الأمثال هي عبارات تحوي بين طياتها مغزىً، وتحمل في كلماتها_ على قلتها_ العظة والفائدة، والإيجاز من غير حشو أو إطالة هو أهم مميزات الأمثال، مع عمق في المعنى وكثافة في الفكرة، وقد توارثتها الأمم مشافهةً من جيل إلى آخر، والمثل عبارة محكمة البنية بليغة العبارة، شائع استعمالها عند طبقات المجتمع كافة، وإذ يلخّص المثل حكاية عناء سابق وخبرة غابرة اختبرتها الجماعة، فقد حظي عند الناس بثقة تامة، فصدّقوه ذلك أنّه يُهتدى به في حلّ مشكلة قائمة بخبرة مكتسبة من معضلة قديمة، وتلك المعضلة القديمة آلت إلى عبرة لا تُنسى، وقد قيلت هذه العبرة في جملة موجزةٍ قد تُغني عن رواية ما جرى هي الأمثال، وفيما يلي بين يدينا مثل عربي مشهور هو: “أجسر من قاتل عقبة”.
فيم يضرب مثل: “أجسر من قاتل عقبة”؟
تراثنا العربي ذو حظ وافر بما يحويه من حكم وأمثال، فها نحن نجد أبياتًا من الشعر تضمّ بين حنايا حروفها الحكمة والعبرة، فصارت أمثالًا شائعة مشهورة، وللأمثال على الأغلب حكاية هي البذرة التي قادت إلى أن يُقال فيها المثل، ومثل: “أجسُر مِن قاتل عقبة” ، من الأمثال العربية القديمة، و هو يُضرب في الإنسان الجسور، والذي يفعل ما يريد جهارًا نهارًا.
قصة مثل: “أجسر من قاتل عقبة”
أمّا عقبة فقد روى أبو عمرو القعيني إذ قال: “إنّ عقبة هو: عقبة بن سلم من بني هناءة من أهل اليمن، صاحب دار عقبة بالبصرة، وكان أبو جعفر وجهه إلى البحرين وكان على البحرين ربيعة، فقتل ربيعة قتلًا فاحشًا”، ثمّ قال: “فانضمّ إليه رجل من عبد القيس، فما زال معه سنوات، وعزل عقبة فعاد إلى بغداد، وارتحل العبدي برفقته، فكان عقبة واقفًا على باب المهدي، بعد وفاة أبي جعفر، فشدّ عليه العبدي بسكين فضربه بها في بطنه، فمات عقبة.
ثم إن العبدي أُخذ، فأُدخل على الخليفة المهدي، فقال : ما الذي دفعك إلى ما فعلت؟ فقال: إنّه قتل قومي، وقد ظفرت به أكثر من مرّة، غير أنّي أحببت أن يكون أمره ظاهرًا، حتى يعلم الناس أنّي أدركت ثأري منه، فقال المهدي: إنّ مثلك لجدير أن يُستبقى، ولكن أكره أن يجترئ الناس على القوَّاد، فأمر به فضُربت عنقه.
