ما هو نهر الفرات؟
نهر الفرات هو أطول نهر موجود في غرب آسيا وأحد أهم أنهار آسيا، حيث يكون جنباً إلى جنب مع نهر دجلة وهو أحد النهرين المحددين لبلاد ما بين النهرين (الأرض الواقعة بين النهرين)، وينبع نهر الفرات من المرتفعات الأرمنية في شرق تركيا، ويتدفق عبر سوريا والعراق لينضم إلى نهر دجلة في شط العرب الذي يصب في الخليج العربي.
يُقترح أن تكون الأشكال العيلامية والأكادية وربما السومرية من لغة ركيزة غير مسجلة، حيث يقترح تامازف جامكريليدزي وفياتشيسلاف إيفانوف أن أصل النحاس البدائي السومري بورودو (أورودو السومري) هو الأصل، ومع تفسير أن الفرات هو النهر الذي تم من خلاله نقل خام النحاس في أطواف؛ وذلك لأن بلاد ما بين النهرين كانت مركز النحاس علم المعادن خلال هذه الفترة، والاسم هو (Yeprat) في الأرمينية (Եփրատ) ،(Perat) في العبرية (פרת)، فرات باللغة التركية وفرات باللغة الكردية.
تأتي الإشارات المبكرة إلى نهر الفرات من النصوص المسمارية الموجودة في شروباك وما قبل سرجونيك نيبور في جنوب العراق ويعود تاريخها إلى منتصف الألفية الثالثة قبل الميلاد، وفي هذه النصوص المكتوبة باللغة السومرية يُطلق على نهر الفرات اسم بورانونا (logographic: UD.KIB.NUN)، حيث يمكن أيضاً كتابة الاسم (KIB.NA NNA) أو (dKIB.NUN)، حيث تشير البادئة (d) إلى أن النهر كان إلهاً، وباللغة السومرية تمت كتابة اسم مدينة سيبار في العراق الحديث (UD.KIB.NUN)، ممَّا يشير إلى علاقة تاريخية قوية بين المدينة والنهر.
ممر النهر:
يعد نهر الفرات أطول نهر في غرب آسيا، حيث ينبثق من التقاء كارا سو أو غرب الفرات (450 كيلومتراً (280 ميلاً)) ومورات سو أو شرق الفرات (650 كيلومتراً (400 ميل)) 10 كيلومترات (6.2 ميل) من مدينة كيبان في جنوب شرق تركيا، ووضع داودي وفرينكن طول نهر الفرات من منبع نهر مراد إلى نقطة التقاء نهر دجلة عند 3000 كيلومتر (1900 ميل) منها 1230 كيلومتراً (760 ميل) في تركيا، 710 كيلومترات (440 ميل) في سوريا و 1060 كيلومتراً (660 ميلاً) في العراق، حيث تم تقديم نفس الأرقام من قبل (Isaev) ،(Mikhailova) يبلغ طول شط العرب الذي يربط نهري دجلة والفرات بالخليج العربي 145–195 كيلومتراً (90–121 ميلاً).
يرتفع كل من كارا سو ومورات سو شمال غرب بحيرة فان على ارتفاعات تبلغ 3290 متراً (10.790 قدماً) و3520 متراً (11.550 قدماً) على التوالي، ففي موقع سد كيبان انخفض النهران اللذان تم دمجهما الآن في نهر الفرات إلى ارتفاع 693 متراً (2274 قدماً)، ومن كيبان إلى الحدود السورية التركية يسقط النهر 368 متراً أخرى (1207 قدماً) على مسافة أقل من 600 كيلومتر (370 ميل)، فبمجرد دخول نهر الفرات إلى سهول بلاد ما بين النهرين العليا تنخفض درجته بشكل كبير، وداخل سوريا ينخفض النهر 163 متراً (535 قدماً)، بينما يسقط النهر على الامتداد الأخير بين هيت وشط العرب 55 متراً (180 قدماً) فقط.
يتلقى نهر الفرات معظم مياهه على شكل أمطار وذوبان ثلوج، ممَّا يؤدي إلى ذروته خلال الأشهر من أبريل إلى مايو، حيث يمثل التصريف في هذين الشهرين 36 بالمائة من إجمالي التصريف السنوي لنهر الفرات أو حتى 60-70 بالمائة وفقاً لمصدر واحد، بينما يحدث الجريان السطحي المنخفض في الصيف والخريف، تم تحديد متوسط التدفق السنوي الطبيعي لنهر الفرات من سجلات أوائل ومنتصف القرن العشرين على أنه 20.9 كيلومتر مكعب (5.0 متر مكعب) في كيبان و36.6 كيلومتر مكعب (8.8 متر مكعب) في (Hīt) و21.5 كيلومتر مكعب (5.2 متر مكعب ميل) ) في الهندية، ومع ذلك فإن هذه المتوسطات تخفي التباين العالي بين السنوات في التصريف، وفي بيرسيك شمال الحدود السورية التركية مباشرة تم قياس التصريفات السنوية التي تراوحت من حجم منخفض يبلغ 15.3 كيلومتر مكعب (3.7 متر مكعب) في عام 1961 إلى ارتفاع يبلغ 42.7 كيلومتر مكعب (10.2 متر مكعب) في عام 1963.
لقد تغير نظام تصريف نهر الفرات بشكل كبير منذ بناء السدود الأولى في السبعينيات، حيث تُظهر البيانات الخاصة بتصريف نهر الفرات التي تم جمعها بعد عام 1990 تأثير بناء العديد من السدود في نهر الفرات وزيادة سحب المياه للري، وانخفض متوسط التفريغ في (Hīt) بعد عام 1990 إلى 356 متر مكعب (12600 قدم مكعب) في الثانية (11.2 كيلومتر مكعب (2.7 متر مكعب) في السنة) وتغيرت التغيرات الموسمية على قدم المساواة، فقد كان حجم الذروة قبل عام 1990 المسجل عند Hīt) 7510) متر مكعب (265000 قدم مكعب) في الثانية ، بينما بعد عام 1990 كان فقط 2،514 متر مكعب (88،800 قدم مكعب) في الثانية، كما ظل الحجم الأدنى عند (Hīt) دون تغيير نسبياً، حيث ارتفع من 55 متراً مكعباً (1900 قدم مكعب) في الثانية قبل عام 1990 إلى 58 متراً مكعباً (2000 قدم مكعب) في الثانية.
في سوريا ثلاثة أنهار تضيف مياهها إلى نهر الفرات وهي الساجور والبليخ والخابور، حيث ترتفع هذه الأنهار في سفوح جبال طوروس على طول الحدود السورية التركية وتضيف القليل من المياه إلى نهر الفرات والسجور هو أصغر هذه الروافد، والروافد الخارجة من مجريين بالقرب من غازي عنتاب وتجفيف السهل المحيط بمنبج قبل تصريفها في خزان سد تشرين، ويحصل البليخ على معظم مياهه من نبع كارستي بالقرب من عين العروس ويتدفق جنوباً حتى يصل نهر الفرات في مدينة الرقة، ومن حيث الطول وحوض الصرف والتصريف، فإن الخابور هو أكبر هذه الثلاثة، فتقع ينابيعها الكارستية الرئيسية حول رأس العين، حيث يتدفق الخابور جنوباً شرقياً بعد الحسكة، حيث يتجه النهر جنوباً ويصب في نهر الفرات بالقرب من البصيرة، وبمجرد دخول نهر الفرات إلى العراق لم يعد هناك روافد طبيعية لنهر الفرات على الرغم من وجود قنوات تربط حوض الفرات بحوض دجلة.
تغطي أحواض تصريف نهري كارا سو ونهر مراد مساحة 22000 كيلومتر مربع (8500 ميل مربع) و40 ألف كيلومتر مربع (15000 ميل مربع) على التوالي، حيث تختلف تقديرات مساحة حوض تصريف الفرات بشكل كبير، ومن مساحة منخفضة تبلغ 233 ألف كيلومتر مربع (90 ألف ميل مربع) إلى 766 ألف كيلومتر مربع (296 ألف ميل مربع)، فتشير التقديرات الأخيرة إلى أن مساحة الحوض تبلغ 388000 كيلومتر مربع (150.000 ميل مربع)، 444000 كيلومتر مربع (171000 ميل مربع) و579314 كيلومتراً مربعاً (223674 ميل مربع)، حيث يقع الجزء الأكبر من حوض الفرات في تركيا وسوريا والعراق، ووفقاً لكل من داودي وفرينكن تبلغ حصة تركيا 28 بالمائة وسوريا 17 بالمائة والعراق 40 بالمائة، كما يقدر إيزيف وميخائيلوفا النسب المئوية لحوض الصرف الموجود داخل تركيا وسوريا والعراق بنسبة 33 و20 و47 بالمائة على التوالي، وتقدر بعض المصادر أن ما يقرب من 15 بالمائة من حوض الصرف يقع داخل المملكة العربية السعودية، بينما يقع جزء صغير داخل حدود الكويت، أخيراً تشمل بعض المصادر الأردن أيضاً في حوض تصريف نهر الفرات، حيث يصب جزء صغير من الصحراء الشرقية (220 كيلومتر مربع (85 ميل مربع)) باتجاه الشرق بدلاً من الغرب.
تاريخ طبيعة النهر:
يتدفق نهر الفرات عبر عدد من مناطق الغطاء النباتي المتميزة، وعلى الرغم من أن الاحتلال البشري لآلاف السنين في معظم أجزاء حوض الفرات قد أدى إلى تدهور كبير في المناظر الطبيعية، إلا أن بقع الغطاء النباتي الأصلي لا تزال قائمة، حيث يُعد الانخفاض المطرد في هطول الأمطار السنوي من مصادر نهر الفرات باتجاه الخليج العربي محدداً قوياً للنباتات التي يمكن دعمها، كما يتدفق نهر الفرات في أعالي مناطقه عبر جبال جنوب شرق تركيا وسفوحها الجنوبية التي تدعم غابات زريك، حيث تشمل الأنواع النباتية في الأجزاء الرطبة من هذه المنطقة أنواعاً مختلفة من البلوط وأشجار الفستق والوردية (عائلة الورد / البرقوق).
الأجزاء الأكثر جفافاً في منطقة الغابات الجافة تدعم غابات البلوط الأقل كثافة والوردية، وهنا يمكن أيضاً العثور على المتغيرات البرية للعديد من الحبوب، بما في ذلك قمح إينكورن وقمح إمر والشوفان والجاودار، حيث تقع جنوب هذه المنطقة منطقة من نباتات السهوب والغابات المختلطة، وبين الرقة والحدود السورية العراقية يتدفق نهر الفرات عبر منظر طبيعي لسهوب، حيث تتميز هذه السهوب بأكسدة الشيح الأبيض (Artemisia herba-alba) و(Chenopodiaceae)، فعلى مر التاريخ تعرضت هذه المنطقة للرعي الجائر؛ بسبب ممارسة سكانها لرعي الأغنام والماعز، وفي جنوب شرق الحدود بين سوريا والعراق تبدأ صحراء حقيقية، ولا تدعم هذه المنطقة أي نباتات على الإطلاق أو جيوب صغيرة من (Chenopodiaceae) أو (Poa sinaica).
على الرغم من أنه لا يوجد شيء منه ينجو اليوم بسبب التدخل البشري، تشير الأبحاث إلى أن وادي الفرات كان من الممكن أن يدعم غابة نهرية، حيث تشمل الأنواع المميزة لهذا النوع من الغابات المستوي الشرقي وحور الفرات والطرفاء والرماد ونباتات الأراضي الرطبة المختلفة، ونقوش القصر الآشوري الحديث من الألفية الأولى قبل الميلاد تصور صيد الأسد والثيران في مناظر طبيعية خصبة، فقد أفاد الرحالة الأوروبيون في القرن السادس عشر إلى التاسع عشر في حوض الفرات السوري عن وفرة من الحيوانات التي تعيش في المنطقة، والتي أصبح الكثير منها نادراً أو حتى انقرض.