نهر كوياهوغا

اقرأ في هذا المقال


ما هو نهر كوياهوغا؟

نهر كوياهوغا هو نهر في الولايات المتحدة ويقع في شمال شرق أوهايو ويمر عبر مدينة كليفلاند ويغذي بحيرة إيري، ومع ظهور كليفلاند كمركز رئيسي للتصنيع تأثر النهر بشدة بالتلوث الصناعي لدرجة أنه اشتعلت فيه النيران 14 مرة على الأقل وأشهرها يوم 22 يونيو 1969، ممَّا ساعد على تحفيز الحركة البيئية الأمريكية، فمنذ ذلك الحين تم تنظيف النهر على نطاق واسع من خلال جهود حكومة مدينة كليفلاند ووكالة حماية البيئة في أوهايو (OEPA)، ففي عام 2019 أطلقت جمعية الحفاظ على الأنهار الأمريكية اسم نهر كوياهوغا على نهر كوياهوغا تكريما لـ 50 عاماً من النهضة البيئية.

يُعتقد أن اسم Cuyahoga) يعني (النهر المعوج) من اسم الموهوك كاياغاغا، على الرغم من أن الموهوك لم يكن موجوداً في المنطقة إلى جانب المستوطنين، لذلك من المستبعد جداً، وعادة ما يتم تعليم الأطفال في المنطقة أنها تأتي من كلمة سينيكا التي تعني (عظم الفك)، والمطابقة الوثيقة في لغة سينيكا هي (Gayó’ha’geh) والتي تعني (على ذقنك).

شكل النهر المعوج يشبه بشكل غامض عظم فك حيوان، فمن المحتمل أن يكون المستوطنون يرغبون في تسميتها بهذا، ولكن انتهى اسم “كوياهوغا” ليصبح أكثر انتشاراً وتولى علم أصول الكلام الشعبي، ممَّا خلق رابطاً عرضياً بين الاسمين لم يكن موجوداً في الواقع.

من المحتمل أن يكون الاسم مرتبطاً بكلمات لغة (Wyandot kaye’ska) و (hake’nya’a) والتي تُترجم تقريباً إلى (أرض صغيرة)، حيث يوجد خرائط مبكرة من عصر السيطرة الفرنسية على المنطقة عندما كانت وياندوت هي القبيلة الوحيدة هناك حدد النهر باسم “كوياهوغا”.

وهناك أيضاً احتمال أن يأتي الاسم من دمج كلمتين من كلمات لغة كايوغا إيروكوا (gihe: k) و (hoga ؛ Gihe’hoga) وتعني (نهر شجرة الدردار)، وبافتراض أن الاسم جاء من (Erie) في الأصل وليس (Wyandot) فإن (Cayuga) هي أقرب لغة باقية إلى (Erie)، وكانت سينيكا ذات يوم لهجة مختلفة من كايوغا، والتي يمكن القول إنها أقرب لكنها تحولت إلى لغة مختلفة تماماً خلال العصر الاستعماري.

ممر النهر:

بدأ مستجمعات المياه في كوياهوغا رحلتها لمسافة 100 ميل (160 كم) في هامبدن وأوهايو ، متدفقة جنوباً إلى ملتقى نهر كوياهوغا الشرقي ونهر كوياهوغا الغربي في بورتون، حيث يبدأ نهر كوياهوغا رسمياً، وتستمر في رحلتها التي تبلغ 84.9 ميلاً (136.6 كم) التي تتدفق جنوباً إلى أكرون وشلالات كوياهوغا، حيث تنعطف بحدة شمالاً وتتدفق عبر متنزه كوياهوغا فالي الوطني في مقاطعة ساميت الشمالية وجنوب مقاطعة كوياهوغا، ثم يتدفق عبر إندبندنس ووادي فيو ومرتفعات كوياهوغا ونيوبورج هايتس وكليفلاند إلى نهايته الشمالية ويصب في بحيرة إيري، كما يستنزف نهر كوياهوغا وروافده 813 ميلاً مربعاً (2110 كم 2) من الأرض في أجزاء من ست مقاطعات.

النهر هو تكوين جيولوجي حديث نسبيًا يتكون من تقدم وتراجع الصفائح الجليدية خلال العصر الجليدي الأخير، حيث تسبب التراجع الجليدي الأخير الذي حدث قبل 10000-12000 سنة في تغيرات في نمط الصرف بالقرب من أكرون، وقد تسبب هذا التغيير في النمط في تدفق كوياهوغا المتدفق جنوبا أصلا إلى الشمال، ومع تدفق التيارات المعكوسة حديثاً نحو بحيرة إيري شق النهر طريقه حول الحطام الجليدي الذي خلفه تراجع الغطاء الجليدي، ممَّا أدى إلى شكل (U) المتعرج للنهر، وامتدت هذه التعرجات على طول النهر (الذي كان 30 ميلاً فقط (50 كم) عند السفر مباشرة) إلى رحلة 100 ميل (160 كم) من منابعه إلى مصبه، ويتراوح عمق النهر (باستثناء ما هو مذكور أدناه) من 3 إلى 6 أقدام (1 إلى 2 م).

تاريخ النهر:

كان النهر أحد المعالم التي امتد على طولها خط معاهدة جرينفيل بداية من عام 1795 وفقاً لمعاهدة جرينفيل، التي أنهت حرب شمال غرب الهند في ولاية أوهايو لتصبح فعلياً الحدود الغربية للولايات المتحدة وبقيت لفترة وجيزة، ففي 22 يوليو 1796 وصل موسى كليفلاند وهو مساح مكلف باستكشاف محمية كونيتيكت الغربية إلى مصب كوياهوغا وحدد موقع مستوطنة هناك، والتي أصبحت مدينة كليفلاند.

لقد كان نهر كوياهوغا في بعض الأحيان خلال القرن العشرين أحد أكثر الأنهار تلوثاً في الولايات المتحدة، حيث كان الوصول من أكرون إلى كليفلاند خالياً من الأسماك، ووصفت ندوة جامعة ولاية كينت عام 1968 قسماً واحداً من النهر: من 1000 قدم (300 م) أسفل جسر هارفارد السفلي إلى جسر نيوبورج وساوث شور للسكك الحديدية، وتصبح القناة أوسع وأعمق ويتم التحكم في المستوى بواسطة بحيرة إيري.

عند المصب من جسر السكة الحديد إلى الميناء يتم الحفاظ على العمق ثابتاً عن طريق التجريف، ويتم الحفاظ على العرض من خلال التراكم على طول الضفتين، والسطح مغطى بطبقة زيتية بنية اللون تمت ملاحظتها عند المنبع حتى مياه الصرف الصحي للنبات الجنوبي، بالإضافة إلى ذلك يتم ملاحظة كميات كبيرة من الزيت الثقيل الأسود تطفو في البقع وأحياناً بسمك عدة بوصات بشكل متكرر.

عادة ما يتم التقاط الحطام والقمامة في هذه البقع، ممَّا يشكل فوضى عائمة قبيحة، كما أن  العمل اللاهوائي شائع لأن الأكسجين المذاب نادراً ما يزيد عن جزء من المليون، ويؤدي تصريف مياه التبريد إلى زيادة درجة الحرارة بمقدار 10 إلى 15 درجة فهرنهايت (5.6 إلى 8.3 درجة مئوية)، حيث أن السرعة لا تذكر وتتراكم الحمأة في القاع.

الحياة الحيوانية غير موجودة، حيث توجد الطحالب (Oscillatoria) فقط تنمو على طول الأرصفة فوق خط المياه، ويتغير اللون من البني الرمادي إلى البني الصدئ مع تقدم النهر في اتجاه مجرى النهر، كما تكون الشفافية أقل من 0.5 قدم (0.15 م) في هذا المدى وهذا الامتداد بأكمله ملوث للغاية، وتم الإبلاغ عن ما لا يقل عن 13 حريقاً في نهر كوياهوغا وحدث أولها في عام 1868، ممَّا تسبب حريق النهر الأكبر في عام 1952 في أضرار تزيد على مليون دولار (10) للقوارب وجسر ومبنى مكاتب على ضفة النهر.

بدأت الأمور تتغير في أواخر الستينيات عندما حشد رئيس البلدية الجديد كارل ستوكس ومدير المرافق العامة الناخبين للموافقة على سند بقيمة 100 مليون دولار لإعادة تأهيل أنهار كليفلاند، ثم اغتنم العمدة فرصة اندلاع حريق في نهر 22 يونيو 1969؛ بسبب شرارة من عربة سكة حديد مارة أشعلت بقعة نفطية لجلب المراسلين إلى النهر للفت الانتباه إلى هذه القضية، وتسبب حريق عام 1969 في أضرار تقدر بنحو 50000 دولار معظمها لجسر سكة حديد مجاور، ولكن على الرغم من جهود رئيس البلدية ستوكس لم يُعطَ الحادث اهتماماً كبيراً في البداية، ولم يتم اعتباره قصة إخبارية رئيسية في وسائل الإعلام في كليفلاند.

ومع ذلك سرعان ما حظي الحادث باهتمام مجلة تايم التي استخدمت صورة درامية لحريق عام 1952 الأكبر في مقال عن تلوث الممرات المائية الأمريكية، حيث وصف المقال نهر كوياهوغا بأنه النهر الذي (ينضح بدلاً من التدفق) والذي فيه الشخص (لا يغرق بل يتحلل) وسرد أنهاراً أخرى شديدة التلوث عبر البلاد، ولا توجد صور معروفة لحريق عام 1969، حيث لم تصل وسائل الإعلام المحلية إلى مكان الحادث إلا بعد السيطرة على الحريق.

أطلق المقال قسم البيئة الجديد في (Time) واكتسب عدداً كبيراً من القراء ليس فقط من حيث الجدارة ولكن لأن نفس العدد تضمن تغطية لرواد الفضاء نيل أرمسترونج وباز ألدرين، وهبطوا على سطح القمر في الأسبوع السابق في مهمة أبولو 11 والسناتور تيد كينيدي على غلاف قصة عن حادثة تشاباكويديك التي غرق فيها راكب كينيدي للسيارات وماري جو كوبيتشين.

ساعد حريق نهر كوياهوغا عام 1969 على تحفيز الانهيار الجليدي لأنشطة التحكم في تلوث المياه، ممَّا أدى إلى قانون المياه النظيفة واتفاقية جودة مياه البحيرات العظمى، وإنشاء وكالة حماية البيئة الفيدرالية (EPA) ووكالة حماية البيئة في أوهايو (OEPA). أدلى العمدة ستوكس بشهادته أمام الكونجرس حول كفاحه وغيره من المدن الكبرى الكبرى مع الصناعات الملوثة لاستعادة الصحة البيئية لمجتمعاتهم.

نتيجة لذلك حظيت مصادر التلوث الكبيرة في كوياهوغا باهتمام كبير من (OEPA) في العقود اللاحقة، حيث يشار إلى هذه الأحداث في أغنية راندي نيومان لعام 1972 (Burn On) وأغنية (R.E.M) لعام 1986 (Cuyahoga) وأغنية (Adam Again) لعام 1992 (River on Fire)، وقامت شركة (Great Lakes Brewing Company) في كليفلاند بتسمية (Burning River Pale Ale) بعد الحدث.

في كانون الأول (ديسمبر) 1970 بدأت هيئة المحلفين الفيدرالية الكبرى تحقيقاً بقيادة المدعي الأمريكي روبرت جونز، في تلوث المياه الذي يُزعم أنه تسبب فيه حوالي 12 شركة في شمال شرق أوهايو، وكان أول تحقيق لهيئة المحلفين الكبرى في تلوث المياه في المنطقة، حيث قدم المدعي العام للولايات المتحدة جون إن ميتشل مؤتمراً صحفياً في 18 ديسمبر 1970 يشير إلى دعوى جديدة لمكافحة التلوث مع إشارة خاصة للعمل مع وكالة حماية البيئة الجديدة، والإعلان عن رفع دعوى قضائية في ذلك الصباح ضد شركة جونز ولوفلين للصلب؛ لتصريف كميات كبيرة من السيانيد في نهر كوياهوغا بالقرب من كليفلاند، كما رفع جونز تهم الجنحة في محكمة المقاطعة مدعياً حدوث انتهاكات لقانون الأنهار والمرافئ لعام 1899، وكانت هناك عدة دعاوى أخرى رفعها جونز. 

المصدر: علاء المختار/أساسيات الجغرافيا الطبيعية/2011.علي احمد غانم/الجغرافيا المناخية/2003.يحيى الحكمي/الجغرافيا الطبيعية/2012.محمد صبرى محسوب/مبادئ الجغرافيا المناخية والحيوية/2007.


شارك المقالة: