ما هو النوع الساحلي من الصحاري الحارة؟
على الرغم من أن الصحاري الحارة بشكل عام تمتاز بمناخها القاري المتطرف، فإن الأجزاء الساحلية منها تتميز بأن أثر البحار يساعد على تلطيف مناخها من عدة جوانب، بحيث يمكننا أن نعتبر هذه الأجزاء نوعاً خاصاً من الصحاري الحارة، فهذا النوع الذي نطلق عليه اسم (النوع الساحلي)، وهو يحدث داخل أشرطة ضيقة من السواحل الغربية للصحاري الحارة في كل من أفريقيا وأمريكا الجنوبية وأستراليا، ومن أهم الصفات التي تمتاز بها الصحاري الساحلية الحارة ما يلي:
- انخفاض المدى السنوي لدرجة الحرارة انخفاضاً كبيراً عنه داخل الأجزاء الداخلية، فخلال فصل الصيف فمن النادر أن يرتفع معدل درجة الحرارة على الساحل في أي شهر من الشهور عن 20 درجة مئوية، كما يندر أيضاً أن ينخفض هذا المعدل من جهة أخرى في أي شهر من أشهر فصل الشتاء عن 15 درجة مئوية، ويعني ذلك أن المدى السنوي لدرجة الحرارة قليل ما يزيد على خمس درجات، مع العلم بأنه يرتفع في أغلب الأجزاء الداخلية إلى أكثر من عشرين درجة.
أمَّا المدى اليومي قليلاً ما يزيد على الساحل عن عشر درجات مقابل ثلاثين درجة أو أكثر في الداخل، وبينما نجد بأن درجة الحرارة من الممكن أن ترتفع في الداخل إلى 49 درجة مئوية تقريباً، ففي بعض أيام فصل الصيف نجد أنها لا ترتفع أبداً على 38 درجة مئوية في المناطق الساحلية، ومن الظواهر التي يجب أن نلاحظها هو وجود تيارات مائية تكون باردة تمر بجانب السواحل الغربية للصحاري الحارة، وهي تيار غرب أستراليا وتيار الكناريا وغيرها من التيارات.
خاصة إذا لاحظنا بأن الرياح التجارية التي تحدث داخل أماكن الصحاري الحارة تخرج بشكل عام من جهة اليابس فتعمل بشكل مستمر على دفع الطبقة العليا الدافئة نسبياً من مياه البحر بعيداً عن الشاطئ، وهذا يؤدي إلى كشف طبقات ثانية جديدة تكون أبرد نسبياً من الطبقات السطحية، وعند مقارنة درجات الحرارة في بعض المحطات التي تقع على طول بعض السواحل الصحراوية التي يكون امتدادها من الشمال إلى الجنوب فإن الفروقات بين هذه الدرجات لا تكون كبيرة، ممَّا يدل على أن تأثير البحر على درجة حرارة هذه السواحل يفوق كثيراً أثر الموقع بالنسبة لخط العرض.
ويمكننا أن نرى نفس هذه الظاهرة بوضوح كذلك إذا قمنا بالنظر إلى خريطة لخطوط الحرارة المتساوية، حيث نلاحظ أن هذه الخطوط تمتد بشكل موازي للساحل تقريباً لمسافات طويلة، لكن بينما نجد أن التباين في درجة الحرارة لا يكون كبيراً بين البلاد التي تكون واقعة على طول الساحل بهذا الشكل، فإن التباين يكون كبيراً جداً بين المحطات الساحلية والمحطات الثانية التي تقع في الداخل على نفس خط العرض تقريباً، وذلك بعد أن نأخذ في الاعتبار الفرق الذي ينتج عن أثر التضاريس. - الفرق الثاني يكون بين الصحاري الساحلية الحارة والصحاري الداخلية هو ارتفاع الرطوبة وكثرة الضباب في الفرق الأول بشكل واضح، حيث يعود السبب في ذلك إلى تأثير البحر على مناخ هذه السواحل، فمثلاً على ساحل خليج والفس الموجود في جنوب غرب أفريقيا يبلغ معدل الرطوبة النسبية في يناير (فصل الصيف) تقريباً (85%) وفي شهر يوليو تقريباً (77%)، كما تكون في رأس جوبى على ساحل الصحراء الكبرى المطل على المحيط الأطلسي تقريباً (82%) في شهر يناير ( فصل الشتاء) (91%) في شهر يوليو، أمَّا في الداخل فتقل الرطوبة كثيراً عن ذلك، ففي أسوان نجد أنها تكون تقريباً (46%) فقط في شهر يناير و(30%) في شهر يوليو.
يكثر الضباب في أغلب أيام العام على طول السواحل بل أنه يعتبر من الظاهرات الطبيعية التي تستمر في بعض الأماكن، ويلاحظ في أغلب الأماكن أن الضباب يزداد بشكل خاص خلال فصل الشتاء عنه في فصل الصيف، كما يزداد في أثناء الليل عنه في أثناء النهار، ذلك بالرغم من ازدياد عملية التبخر خلال فصل الصيف وكذلك في أثناء النهار تبعاً لارتفاع درجة الحرارة، ويعود السبب في ذلك بأن برودة اليابس خلال الشتاء وفي أثناء الليل تساعد على تكثف بخار الماء الذي يكون عالق بالهواء.
أما في فصل الصيف وفي أثناء النهار فإن ارتفاع درجات الحرارة في اليابس يساعد على تبديد الضباب بشكل أسرع كلما ابتعدنا عن الساحل باتجاه الداخل، حتى أنه لا يستطيع أن يدخل في اليابس إلا لمسافات معينة، فهو لا يتعدى السلاسل الجبلية في بيرو وشيلي كما لا يدخل في صحراء ناميبيا في جنوب غرب أفريقيا إلى أكثر من 100 كيلو متر.