مدينة شنقيط الأثرية في موريتانيا

اقرأ في هذا المقال


نبذة عن مدينة شنقيط:

شنقيط هي مدينة في موريتانيا تقع إلى الشرق من ولاية أدرار، حيث تأسست في القرن الثاني الميلادي، وهي مدينة تاريخية عاشت قرونًا مزهرة قبل سقوطها ودُفنت بدلاً من مدينة شنقيط الحالية والتي تأسست عام 1262 للميلاد. أما عن أصل تسميتها بهذا الاسم فيرجع إلى البربر أو الأمازيغ، وهو يعني عين الحصان. وفي الماضي كانت نقطة البداية لقوافل الحجاج إلى مكة عبر مصروالسودان، وهذا هو أحد الأسباب التي عمقت العلاقات الثقافية مع الدول العربية والإسلامية.

كانت شنقيط نهضة علمية وثقافية، حيث ارتبط اسمها بجملة من الأحداث التي ظهرت منذ القرن العاشر الهجري، وهي نهضة ثقافية شاملة، لكن أهلها لم يهتموا بكتابة علمهم وتوثيقه وتأريخه. ظهرت شنقيط القديمة في عام 160 هـ/ 776 م ،وعاشت قرونًا ثم اختفت، لترتفع على أنقاضها مدينة شنقيط الحالية، بكنوزها التراثية المنسية وومضات حية تقاوم الظروف الصعبة وعزلة القات. كما تشير بعض المصادر إلى أن اسم شنقيط يرجع إلى نوع من الأواني الخزفية، وهي تكاليف تعويضات الشنقيط الشهيرة التي اشتهر بها ابن مؤسسها حبيب عبيدة، والذي حفر بئراً في هذا المكان خلال حملته، وهناك رواية أخرى تقول إن كلمة شنقيط أصلها “أمازيغي” وفي اللغة البربرية تعني عيون الحصان.

أهمية مدينة شنقيط الأثرية:

من قبيل الصدفة في نفس العام الذي أصبحت فيه شنقيط عاصمة المدينة الحالية صنفت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) المدينة كموقع للتراث العالمي، مما سلط الضوء على ماضيها الغني ومستقبلها المحفوف بالمخاطر. ومع ذلك لم تتحسن حظوظ شنقيط، حيث إنه وبعد عقد من الزمان أشار تقرير لليونسكو إلى أن تغير المناخ العالمي يؤدي إلى إحداث أضرار خطيرة للمنطقة، ومن هذه الأخطار حدوث الفيضانات الموسمية السريعة، والتي ستكون السبب في حدوث التعرية إلى جانب زيادة حدوث التصحر، مما يؤدي إلى زيادة العواصف الرملية المتكررة وزيادة معدلات التعرية؛ الأمر الذي يجعل العمال في شنقيط يتحملون مهمة عبثية تتمثل في ترطيب الرمال؛ وذلك بهدف منعها من الانهيار.

أهمية مدينة شنقيط:

تعتبر مدينة شنقيط المركز الرئيسي في غرب أفريقيا، والذي يختص في الدراسات الدينية والعلمية الإسلامية، وبالإضافة إلى ذلك فقد قامت مدارس شنقيط بتعليم طلابها كل ما يتعلق بعلوم الخطابة والقانون وعلم الفلك والرياضيات والطب. حيث كانت موريتانيا ولعصور طويلة تُعرف شعبياً في العالم العربي باسم بلاد شنقيط، كما أن هناك مصادر تقول أن شنقيط هي سابع أقدس مدينة في الإسلام، لكن لا يوجد اعتراف بهذا الادعاء خارج غرب إفريقيا. ولا تزال المدينة واحدة من أهم المواقع التاريخية في العالم من حيث تاريخ الإسلام وتاريخ غرب إفريقيا.

كما كانت شنقيط ذات يوم موطنًا لـ 20 ألف شخص، إلا أنها تضم ​​الآن بضعة آلاف فقط من السكان، الذين يعتمدون في الغالب على السياحة في معيشتهم. حيث إن هذا الموقع معزول ويصعب الوصول إليه؛ على الرغم من أنه يقع على بعد 65 ميلاً من مدينة أطار، ومع ذلك فهو أكثر المواقع السياحية زيارة في البلاد؛ حيث يعتبر مسجد شنقيط على نطاق واسع رمزا لموريتانيا. كما يحظر على الزوار غير المسلمين دخول المسجد، لكن يمكنهم مشاهدة النصوص القرآنية والعلمية الثمينة في مكتبات الحي القديم، والحصول على تجربة الضيافة البدوية التقليدية في محيط بسيط.

مركز شنقيط هو أحد المراكز التجارية الأربعة في العصور الوسطى، والتي تشرف عليها المؤسسة الوطنية الموريتانية للحفاظ على المدن القديمة، كما وافقت لجنة التراث العالمي التابعة للأمم المتحدة على خطط واسعة لإعادة تأهيل وترميم جميع الأقسام الأربعة للمركز، وشجعت موريتانيا على تقديم طلب مساعدة دولية للمشروع.

كما كان التصحر عملية مستمرة في موريتانيا لعدة قرون، كما أن لوحات الكهوف من العصر الحجري الحديث التي عثر عليها في ممر أموججار، والواقعة بين شنقيط وأطار تصور أرضًا عشبية خصبة تعج بالزرافات والظباء، ولكن اليوم هذا المشهد قاحل. حيث تقول ماي كاسار أستاذة التراث المستدام في كلية لندن الجامعية وأحد مؤلفي تقرير اليونسكو لعام 2006 حول تغير المناخ إن حل مشكلة التصحر يتطلب جهدًا مستدامًا باستخدام التقنيات المتقدمة.

تتوسع الصحراء جنوبًا بمعدل 30 ميلاً في السنة، حيث إن جزء من الأراضي الصحراوية المكتسبة مؤخرًا عبارة عن قطعة أرض مساحتها 260 فدانًا في شمال وسط موريتانيا، كما أن موطن قرية شنقيط والتي كانت ذات يوم مركزًا تجاريًا ودينيًا نابضًا بالحياة، حيث تتراكم الرمال في الممرات الضيقة بين المباني المتداعية، وفي أفنية المنازل المهجورة وبالقرب من المسجد الذي جذب الحجاج السنة منذ القرن الثالث عشر.


شارك المقالة: