجاه معاكس لحركة المارة.
- أضف إلى ذلك أن موضع المدينة المرفولوجية لم يسمح بتكوين شوارع مديدة، وبالتالي تكونت الشوارع بأشكال منكسرة، حيث ساعد ذلك تكوين مداخل بوضع يسمح بما يوصف بالتورية عن المارة.
- السماح للسكان بالمحافظة على الخصوصية التي لا يجب على أحد الاطّلاع عليها، وعدم السماح لأقصى حد ممكن للعامة من ملاحظة الموجودين في المسكن.
- ويمكن إضافة عامل آخر وهو تحويل واجهات المساكن عن التيار البحري المحاذي للمدينة، حتى لا يتعرض أهل المسكن لذلك التيار أثناء فصل الشتاء، وهو قوي إذا صاحبته الرياح.
ميزات واجهات المساكن الجزائرية:
تميزت واجهات المساكن الجزائرية في مدينة الجزائر بالبساطة وعدم الإتقان في غالبها، وذلك ليست من حيث الثراء الفني في مستوى منازل تونس والقاهرة، مثلاً كانت واجهاته تحتوي على الرخام، كما تعلوها ظلة أو تمودة بالعامية الجزائرية، مصنوعة من خشب الصلب الأرز أو العرعار، وقد أصبغت الكنة بالزخرفة النباتية المتطورة عن زخرفة الرقش العربية، كما أن وظيفة الظلة لا تقتصر على وقاية الداخل بالمؤثرات الطبيعية المختلفة بل تقي المنتظرين أمامه، وقد شكلت الضلة بنمط فني رائق زادتها بهاء تغطيتها بقراميد خضراء براقة.
إذا حاولنا عقد مقارنة ببعض الواجهات من البلاد العربية فنشير إلى ما تمتاز به واجهات منازل تونس وقصورها من البراعة في وضع العناصر الزخرفية على جدران المنازل بمختلف مواد الحجارة والرخام، وكذلك السنجات المزررة وهي بذلك لا تتوافر فيها الضلات مثل منازل الجزائر لتقيها من الشمس والمطر، كما أن واجهات مساكن مدينة الجزائر ليست فيها ما يلفت الانتباه إلا بعض النوافذ المتوسطة المسيجة بأعمدة الحديد المعالج فنياً ببراعة فائقة.