أساليب البحث الجيومورفولوجي:
لم يتطوَّر الجُغرافيا على عكس الجيولوجيا، من حيث منهجية وأساليب دراسية خاصة بها، بل اعتمدت على مُساهمات العلوم الأخرى، التي أغنتها وزوَّدتها بالكثير من مواضيعها النظرية ونظرياتها وقوانينها الأساسية.
وركَّزت الجُغرافيا على تفعيل وترابط ما توصل إلى الاَخرون، وصولاً إلى محطة فكرية من نوع ما، كما تُفسّر التباين المكاني بين الأقاليم بعد أن تبرز الشخصية المكانية لكل منها. وتعتمد على مُعطيات نظرية تم التوصل إليها عن طريق اَخرون، بتفسير درجة التشابه المكاني. كما أن أصالة علم الجغرافيا تكمن في المقارنة، الربط والتفسير ،لا في الأسس النظرية.
كما يُمكن القول بأن أساليب الدراسة الجيومورفولوجية قد تطوَّرت عبر الزمن، بغض النظر عن موقعها الهيكلي. وتتراوح تفسير أشكال الأرض المشاهدة بين المُعطيات التقليدية والدينية، التي سادت حتى أواخر العصور الوسطى، ممثلة بمدرسة الكوارث الطبيعية في أوروبا، حين اعتمد الحُغرافيون المسلمون مثل: ابن سينا، إخوان الصفا، ابن خلدون، على الأسس العلمية في تفسير أشكال سطح الأرض، التي استمرَّت في تطوّرها مع التقدم العلمي والتكنولوجي، كما شقَّت طريقاً لها أثناء الثورة الصناعية والقرن السابع عشر وما تلاه.
ولو تجاوزنا المساهمات العلمية الكلاسيكية التقليدية وانتقلنا إلى الإنجازات التي أخذت مكانها ابتداء من نهاية القرن التاسع عشر وحتى الوقت الحالي، للاحظنا ما يلي:
- اعتمدت الكثير من الدراسات الاستنتاجية والافتراضية المبنية على الملاحظة الأولية والمشاهدة العامة.
- ركَّزت الدراسات الأولى على وصف أشكال الأرض بناء على أسس مُختلفة، منها الأساس الزمني التطوري حيث اقترح (ديفجز) دورة التعرية التي تُصنّف أشكال الأرض وفقاً لثلاثة مراحل زمنية (شيخوخة، شباب، نضج).
- كما وصف تطوّر المُنحدرات، بناءً على وصف أشكال سطح الأرض الحت السُفلي والحت التراجعي.
- كما وصف أشكال سطح الأرض أيضاً، بالربط مع الظروف المناخية ومُيّزت أشكال الأرض، بحسب الأقاليم المورفومناخية.
- تطوّر الوصف التقليدي إلى وصف قياسي علمي، من خلال إبراز الخصائص القياسية لأشكال الأرض. وكان هورتون وستريلير من روّاد هذا الاتجاه من خلال دراساتهم للأحواض المائية.
- تطوَّرت الدراسات الجُيومورفولوجية بصورة تدريجية من مرحلة القياس العلمي. وانتقلت إلى مرحلة مُتقدمة هدفت إلى مُعالجة البيانات المورفومترية المُتراكمة، من خلال تطبيق الأساليب الإحصائية.
- كما تم الاعتماد على النماذج المخبرية لمُتابعة وقياس أشكال سطح الأرض، عمليات تطوّرها ونشأتها.
- يمكن التأكيد على استمرارية الاهتمام بالجانب التطبيقي لعلم الجيومورفولوجيا واستخدام معطياته، في مسح إدارة الموارد الطبيعية، أيضاً إدارة الموارد الطبيعية والأحواض المائية واستعمالات الأراضي.