ما هو البحر الأسود؟
البحر الأسود هو بحر هامشي من المحيط الأطلسي يقع بين أوروبا وآسيا وشرق البلقان في جنوب شرق أوروبا وجنوب سهل أوروبا الشرقية في أوروبا الشرقية وغرب القوقاز وشمال الأناضول في غرب آسيا، حيث يتم توفيره عن طريق الأنهار الرئيسية، وخاصة نهر الدانوب ودنيبر ودون، كما تصب مستجمعات المياه في العديد من البلدان في البحر وراء الستة التي تشترك في الساحل.
جغرافية البحر الأسود:
يغطي البحر الأسود 436.400 كيلومتر مربع (168500 ميل مربع) (لا يشمل بحر آزوف)، وأقصى عمق يبلغ 2212 مترًا (7257 قدمًا) وحجم 547000 كيلومتر مكعب (131000 متر مكعب)، ممَّا يجعلها أكبر مسطح مائي داخلي في العالم، حيث تصعد معظم سواحلها بسرعة، وهذه المرتفعات هي جبال بونتيك في الجنوب باستثناء الجنوب الغربي المواجه لشبه الجزيرة وجبال القوقاز من الشرق وجبال القرم في منتصف الشمال، وفي الغرب يكون الساحل عمومًا عبارة عن سهول فيضانات صغيرة أسفل التلال مثل: (Strandzha)، رأس أمين وهو تضاؤل في الطرف الشرقي لجبال البلقان وهضبة دوبروجة إلى الشمال بشكل كبير.
كما أن أطول امتداد بين الشرق والغرب يبلغ حوالي 1175 كم (730 ميل)، وتشمل المدن المهمة على طول الساحل اسطنبول، أوديسا، فارنا، سامسون، سوتشي، سيفاستوبول، كونستانتا، طرابزون، نوفوروسيسك، بورغاس، باتومي، يحد البحر الأسود بلغاريا وجورجيا ورومانيا وروسيا وتركيا وأوكرانيا، ولديها توازن مائي إيجابي مع صافي تدفق سنوي يبلغ 300 كيلومتر مكعب (72 ميل مكعب) سنويًا عبر مضيق البوسفور والدردنيل في بحر إيجة ومثل المضيق التركي خارج البحر الأسود، تتدفق المياه بشكل عام في كلا الاتجاهين في وقت واحد.
كما تتدفق المياه الأكثر كثافة والأكثر ملوحة من بحر إيجة إلى البحر الأسود تحت المياه الأقل كثافة والأعذب المتدفقة من البحر الأسود، وهذا يكون طبقة كبيرة ودائمة من المياه العميقة التي لا تستنزف أو تختلط، وبالتالي فهي ناقصة الأوكسجين، وهذه الطبقة الخالية من الأكسجين مسؤولة عن الحفاظ على حطام السفن القديمة التي تم العثور عليها في البحر الأسود.
ويصب البحر الأسود في النهاية إلى البحر الأبيض المتوسط، عبر المضائق التركية وبحر إيجة، حيث يربطه مضيق البوسفور ببحر مرمرة الصغير الذي يرتبط بدوره ببحر إيجة عبر مضيق الدردنيل، وإلى الشمال يتصل البحر الأسود ببحر آزوف عن طريق مضيق كيرتش، فقد تغير مستوى المياه بشكل كبير على مر الزمن الجيولوجي، وبسبب هذه الاختلافات في مستوى المياه في الحوض، كان الجرف المحيط والمآزر المرتبطة به في بعض الأحيان أرضاً جافة.
وعند مستويات مياه حرجة ومعينة، يمكن إنشاء اتصالات مع المسطحات المائية المحيطة، ومن خلال أكثر الطرق الرابطة نشاطًا المضائق التركية وينضم البحر الأسود إلى محيط العالم، وخلال الفترات الجيولوجية التي لم يكن فيها هذا الارتباط الهيدرولوجي موجوداً، كان البحر الأسود حوضاً داخلياً يعمل بشكل مستقل عن نظام المحيط العالمي (على غرار بحر قزوين اليوم).
وحالياً مستوى مياه البحر الأسود مرتفع نسبياً، وهكذا يتم تبادل المياه مع البحر الأبيض المتوسط، وتربط المضائق التركية البحر الأسود ببحر إيجة وتضم البوسفور وبحر مرمرة والدردنيل، حيث أن نهر البحر الأسود تحت سطح البحر هو تيار من المياه المالحة بشكل خاص تتدفق عبر مضيق البوسفور وعلى طول قاع البحر في البحر الأسود، وهو الأول من نوعه الذي تم اكتشافه.
كما يتأثر التباين المناخي قصير المدى في منطقة البحر الأسود بشكل كبير بعمل تذبذب شمال الأطلسي والآليات المناخية الناتجة عن التفاعل بين الكتل الهوائية شمال الأطلسي والكتل الهوائية في منتصف العرض، وفي حين أن الآليات الدقيقة التي تسبب تذبذب شمال الأطلسي لا تزال غير واضحة، يُعتقد أن الظروف المناخية التي نشأت في أوروبا الغربية تتوسط في تدفق الحرارة وهطول الأمطار التي تصل إلى وسط أوروبا وأوراسيا، ممَّا ينظم تكوين الأعاصير الشتوية المسؤولة إلى حد كبير عن المنطقة مدخلات هطول الأمطار وتؤثر على درجات حرارة سطح البحر الأبيض المتوسط.
كما تحد القوة النسبية لهذه الأنظمة من كمية الهواء البارد القادم من المناطق الشمالية خلال فصل الشتاء، وتشمل العوامل المؤثرة الأخرى التضاريس الإقليمية، حيث يتم توجيه أنظمة المنخفضات والعواصف القادمة من البحر الأبيض المتوسط عبر الأراضي المنخفضة حول سلاسل جبال البوسفور والبونتيك والقوقاز التي تعمل كدليل موجي، ممَّا يحد من سرعة ومسارات الأعاصير التي تمر عبر المنطقة.
ينقسم البحر الأسود إلى حوضين ترسيبيين وهما غرب البحر الأسود وشرق البحر الأسود، ويفصل بينهما مرتفعات منتصف البحر الأسود، والتي تشمل أندروسوف ريدج وتيتيايف هاي وأرتشانجيلسكي المرتفعة الممتدة جنوباً من شبه جزيرة القرم، ويشتمل الحوض على حوضين مميزين للقوس الخلفي بدأهما انقسام القوس البركاني الألباني واندساس كل من المحيطين القديم والنيو تيثيس، لكن توقيت هذه الأحداث لا يزال غير مؤكد.
كما حدث بركاني القوس والتمدد عندما انغمس محيط نيو تيثيس تحت الهامش الجنوبي لوراسيا خلال حقبة الدهر الوسيط، وحدث تشوه في الارتفاع والضغط حيث استمر (Neotethys) في الإغلاق، فتشير المسوحات الزلزالية إلى أن التصدع بدأ في غرب البحر الأسود تلاه تكوين قشرة محيطية بعد 20 مليون سنة في سانتونيان، ومنذ بدايتها أدت البيئات التكتونية الانضغاطية إلى هبوط في الحوض، تتخللها أطوار ممتدة، ممَّا أدى إلى انتشار بركاني واسع النطاق والعديد من الجبال، وممَّا تسبب في ارتفاع سلاسل جبال القوقاز الكبرى وبونتيديس وشبه جزيرة القرم الجنوبية والبلقان.
يعد البحر الأسود أكبر مسطح مائي داخلي في العالم، وهو أكبر مسطح مائي في العالم مع حوض ميروميتيك، ولا تختلط المياه العميقة مع الطبقات العليا للمياه التي تتلقى الأكسجين من الغلاف الجوي، ونتيجة لذلك فإن أكثر من 90٪ من حجم أعماق البحر الأسود هي مياه ناقصة الأكسجين، ويتم التحكم في أنماط دوران البحر الأسود بشكل أساسي من خلال تضاريس الأحواض ومدخلات الأنهار، ممَّا يؤدي إلى بنية عمودية شديدة التقسيم، وبسبب التقسيم الطبقي الشديد ويتم تصنيفها على أنها مصب إسفين الملح.
يختبر البحر الأسود فقط نقل المياه مع البحر الأبيض المتوسط، لذلك تحدث جميع التدفقات الداخلة والخارجة في البوسفور والدردنيل، ويتميز التدفق القادم من البحر الأبيض المتوسط بدرجة ملوحة وكثافة أعلى من التدفق الخارج، ممَّا يخلق الدورة الدموية الكلاسيكية لمصب الأنهار، وهذا يعني أن تدفق المياه الكثيفة من البحر الأبيض المتوسط يحدث في قاع الحوض بينما يحدث تدفق المياه السطحية العذبة للبحر الأسود إلى بحر مرمرة بالقرب من السطح، والتدفق الخارج هو 16000 متر مكعب/ ثانية (حوالي 500 كيلومتر مكعب/ سنة) والتدفقات الداخلية 11000 متر مكعب/ ثانية (حوالي 350 كيلومتر مكعب/ سنة) حسب جريج (2002).
تقع العتبة الجنوبية لمضيق البوسفور عند -36.5 مترًا تحت مستوى سطح البحر الحالي (أعمق بقعة في المقطع العرضي الضحل في مضيق البوسفور، وتقع أمام قصر دولما بهجة) وتحتوي على منطقة رطبة تبلغ حوالي 38000 متر مربع، ويبلغ متوسط سرعات تيار التدفق الداخلي والخارجي حوالي 0.3 إلى 0.4 م / ث، ولكن توجد سرعات أعلى بكثير محلياً، ممَّا يؤدي إلى اضطراب كبير وقص عمودي.