دليل العالم الفرد واغنر من المناخ القديم:
إن العالِم ألفرد واغنر كان أخصائي مناخ بالخبرة، فقد اهتم بالمعلومات التي تخص المُناخ القديم؛ من أجل أن يدعم نظريته. وقد توّجت مجهوداته هذه بعثوره على دليل لِما يبدو أنه تغيّر هائل في المُناخ، فإن الرسوبيات الجليدية مثلاً قرب نهاية دهر الحياة القديمة بين (220 و 300 مليون سنة مضت)، لقد دلَّت على أن ملاءات جليدية قد غطَّت مساحات كبيرة وواسعة من نصف الكرة الجنوبي. كما قد وجدت طبقات من الرسوبيات الجليدية عند نفس المستوى الطبقي، حيث أنها موجودة في جنوب القارَّة الأفريقية وأمريكا الجنوبية والهند وأستراليا.
كما توجد أيضاً تحت هذه الرسوبيات خدوش وأثلام على الصُخور. وقد بيَّنت هذه الخدوش والأثلام في بعض المواقع أن الجليد قد تحرَّك من البحر إلى اليابسة. وكما تقع الآن معظم المناطق التي وجد بها الدليل الجليدي الأخير من دهر الحياة القديمة بين خط عرض 30 وخط الاستواء وذلك في مناخ قاري أو شبه قاري. فهل من الممكن أن الكرة الأرضية قد مرَّت بظروف باردة أدت إلى تكوين المجلدات القارية في المناطق الاستوائية الحالية؟ فإن العالم واغنر لم يقبل بهذا التفسير أبداً؛ لأنه من خلال نهاية دهر الحياة القديمة كانت هناك بحيرات كبيرة موجودة في المناطق القارية في نصف الكرة الشمالي، وهي المواقع التي نَمَتْ فيها الأشجار التي كوَّنت فيها بعد تراكمات الفحم في شرقي الولايات المتحدة وأوروبا وسيبيريا.
وكما اقترح واغنر بأنه من الممكن تفسير هذه الظاهرة، ذلك بإعادة تركيب الكتل القارية في قارة واحدة وإزاحتها قليلاً تجاه القطب الجنوبي. وهذا يكون كفيل بتهيئة الظروف اللازمة من أجل تكون الجليد فوق جلّ نصف الكرة الجنوبي. وفي نفس الوقت لقد تسببت هذه الحركة في تقريب الكتل الأرضية الشمالية من خط الاستواء، ووضعها في موقع مناسب؛ من أجل تكوين هذه الرواسب الفحمية الهائلة.
كيف تكوَّن الجليد في مناخ أستراليا الجاف والحار؟ وكيف استطاعت الحيوانات البرية الهجرة عبر المسافات الهائلة من مياه البحر؟ وبقدر ما كان هذا الدليل مقنعاً فلقد مرَّت خمسون سنة قبل أن يقبله المجتمع العلمي ويسلّم بالنتائج المقنعة التي أدى إليها.