عين زبيدة

اقرأ في هذا المقال


من هي زبيدة؟

زبيدة بنت جعفر وتدعى العُزَيّز بنت جعفر المنصور، الخليفة العباسيّ، وهي زوجة الخليفة العباسيهارون الرشيد وإبنة عمه، وأمّ الخليفة المأمون، كما سميت بذلك لبياض بشرتها، كما تتصف بالجاه والمال، وعرفت بأنها من أعظم النساء وأكثرهم ديناً وجمالاً وأصلاً وإحساناً، حيث مهّدت طريقاً للحجاج من بغداد إلى مكة، وقامت بإنشاء مرافق ومنافع في هذا الطريق ليستظل فيها حجاج بيت الله الحرام، كما تنسب إليها “عين زبيدة” في مكة، توفيت ودفنت في بغداد.

عين زبيدة:

عين زبيدة: هي عين تتصف بالمياه العذبة كما تتصف بغزارتها، أمرت بإنشائها الأميرة زبيدة بنت أبي الفضل جعفر بن أبي جعفر المنصور العباسي الهاشمي، وزبيدة هي زوجة هارون الرشيد حيث تتبع هذه العين إلى الهيئة العامة للأوقاف السعودية.

أسطورة عين زبيدة:

يعتقد الكثير من الناس أن عين زبيدة تمتد من العراق إلى مكة المكرمة، لكن في الحقيقة أن أصل هذه العين تصل من وادي نعمان في مكة المكرمة إلى الطائف، حيث أمرت السيدة زبيدة بإنشائها على يد أمهر المهندسين بعد قيامها بالحج عام 186 للهجرة، حيث قالت السيدة زبيدة: “اعمل ولو كلفتك ضربة الفأس ديناراً”.
كانت السيدة زبيدة تعلم بالصعوبات الكثيرة التي كانت تواجه الحجاج بسبب؛ نقص وشُح المياه في طريقهم لمكة المكرمة، فأمرت بجر قنوات مائية تتصل بمساقط مياه الأمطار، وقامت بشراء جميع الأراضي في الوادي، وأمرت بأن تُشقّ المياه في قنوات في الجبال، كما أقامت أقنية فرعية، منها عين ميمون وعين مشاش وعين الجرنيات وعين البرود وعين الزعفران وعين الطارقي وعين تقبة، التي جميعها تصبّ في القناة الرئيسية.
أمرت السيدة زبيدة بجرّ عين وادي نعمان إلى عرفة، ثم أمرت بأن تدار القناة على جبل الرحمة ليشرب منها الحجاج على شكل حنفيات حجرية، كما خصصت أماكن للوضوء، ثم تصبّ في بئر عظيمة مرصوفة بأحجار كبيرة جدًا تُسمّى (بئر زبيدة) في منطقة تُسمّى بمحبس الجن، إليها ينتهي امتداد هذه القناة العظيمة قناة عين زبيدة، كما بني سدٌّ لحجز تلك السيول، كما أنفقت السيدة زبيدة أموالها وجواهرها لتوفر للحجاج المياه العذبة والراحة وتحميهم من الموت، حيث يبلغ طول القناة ما يقارب ستة عشر كيلو متراً، حيث أُنفق على هذا المشروع ما يقارب 5,950 كيلو غرامًا من الذهب.

وقد وصف اليافعي عين السيدة زبيدة في أن آثارها باقية إلى وقتنا هذا وتشمل على عمارة عظيمة وعجيبة، وينزل الماء منها إلى مكان تحت الأرض عميق ذي أدراج كثيرة، ولظلمته يخاف أن ينزل فيه أحد.
نتيجة العوامل الطبيعية لقد تعرّضت عين زبيدة للإنقطاع بسبب؛ قلة الأمطار، حيث تعرّضت قنواتها للتخريب من السيول، وكان الخلفاء والسلاطين الذين تعاقبوا على الحكم في الأقطار الإسلامية يعملوا على إصلاح هذه العين.

عين زبيدة في عهد السلاطين:

قام العديد من الملوك والأمراء بإصلاح عين زبيدة منذ إنشائها حتى زمن السلطان سليمان القانوني، وفي زمن السلطان سليمان انقطعت عين زبيدة، حيث دُمرت قنواتها، حيث أصبح أهل البلاد يستسقون من الآبار، وكان الحجاج يحملون المياه إلى عرفات، ولما عُرضت أوضاع العين إلى السلطان، أمر بدراسة إعادة جريانها، فتكونت لجنة وقاضي مكة، إلى أن تمكّنوا من إعادة جريان المياه بتكلفة 50,000 ليرة عثمانية من الذهب.
ثم عيّن الأمير إبراهيم بن بردى بمصر لإنجاز هذه المهمة، فحضر إلى مكة، واستخدم من المملوكين أربعمائة مملوك وألف آخرون من العمال والبنّائين والمهندسين والحفّارين، وجلب من مصر ومن الشام وإسطنبول ومن واليمن المهندسين والمختصين بجرّ المياه وترتيب القنوات وكثير من الحجّارين والقطّاعين والنجارين والحدادين والبنائين.
كما حمل الأمير ابراهيم معه من مصر أعداد كبيرة من المساحي والمجاريف والحديد والرصاص والنحاس، فكان العمل يحتاج الجهد الكثير؛ لأنه يحتاج للحفر في الصوان لأكثر من خمسين ذراعاً، لكن صبر الأمير إبراهيم صبر أيوب، وكلما انتهى المصروف أرسل وطلب مصروفًا آخر، إلى أن دفع 500,000 ليرة عثمانية ذهبية، لكن وافاه الأجل قبل إنجاز هذه المهمة الصعبة.

ثم تولى الأمر من بعده أمير جدة فمات الآخر دون إنجازه، إلى أن أتمّ المهمة القاضي السيد حسين الحسني، حيث استغرق العمل حوالي عشرة أعوام كاملة.

عين زبيدة في العهد السعودي:

في عهد الملك عبد العزيز آل سعود أُنشئت إدارة خاصة لإدارة العين سُمّيت عين زبيدة، حيث تشرف على العين والآبار التابعة لها وترميمها، كما قام الشيخ عبد الله الدهلوي بأمر من الملك عبد العزيز باِعمار عين زبيدة لعدة أعوام، ثم بدأ توزيعها إلى أحياء مكة المكرمة، وكانت تُسمّى بالدبول، أي مجرى صغير للمياه، وكانت هنالك أماكن مخصصة تصبّ فيها هذه الدبول تُسمّى بالبازان، والبازان هو بئر عميق تصبّ فيه عين زبيدة ويسحب منه المياه عن طريق الدلو، ومن ثمَ يتم توزيعها على البيوت في أوانٍ خاصة تُسمّى الزفا يحملها الرجل على كتفه إلى البيوت.

استمرت هذه العين قوية وشامخة البناء لأكثر من 1200 عام، إلى أن استُعيض عنها بمياه البحار الناتجة عن محطات التحلية الضخمة؛ وذلك بسبب نقص المياه فيها وتدمير قنواتها بسبب التطوير العمراني في مكة المكرمة.

لوقتنا هذا الأبحاث والدراسات مستمرة للإنهاض بعين زبيدة، مع عدة جهات ذات علاقة بالثروة المائية في منطقة مكة المكرمة، منها مصلحة المياه بمكة ومركز المياه ومشروع مياه عين زبيدة ومحطة تحلية المياه في الشعيبة ومصنع مبرة خادم الحرمين الشريفين؛ وذلك بغرض الحصول على الوثائق وكافة المعلومات الخاصة بعين زبيدة ومشاريع ترميمها وصيانتها.



شارك المقالة: